رغم أن الهدوء كان سيد الموقف خلال ندوة «السينما الفلسطينية بين الوطن والغربة» التى عقدت على هامش مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى فى دورته ال25، فإنها كشفت عن قضايا ساخنة تميز حركة السينما الفلسطينية فى ظل الاحتلال الإسرائيلى. الندوة التى أدارتها الناقدة خيرية البشلاوى، رئيس المهرجان، وحضرها السيناريست ممدوح الليثى، والمخرجان توفيق صالح، ومحمد خان، وعدد كبير من الكتاب والنقاد، تحدث فيها نيابة عن الوفد الفلسطينى المخرج رشيد مشهراوى، الذى يعرض له مع المخرج آن مارى جاسير فى المسابقة الرسمية فيلميهما «عيد ميلاد ليلى»، و»ملح هذا البحر». وبدأ مشهراوى حديثه قائلا: السينما الفلسطينية تشبه كثيرا حال الشعب الفلسطينى، فهناك 9 ملايين فلسطينى فى العالم نصفهم يعيش فى فلسطين، والنصف الآخر فى المنفى، وأقول منفى لأنهم لم يختاروا البلد الذى يعيشون فيه، والسينما الفلسطينية تشبه الحالة الفلسطينية، لأن الفلسطينى الذى يولد فى أمريكا أو أوروبا أو أى بلد آخر يبقى فلسطينيا، وسيظل كذلك لذا إذا قدم فيلما سينمائيا سيكون فيلما فلسطينيا. وأضاف: لا يجب أن نربط السينما الفلسطينية جغرافيا بفلسطين لعدة أسباب أهمها أننا فى فلسطين لا نملك إمكانيات مادية أو تقنية لتنفيذ حتى أفلام متواضعة، كما أننا لا يوجد لدينا دور عرض تشجع على الإنتاج مره أخرى، ففلسطين كاملة لا يوجد بها سوى دار عرض واحدة، لذلك أقول إن جمهور السينما الفلسطينية خارج فلسطين وليس بداخلها. وأكد مشهراوى أن السينما الفلسطينية قادرة على مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية لأننا دائما نملك الوثيقة، فنحن نصور أفلامنا بطريقة تشبه أكثر الأفلام الوثائقية، فنستعين كثيرا بمشاهد حقيقية تظهر أوجاعنا من الاحتلال. وعن سبب استعانتهم فى إنتاج أفلامهم بتمويل أوروبى بل وفى بعض الأحيان إسرائيلى، قال مشهراوى: الفيلم تتحدد هويته من خلال مخرجه وليس من خلال جهة الإنتاج أو الجهة الممولة له، والأزمة لدينا اننا لم نرث السينما من جيل سابق، لأن السينما الفلسطينية تخسر لعدم وجود سوق لعرض إنتاجها وبالتالى فهى لا تحصل على إيرادات لتستمر عملية الإنتاج، لذلك نحن مجبرون على التعامل مع العالم الخارجى ليمول الأفلام الفلسطينية. وشدد على أن التمويل الأجنبى لا يفرض علينا كعرب العمل وفق سياسة محددة، ولكن هذا لا ينفى أن هناك بعض الاشخاص يتطوعون بتقديم تنازلات ليسوا مطالبين بها فقط ليؤكدوا على ولائهم للغرب، وأن فكرهم غربى، مشيرا إلى أنه يسعى حاليا لإنتاج مشترك عربى عربى، بعد نجاحه فى تجارب الإنتاج المشترك مع تونس، والمغرب، مشيرا إلى أنه يتمنى أن يكرر نفس التجربة مع سينمائيين مصريين. وفيما يتعلق بعرض بعض الأفلام الفلسطينية فى المهرجانات العالمية تحت اسم إسرائيل، قال: نحن فى حاجة إلى تصحيح المفاهيم، فقد حاربنا هذه الظاهرة ونجحنا فى أن تعرض أفلامنا تحت اسم فلسطين، حتى أننا من خلال أفلامنا نصر على إظهار إسرائيل بوجهها الحقيقى باعتبارها دولة احتلال. وشدد مشهراوى على أن السينما الفلسطينية حاليا ليست فى حاجة إلى الدعم الإسرائيلى،، مؤكدا أن من يحصلون على هذا الدعم الآن هم فئة قليلة لا تتجاوز أربعة أفراد يقدمون فى المقابل تنازلات لإسرائيل. وحول ما إذا كانت الأفلام الفلسطينية تواجه عقبات مع الجهات الرقابية أوضح: نحن فى فلسطين محظوظون جدا لأنه لا توجد لدينا رقابة على الأفلام، وأيضا لا توجد رقابة إسرائيلية على أفلامنا، ولا أحد يعرف ماذا نصور إلا عندما ينتهى الفيلم ونعرضه، فنحن نصور أفلامنا خلسة، وفى بعض الأحيان نذهب إلى جهات فلسطينية لتساعدنا فى تصوير فيلم أو لنحصل منها على دعم.