يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء رئيس وزراء اليونان الكسيس تسيبراس في إطار زيارة ليومين يقوم بها إلى موسكو رغم استياء شركائه الأوروبيين في أوج مفاوضات تجريها أثينا مع دائنيها، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وقد وصل تسيبراس الذي يعتبره بعض المحللين بمثابة "حصان طروادة" لروسيا في أوروبا بسبب بعض المواقف المتعاطفة مع روسيا، مساء الثلاثاء إلى العاصمة الروسية. ومن المقرر أن يستقبله الرئيس الروسي بعد أن يكون وضع باقة من الازهار عند نصب الجندي المجهول في موسكو، وغدا سيتحادث مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف في "التعاون الاقتصادي والتجاري". كما سيلقي كلمة أمام طلاب روس في العلاقات الدولية. وعشية زيارة تسيبراس حرصت أثينا على اعتماد لهجة مطمئنة مع تأكيد وزير المالية يانيس فاروفاكسي أن الأزمة اليونانية يجب "أن تحل في إطار الأسرة الأوروبية" وهي طريقة يقصد بها القول إن اليونان لا تسعى للحصول على مساعدة مالية من جهة أخرى غير شركائها الأوروبيين. في المقابل تحرص اليونان كغيرها على إقامة علاقات ثنائية مع دول أخرى، وأكدت وزارة المالية الروسية أنها لم تتلق أي طلب رسمي لقرض من روسيا إلى اليونان كما أنه لم يدرج أي لقاء بين تسيبراس ووزير المالية الروسي على جدول أعمال الزيارة. وقال فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع، مقره في موسكو "مع هذه الزيارة لن تحصل اليونان بكل تأكيد على أي مال لسد فجوتها المالية". لكن المحلل رأى أن موسكو قد تقوم بدون صعوبة ببادرة تجاه أثينا من خلال رفع حظرها عن المنتجات الغذائية اليونانية الذي قررته الصيف الماضي في إطار فرض عقوبات روسية على الاتحاد الأوروبي. إلى ذلك من المحتمل ان يتم التطرق أيضا إلى مسألة الغاز الاستراتيجية في ضوء احتمال تمديد مشروع أنبوب الغاز "تركيش ستريم" بين روسيا وتركيا إلى اليونان، أو من خلال استثمارات روسية في اليونان، لاسيما في البحث عن احتياطات نفطية تحت البحر وشركة سكك الحديد "ترينوسي". وهذه الزيارة ليومين لمسؤول أوروبي إلى موسكو لا تمر بشكل عابر في إطار الظرف الحالي مع الأزمة الأوكرانية التي تسببت بتدهور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، لذلك لم يتأخر توجيه التحذيرات في هذا الصدد. وذلك في وقت تجري فيه الحكومة اليونانية مفاوضات حثيثة مع دائنيها، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لتحريك شريحة من المساعدة الحيوية لإنقاذ ماليتها. وطالب رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز في حديث لصحيفة هانوفرشي الغيماينه تسايتونغ، تسيبراس "بعدم اغضاب شركائه الأوروبيين" من خلال المجازفة بكسر الموقف الإجماعي للاتحاد الأوروبي إزاء روسيا. واليونان تشكل جزءا من الدول الأوروبية المعارضة للعقوبات المفروضة على موسكو. وكرر تسيبراس في مقابلة الأسبوع الماضي مع وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس أنها "لا تقود إلى أي مكان". وفي حديث لصحيفة راينيتشي بوست حرص وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل على التقليل من أهمية الغموض الجيوسياسي. وقال: "لا أستطيع تصور أن أحدا في أثينا مستعد لإدارة ظهره لأوروبا للارتماء في أحضان روسيا". أما المفوضية الأوروبية فاكتفت بالتذكير الثلاثاء بأن "السياسة التجارية هي حصرا من اختصاص الاتحاد الأوروبي". وأكد فيودر لوكيانوف "أن هذه الزيارة هي في الحقيقة إشارة رمزية يريد رئيس الوزراء اليوناني إرسالها، إلى أن لدى اليونان أصدقاء آخرين. ورد الفعل الصادر عن أوروبا يظهر نجاح ذلك". ويرى قسطنطين فيليس مدير أفي معهد العلاقات الدولية في أثينا أن هذه الزيارة ناجمة عن "تكتيك" أكثر من تغير دبلوماسي . ولفت إلى أن "اليونان بحاجة للاتحاد الأوروبي، وروسيا بحاجة لليونان في الاتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي من أجل أن تجد عند الاقتضاء دعما في وجه الانتقادات الموجهة إليها وفي وجه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها". واعتبر فيليس أن اليونان ترى في روسيا أكثر من "بديل" لرسوخها الأوروبي، فهي "ورقة إضافية" في لعبتها الدبلوماسية "تسمح بإظهار أن البلاد لديها حلفاء عدة". وتنتهج أثينا في هذا الخصوص دبلوماسية في كل الاتجاهات، تتجه نحو أوروبا وأيضا نحو الولاياتالمتحدة التي يزورها فاروفاكيس منذ الأحد، وكذلك نحو الصين.