- جهات دولية متخصصة تتولى تدريب قوات الأمن المصرية على أساليب فض الشغب واستخدام القوة - بعض المنظمات الأهلية بحاجة لتوفيق أوضاعها - سنلقى الضوء على آثار الإرهاب فى حياة المواطنين - النيابة العامة ووزارة العدل تتابعان الأموال المنهوبة - مصر تشعر بقلق عميق من تنامى مظاهر «الإسلاموفوبيا» قال السفير عمرو رمضان، مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة، إن تقرير مصر حول حقوق الإنسان سيعتمد نهائيا من قبل الأممالمتحدة فى الثانى والعشرين من مارس الحالى بعد أن خضع للمراجعة الشاملة فى مجلس حقوق الإنسان فى أوائل نوفمبر من العام الماضى، وتقدمت مصر بملفين أحدهما حكومى وآخر من الجمعيات والمنظمات الأهلية. وأضاف رمضان فى حوار مع «الشروق» أن مصر تلقت خلال المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان 300 توصية تخضع للدراسة من قبل الحكومة تمهيدا للبت فيها وإحاطة مجلس حقوق الإنسان خلال جلسة اعتماد التقرير النهائى للمراجعة يوم 20 مارس 2015 بما نقبله وما نرفضه من توصيات. وبطبيعة الحال، فإن الحكومة المصرية عازمة على الالتزام بالتوصيات التى قبلتها، والعمل بشكل جاد خلال الأعوام الأربعة المقبلة على تنفيذها فى إطار محددات وأولويات المصلحة الوطنية. • الشروق: هناك تساؤلات قدمتها بلجيكا عن الضمانات الحقيقية التى تقدمها مصر لضمان الحقوق التى كفلها دستور 2014 بالإضافة إلى الخطوات التى اتخذتها لضمان محاكمة عادلة وفقا للمادة رقم 14 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وتقديم من يقومون باستخدام القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين للعدالة. رمضان: إن الدستور الجديد وفر ضمانات غير مسبوقة فى مجال الحقوق والحريات، وإن الأولوية حاليا للحكومة بالتعاون مع البرلمان بعد انتخابه فى مايو المقبل لترجمة هذه الضمانات الدستورية إلى أطر تشريعية تنظم بشكل واضح ومحدد هذه الحقوق والحريات وتفعّلها وتمكن المواطن من التمتع بها فى إطار حماية قانونية فعالة، خصوصا أن الدستور أكد أن جميع الالتزامات القانونية الدولية لمصر تعد جزءا من المنظومة القانونية الوطنية، مما يعد أقرب لحماية مزدوجة فيما يتعلق بحقوق الإنسان فى مصر. أما عن الإجراءات القانونية التى اشتركت الدول فى صياغة التساؤلات حولها وجاء التعذيب على رأسها ونوايا الحكومة فى التصديق على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسرى، وفى التوقيع على البروتوكول الاختيارى لاتفاقية مناهضة التعذيب، أو السماح بزيارة المقرر الخاص المعنى بعملية التعذيب فإن الجلسة التى تقدمت فيها مصر بملفها حول حقوق الإنسان شهدت حوارا تفاعليا بين الوفد المصرى وبقية الدول فى جو من الإيجابية، واستمعت فيه مصر باهتمام للملاحظات والمقترحات التى تقدمت بها وفود الدول لدعم الجهود الوطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان. وفيما يتعلق بتنفيذ التوصيات المختلفة بما فيها تلك المتعلقة بمكافحة التعذيب وضمانات المحاكمة العادلة، فإن اللجنة الوطنية المشكلة برئاسة وزير العدالة الانتقالية تقوم بوضع تصور وخطة عمل شاملة لمتابعة تنفيذ التوصيات التى نقبلها وقياس التقدم المحرز بشأنها. ومن المهم فى هذا السياق تأكيد أن جهود مكافحة التعذيب تحظى بأولوية متقدمة لدى الحكومة المصرية بعد ثورة 25 يناير خصوصا فى ظل ما ورد فى دستور 2014 من ضمانات فى هذا الشأن تتجاوز حتى ما ورد فى الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لمكافحة التعذيب. وفيما يخص ضمانات المحاكمة العادلة فهى مفصلة بشكل واضح فى الدستور الجديد وقانون الإجراءات الجنائية وهى متفقة بالكامل مع التزامات مصر بموجب العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والمعايير الدولية ذات الصلة، وتشمل الحق فى التمثيل القانونى، والتظلم على قانونية الاحتجاز، واحترام الإجراءات الواجبة، وإمكانية الطعن على الحكم ونقضه، وغيرها من الضمانات التى تتيح للمتهم الاطمئنان لمحاكمته فى إطار منظومة عدالة نزيهة وشفافة ومحايدة وذات مصداقية. • الشروق: ماذا عما أثارته بعض الدول من استخدام الشرطة للقوة المفرطة؟ رمضان: هناك مبالغة فى هذه المسألة، ومجافاة للحقيقة، لأن قوات الأمن المصرية ملتزمة بالمعايير الدولية المنظمة لاستخدام القوة ومن بينها المشروعية والتناسب والتدرج والدفاع عن النفس، وتتلقى تدريبات مكثفة فى هذا الشأن من جهات دولية متخصصة، وهناك خلط من بعض الأطراف ما بين تعامل قوات الأمن مع تجمعات مسلحة وعناصر إرهابية من جهة ومع التجمعات والمسيرات السلمية التى يكفلها الدستور والقانون من جهة أخرى. ومع ذلك فإنه وكما يحدث فى أى مكان فى العالم أحيانا يوجد تجاوزات من قبل بعض الأفراد وهو الأمر الذى يتم التعامل معه بحسم فى إطار جهود الدولة للقضاء على الإفلات من العقاب وإعلاء سيادة القانون، وحدث فى أكثر من مناسبة أن تلقى أفراد بالشرطة جزاءات إدارية وعقوبات جنائية تتصل بجرائم منسوبة لهم. وأعيد هنا التأكيد على أن إعلاء سيادة القانون على الجميع أمر لا تراجع عنه فى مصر وليس أدل على ذلك من تقرير لجنة تقصى الحقائق حول الأحداث التالية لثورة 30 يونيو والذى تناول بشفافية كبيرة مسئولية جميع الأطراف بما فيها قوات الأمن، وهو التقرير الذى تم الإعلان عنه فى جميع وسائل الإعلام فى مؤتمر صحفى عالمى وسيكون بطبيعة الحال أحد المدخلات التى ستطلع عليها النيابة العامة خلال تحقيقاتها ذات الصلة. • الشروق: ماذا بشأن تساؤلات الدول عن وضع منظمات حقوق الإنسان فى مصر خصوصا بعد المهلة التى منحتها وزارة التضامن لتلك المنظمات لتوفيق أوضاعها؟ رمضان: الحكومة المصرية لم تسحب الأجل الذى حددته لتسجيل جميع الكيانات الممارسة للعمل الأهلى فى 10 نوفمبر، وهو الأمر الذى يرتبط مجددا بمسألة سيادة القانون، وأن مصر تحذو حذو سائر دول العالم وتطبق معايير دولية متعارف عليها فيما يتعلق بضرورة وجود قانون جامع شامل ينظم ممارسة العمل الأهلى بشكل يوفر الضوابط الملائمة للتمتع بالحق فى التنظيم المكفول فى الدستور والمواثيق الدولية. والمشكلة كما هو واضح للجميع تكمن فى عدد من المنظمات التى تتمسك بممارسة العمل الأهلى رغم أنها مسجلة كشركات لدى هيئة الاستثمار أو مكاتب محاماة لدى نقابة المحامين، وهو أمر مرفوض، سواء لعدم قبولنا لانتهاك القوانين الوطنية أو التعامل بشكل تمييزى مع الكيانات الأهلية المختلفة من جهة ولعدم منطقية ممارسة كيانات غير مسجلة لنشاط غير خاضع لأى شكل من أشكال التنظيم بما فيها ما يتعلق بتلقى التمويل الأجنبى من جهة أخرى. وأكدت الحكومة فى أكثر من مناسبة أنها ستجرى حوارا من الجهات غير المسجلة لدفعها للتسجيل وتقنين وضعيتها وتوضيح الآثار السلبية للوضع الخاطئ القائم. • الشروق: ماذا تم بشأن مخاطبة سويسرا لاسترداد أموال النظام السابق، وهل أغلقت أحكام البراءة هذا الملف؟ رمضان: ملف استرداد الأموال المنهوبة تتابعه النيابة العامة ووزارة العدل مباشرة، وكان هناك اجتماع إيجابى بجنيف نوفمبر الماضى شارك فيه السيد وزير العدل والسيد النائب العام ورؤساء الجهات الرقابية المعنية بالموضوع. • الشروق: هل أبلغت مصر المندوبين الدائمين فى المقر الأوروبى للأمم المتحدة بما يجرى فيها من أعمال إرهابية يتعرض لها الجيش والشرطة والأبرياء من الشعب المصرى؟ رمضان: يعتزم الوفد المصرى فى دورة مجلس حقوق الإنسان التى ستبدأ أعمالها فى الثانى من مارس المقبل إلقاء الضوء على الآثار الكارثية للإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان وعلى زاوية حقوق المواطنين فى هذا الشأن». فالهجمات الإرهابية الآثمة فى سيناء، وذبح المصريين فى ليبيا، والجرائم المفزعة التى ترتكبها بوكو حرام فى نيجيريا، وداعش فى العالم العربى، وأيضا الاعتداءات الإرهابية الجبانة فى أوروبا أخيرا، من غير المقبول أن يظل مجلس حقوق الإنسان صامتا بشأنها مكتفيا فقط بالحديث عما يسمى «المدافعين عن حقوق الإنسان» أو «النشطاء السياسيين». وتمثل دورة مجلس حقوق الإنسان فرصة مواتية لإعطاء دفعة جديدة للجهود الدولية لمكافحة عدم التسامح والتمييز والحض على الكراهية والعنف ضد المسلمين فى الغرب، مشيرا إلى أن مصر تشعر بقلق عميق إزاء الارتفاع الملحوظ أخيرا لمظاهر «الإسلاموفوبيا» فى بعض الدول الغربية وتواتر وقائع الإساءة للرسل والرموز الدينية وأن الوفد المصرى سيتعاون مع شركائه داخل المجموعة الإسلامية ومع الوفود الغربية للتعامل مع هذه القضية بشكل فعال. • لكن حجم المخاطر التى تتعرض لها مصر فى الخارج والداخل كبير بما يهدد استقرارها؟ ألمس تفهما متزايدا لحجم التهديد الذى تواجهه مصر وكذلك لأهمية أمنها واستقرارها باعتبارها «رمانة الميزان» لأمن واستقرار المنطقة بأسرها. وفى هذا الصدد أؤكد أن المضى قدما فى معالجة ظاهرة الإرهاب بفاعلية يتطلب التعامل بشكل شامل وبدون تمييز مع جميع صور وأشكال العنف بما فى ذلك ما يمارسه أعضاء جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى.