أعطى البنك المركزي الأوروبي، الاثنين، إشارة الانطلاق لبرنامج غير مسبوق لشراء ديون عامة يتوقع أن يسمح بضخ مئات مليارات اليورو في اقتصاد منطقة اليورو على أمل إعادة تنشيطه. وأعلنت المؤسسة النقدية ومقرها فرانكفورت على حسابها على تويتر، أن "البنك المركزي الأوروبي والمصارف المركزية في النظام الأوروبي بدأت، كما جرى الإعلان سابقًا، بمشتريات في إطار برنامج شراء ديون من القطاع العام". وخطة الدعم هذه التي وضعها الاتحاد النقدي ستصل قيمتها إلى 60 مليار يورو شهريًا حتى سبتمبر 2016 على الأقل، أي 1140 مليار يورو كحد أدنى سيتم استثمارها بشكل خاص في سندات سيادية. والهدف من هذه العملية التي يطلق عليها "التيسير الكمي"، هو إيجاد حلقة صالحة للاقتصاد: فمعدلات فوائد السندات ستنخفض تحت تأثير طلب كبير، مما يدفع المصارف إلى استثمار أموالها في مجالات أخرى، وخصوصًا في مجال إقراض الشركات والمستهلكين. وفي ختام العملية، يفترض أن يتحرك الاقتصاد وترتفع الأسعار في حين بدأ الانكماش يهدد بالرجوع. ويلقي التيسير الكمي أيضًا بثقله على قيمة العملة. فالإيداعات في منطقة اليورو تصبح أقل أهمية بالنسبة إلى مستثمرين في مناطق أخرى، فيخرج المال من الاتحاد النقدي الأمر الذي سيخفض سعر صرف اليورو. والإعلان الوحيد في نهاية يناير فعل فعله في الاتجاه الصحيح، كما رحب رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الخميس، عندما لفت إلى تحسن شروط الاقتراض في منطقة اليورو. وأكد فريديريك دوكروزيه الخبير الاقتصادي في بنك "كريدي أجريكول اس آي بي"، أن هذا البرنامج "نجمت عنه عواقب" على الاقتصاد الحقيقي وكذلك على اليورو، و"هذا الأمر سيتواصل"، متذرعًا بأن "معدلات الفوائد التي تطبقها المصارف على الشركات والأسر تواصل الانخفاض". إلا أن وزير الدولة الألماني للشؤون المالية ستيفن كامبيتر، حرص على التصريح لإذاعة "دويتش لاند فانك" الألمانية العامة، أن "الدوائر السياسية ينبغي أن لا تخضع" بعد إطلاق هذه الخطة. وأضاف "يتعين على الحكومات الأوروبية أن تركز على وسائل تحفيز النمو وإصلاحات سوق العمل وتعزيز الموازنات". وبالنسبة إلى الأسواق، فإن العملية تسجل تغييرًا تاريخيًا في السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي. وستتولى المصارف المركزية الوطنية -- البنك المركزي الألماني والبنك المركزي الفرنسي والبنوك الأخرى -- تنفيذ هذه الخطة: وستقوم بنسبة 92 في المئة من المشتريات. ومنذ الخريف الماضي، تشتري البنوك المركزية من الديون الخاصة، أي سندات آمنة والسندات المسندة إلى تسليفات. لكن سندات الديون التي أصدرتها دول منطقة اليورو هي المعنية منذ اليوم الاثنين بالمشتريات المكثفة. وبدأ الشعور بتأثيرات البرنامج مسبقًا منذ عدة أسابيع لجهة معدلات فوائد اقتراض الدول. وهذه المعدلات التي تتطور بعكس مسار الطلب، اندفعت أخيرًا إلى أدنى مستوياتها التاريخية، حتى أن بعضها أصبح سلبيًا بالنسبة إلى الاستحقاقات القريبة الأجل؛ ما يعني أن المستثمرين على استعداد للدفع لكي يحتفظوا بهذه السندات التي تعتبر آمنة جدًا. وأعلن رينيه ديفوسيه الخبير في شؤون استراتيجيا المال لدى مؤسسة ناتيكسيس، أن "ألمانيا هي المستفيد الرئيسي بأشواط" من هذا البرنامج. وصباح الاثنين، تراجعت ربحية الدين الألماني لعشر سنوات إلى 0,343 في المئة، بعد أن انتهت الجمعة على 0,393 في المئة، بينما كانت معدلات فوائد الاقتراض سلبية حتى فترة ستة أعوام ضمنًا. من جهتها، استندت أسواق الأسهم على إعلانات البنك المركزي الأوروبي لتسجل ارتفاعًا، حيث شهدت بورصة باريس خصوصًا ارتفاعًا كبيرًا منذ بداية العام ولامست الخمسة آلاف نقطة.