ربما تكون الضرائب على السجائر أحد أكثر الضرائب إثارة للجدل وأقلها شعبية فى مصر، أكبر مستهلك للتبغ فى العالم العربى، حتى أن قرارا برفع الضريبة على مبيعات السجائر فى ديسمبر 2012 تم التراجع عنه من قبل رئيس الجمهورية وقتها، محمد مرسى، ولم يمر إلا بعد رحيل مرسى نفسه فى يوليو 2014. الحكومة تبرر الضريبة على مبيعات السجائر بمطالب منظمة الصحة العالمية بفرض ضرائب على السجائر والتبغ، كسلع ضارة بالصحة، إلا أن قرار زيادة الضريبة فى 2014 كان يستند فى الأساس على رؤية صندوق النقد الدولى الذى يهتم بتأثير الضريبة الإيجابى على الإيرادات الضريبية للدولة، لا صحة مواطنيها. وفى عهد مرسى كان الصندوق يخوض مفاوضات مع الحكومة المصرية حول تسهيل ائتمانى كان من ضمن شروطه رفع ضريبة المبيعات على عدد من السلع. ووفقا لبيانات وزارة المالية فإيراد الضرائب على السجائر بلغ 15.6 مليار جنيه فى ال 8 أشهر الاولى من العام المالى الحالى، بارتفاع 23% مقارنة بنفس الفترة من العام المالى الماضى. ويقول حسن عبدالله، رئيس قسم البحوث والسياسات الضريبية فى مصلحة الضرائب، إن التجربة المصرية فى فرض الضرائب على التبغ والسجائر تعد أحد أفضل التجارب من وجهة نظر منظمة الصحة العالمية من حيث معدلات الضريبة، والتى تدعمها المنظمة بسبب آثرها على تخفيض عدد المدخنين. وأيدت منظمة الصحة العالمية قرار الحكومة فى فبراير الماضى برفع الضرائب على مبيعات السجائر. وكان هانى قدرى دميان، وزير المالية، قد قرر توجيه ما بين 1.6 إلى 1.7 مليار جنيه لقطاع التأمين الصحى من الزيادة المتوقعة فى إيراد الضريبة، والتى تتراوح بين 5 و5.5 مليار جنيه سنويا، إلا أنه تراجع عن قراره «حتى لا يتأثر الإنفاق على برامج الرعاية الصحية بأى تذبذب أو انخفاض فى حصيلة الضرائب على السجائر» تبعا لبيان لوزارة المالية. إلا أن دميان أبقى على قرار زيادة مخصصات هيئة التأمين الصحى، بنفس الرقم، على أن يتم ذلك عبر الموازنة العامة للدولة. وأوصت دراسة «اقتصاديات ضرائب التبغ فى مصر» الصادرة عن مؤسسة بلومبرج الخيرية بتخصيص جزء من عائدات رفع ضرائب السجائر والتبغ لبرامج استهداف الفقر وبرامج التوقف عن تعاطى التبغ والوقاية منه وغيرها من الجهود المبذولة لتعزيز الصحة التى تستهدف الفئات المحرومة اقتصاديا. إلا أن الوضع حاليا غير ذلك «الأمر يقتصر على رسوم تبلغ بضعة قروش على كل علبة سجائر توجه مباشرة لهيئة التأمين الصحى خارج المعدلات المقررة كضرائب» حسبما يوضح عبدالله. ويقول علاء غنام، مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن استمرار رفع الضرائب على السجائر دون توجيه حصيلتها مباشرة لتحسين أوضاع قطاع الصحة قد لا يتضمن بالضرورة تخفيض لمخاطر التدخين على الصحة العامة. «التبغ والسجائر ضمن السلع التى لا تتميز بمرونة فى الطلب، وعادة ما يؤدى رفع اسعار السجائر والتبغ إلى تراجع طفيف فى معدلات تدخين الشباب فقط بعكس الفئات الأكبر سنا التى تميل (فى حالات رفع سعر السجائر) إلى تخفيض الإنفاق الأسرى على سلع وخدمات أخرى لصالخ التبغ». وتقول دراسة عن اقتصاديات ضرائب التبغ فى مصر «إن مرونة الطلب الكلية للسعر تبلغ 0.397 بما يعنى ان كل زيادة ب 10% فى الأسعار سوف تؤدى إلى خفض تعاطى التبغ بنسبة 4%». ويشير غنام فى هذا السياق إلى أن مصر تتجه إلى بلوغ الحد الأقصى لسعر الضريبة على السجائر تبعا لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة آثار التدخين التى انضمت إليها مصر فى 2005. «يتراوح الحد الاقصى لسعر الضريبة بين 70 و80% من سعر العلبة الأصلى» كما يقول غنام موضحا إنه «من الضرورى عدم تجاوز هذا الحد حفاظا على صناعة التبغ والسجائر على الرغم من الأضرار الصحية للتدخين». ويوصى البنك الدولى بفرض ضرائب على السجائر تتراوح بين ثلثى سعر السلعة الأصلى وأربعة أخماس هذا السعر. وفى العام 2006 حلت مصر فى المرتبة الرابعة بين بلدان إقليم شرق المتوسط من حيث الضريبة كنسبة من السعر، بعد ثلاثة دول كلها ضمن الدول مرتفعة الدخل هى الكويت والبحرين وقطر على الرغم من أنها حلت الأخيرة من حيث سعر السجائر نفسها.