خيوط الصمت تتمدد على حوائط القاعة العالية، ورائحة المقاعد الخشبية المتهالكة تنتشر فى جوانبها، والنوافذ الزجاجية الباهتة لا تسمح للضوء بالنفاذ، الحزن يكسى وجوه الحضور الذين تجمعوا بمحكمة الاسرة بالزنانيرى. وسط هذه الأجواء الملبدة بمشاعر الحسرة والندامة جلست نبوية. م، 42 عاما عاملة بمكتبة الخلفية على أحد المقاعد الأمامية تنتظر دور قضيتها، امسكت بيدها حافظة مستندات باهتة اللون تحوى اوراق دعوى الطلاق والنفقة التى أقامتها ضد زوجها. لم تتمكن نبوية من حبس دموعها وهى تتحدث ل«الشروق»: تزوجت منذ 10 سنوات من محمد.م صاحب محل موبيليا بالدرب الاحمر وكان عمرى فى ذلك الوقت 32 عاما وبعد فترة من الزواج أجبرنى زوجى على الإقامة فى ببيت العائلة بمنطقة الدرب الاحمر. وأضافت: «فى يوم خرج زوجى لعمله بمحل بيع الموبيليا وفوجئت بوالده «حماى» يتحرش بى، فأخبرت زوجى بما فعله والده فكذبنى، وكنت ادخل غرفتى واغلق بابى على نفسى كى انام الا ان اهل زوجى كانوا يرفضون اغلاقه ويقولون لى انت لست فى بيتك». وأكدت أنها لم تجد طريقة للخروج من فخ حماها إلا طلب الطلاق، خصوصا بعد خيبة أملها فى زوجها الذى صمت على سلوك والده المشين. وبعد مرور عام خرجت نبوية من منزل العائلة وهى حامل ثم وضعت طفلها وعندما استطاعت الحركة ذهبت إلى المحكمة تطلب الطلاق، وبعد ان حصلت عليه حددت لها المحكمة نفقه 200 جنيه. الا انها عادت وتظلمت من قرار المحكمة قائلة «200 جنيه يأكلوا الولد ولا يعلموه ولا يعالجوه هيعملوا إيه فى الايام الصعبة دى، وانا ست وحدانية وشغالة شغلانة بسيطة». وتابعت: «بعد طلاقى قررت ان اعتمد على نفسى وتعلمت حتى حصلت على الابتدائية من فصول محو الامية، وعملت بشهادتى بمكتبة الخليفة امام سنترال القلعة لأصرف على نفسى وابنى قبل ان تحكم لنا المحكمة بالنفقة التى لا تكفينا اسبوعا، ولهذا جئت اتظلم وأطالب بالعدل».
