أثارت قرارات النائب العام المستشار هشام بركات الأخيرة بحظر النشر فى عدد من القضايا المثيرة للجدل بدءا من قضية مقتل الناشطة شيماء الصباغ ووصولا إلى قضية مقتل محامى المطرية فى قسم الشرطة حالة من الجدل حول الطبيعة القانونية لقرارات حظر النشر ومدى سلطة النائب العام فى إصدارها وهل هى سلطة مقيدة أم مطلقة؟ ومدى اتفاق تلك القرارات مع ما كفله الدستور من حرية للصحافة. من جانبه قال المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى الأسبق، إنه لا يوجد نص فى القانون ينظم مسألة إصدار النائب العام لقرارات حظر النشر، إلا أن العادة جرت على منحه ذلك الحق قياسا بحق القاضى فى إصدار تلك القرارات أو جعل جلسات المحاكمات سرية، باعتبار النائب العام هو السلطة التى تتولى التحقيق المبدئى فى القضايا. وأضاف فرغلى، أنه من حق النائب العام فعليا إصدار قرارات بحظر النشر فى القضايا التى تتوصل التحقيقات فيها لمعلومات أو وقائع من شأنها الإضرار بالأمن القومى، دون التوسع فى إصدارها. ويرى فرغلى أن الإفراط فى استخدام قرارات حظر النشر يمثل خطأ من شأنه الإضرار بالقضايا، مؤكدا أنه ينبغى أن تكون تلك القرارات صادرة لمصلحة التحقيقات فقط. وأكد فرغلى أن قرارات حظر النشر التى تصدرها النيابة العامة، هى قرارات إدارية يصدرها النائب العام باعتباره سلطة إدارية، ومن ثم يجوز الطعن عليها أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة، ويحق لمجلس الدولة إلغائها فى حالة التأكد من عدم تأثير النشر على الأمن القومى أو سلامة التحقيقات، استنادا لحق المجتمع فى المعرفة وحرية الصحافة المكفولة دستوريا. وأوضح فرغلى، أن قرارات حظر النشر التى يصدرها النائب العام تتفق فى طبيعتها القانونية مع قرارات المنع من السفر التى تصدرها النيابة العامة بحق المتهمين فى القضايا والمطلوبين على ذمتها، والتى تختص محكمة القضاء الإدارى بنظرها ووزنها بميزان المشروعية القانونية والدستورية. فى المقابل أكد المستشار رفعت السيد، الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة، أن القاعدة القانونية العامة تنص على أن تحقيقات النيابة العامة سرية، لا يجوز حضورها إلا للمتهم ومحاميه والشهود الذين يُستمع إليهم دون غيرهم، لافتا إلى أن القانون يحظر حضور الصحفيين أو الإعلاميين جلسات التحقيق. وأضاف السيد، أن النائب العام يتحتم عليه إصدار قرارات بحظر النشر فى القضايا التى من شأنها إثارة البلبلة، بحيث تتم معاقبة كل من سرب المعلومات أولا ومن نشرها ثانيا. وأشار السيد إلى أن تسريب أخبار عن التحقيقات التى تجريها النيابة العامة، من مصادر غير موثوق فيها ونشرها، قد يؤدى إلى إثارة البلبلة وإشاعة الفتنة، ضاربا المثل بقضية تعذيب المحامى كريم صبحى حتى وفاته بقسم المطرية التى أصدر النائب العام قراره بحظر النشر فيها، مؤكدا أن تسريب أية معلومات من مصادر غير رسمية فى تلك القضية قد يؤدى إلى وقوع فتنة بين أهل الضحية وضباط شرطة القسم. وأكد على عدم تعارض قرارت حظر النشر مع ما كفلته جميع المواثيق الدستورية والقانونية من حرية للصحفى فى الحصول على المعلومة، موضحا أن هذه الحرية تجمح عند المساس بسمعة المتهمين أو المجنى عليهم، قائلا : «الدستور لم يقل: اكشف أسرار الناس». وشدد السيد على أن قرارات حظر النشر التى تصدرها النيابة العامة، تعتبر قرارات قضائية لا تختص أى من المحاكم سواء القضاء الإدارى أو غيرها بنظرها أو قياس مدى مشروعيتها، وفقا للقاعدة القانونية التى تنص على أنه لا يسلط قضاء على قضاء. وحول العقوبة التى نص القانون عل توقيعها بحق من يخرق قرارات حظر النشر التى يصدرها النائب العام، أوضح السيد أن من ارتكب ذلك يعاقب بالحبس والغرامة بتهمة نشر اخهبار من شأنها إشاعة الفوضى، مؤكدا فى الوقت نفسه على ضرورة إحالة وكيل النائب العام الذى يسرب أخبار التحقيقات للتحقيق بتهمة خيانة الأمانة.