اتهم الصحفي الكندي محمد فهمي، المتهم في القضية المعروفة إعلاميًا ب «خلية الماريوت»، شبكة الجزيرة القطرية ب«الإهمال الملحمي»، قائلًا: إنها «مسؤولة جزئيًا عن واقعة إلقاء القبض عليه واحتجازه»، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. وقال «فهمي»، إنه «من السذاجة والتضليل رؤية القضية بأنها مجرد حملة قمعية على حرية الصحافة؛ لأن قطر استخدمتها ل"شن حرب إعلامية" ضد القاهرة». وتقول «الجارديان»، إن انتقادات «فهمي» تتناغم مع الانتقادات التي وجهها عدد من الموظفين الآخرين الذين تحدثوا مع الصحيفة البريطانية، وقال «فهمي» لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، إنه «لا يغفل عن من وضعه في السجن، وعلى الرغم من أن الإهمال الملحمي للجزيرة جعل موقفنا أصعب، إلا أن الأمر تعدٍّ على حرية التعبير لإسكات ثلاثة صحفيين معترف بهم». وفي حديث مع «الجارديان»، قال أفراد من طاقم النسخة الإنجليزية من قناة الجزيرة، إنه «على الرغم من أن أفعال القناة لا تبرر بأي حال من الأحوال الحكم على الصحفيين الذي أثار الانتقادات الدولية، ولكن القناة فشلت في حماية صحفييها ضد تهديد الاحتجاز وعرضتهم للخطر». فيما قال موظفون، إن القناة تجاهلت العلامات والتحذيرات المتكررة بأن فريقها في خطر أكثر من الصحفيين الدوليين الآخرين، وفشلت في توضيح موقف موظفيها القانوني مع الحكومة المصرية قبل تعرضهم للاحتجاز، وقدمت محامين غير مؤهلين وليست لديهم عزيمة على تقديم دفاع فعال. وأشار أحد الموظفين الذين حذروا المدراء بشأن الضغط المتزايد من السلطات المصرية في الأشهر التي سبقت القبض على الثلاثة في ديسمبر 2013، إلى أنه كان هناك العديد من العلامات "ولكن استجابتهم كانت استبدال أولئك المنتقدين، واستخدام صحفيين ليس لديهم خبرة في مصر، كان هذا إهمالًا واضحًا، كان اهتمامهم الوحيد هو تغطية الحدث مهما كانت التكلفة". وقال صحفيو الجزيرة المقيمون في مصر، إنه كان يجب دق أجراس الإنذار في مقرات الجزيرة الإنجليزية بعد إغلاق "الجزيرة مباشر مصر" في يوليو 2013، ومكاتب القاهرة للجزيرة العربية في أغسطس، واحتجاز صحفيين من كل القناتين خلال الصيف. ودافع مصدر من داخل إدارة الجزيرة الإنجليزية عن قرار استكمال عمل القناة الإنجليزية في مصر، قائلًا إن التهديدات التي تعرضت لها القناة كانت شبيهة بتلك التي تعرضت لها أي وسيلة إعلامية دولية إنجليزية. ولكن قال أحد الموظفين "لم نكن مثل أي صحفيين آخرين، وكان يجب أن تفهم الجزيرة الإنجليزية ذلك، أظن أنهم اعتقدوا أن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو الترحيل أو الاحتجاز لمدة أسبوع". أوضحت «الجارديان»، أن التحذير الأوضح للخطر الموجه ضد الجزيرة الإنجليزية كان يوم 2 سبتمبر 2013، عندما تم اقتحام مكتبها في القاهرة، وتم احتجاز اثنين من الموظفين لفترة وجيزة، وتم اتهام أحدهما بالعمل لدى قناة غير مرخصة، وتمت مصادرة معدات المكان، ولكن ظل المكتب معلقًا من الناحية القانونية، حيث لم تغلق الحكومة مكاتب الإنجليزية بشكل رسمي أو إلغاء اعتمادات صحفييها. وبدلًا من حل الأزمة، أنشأت القناة الاستديو الخاص بها في فندق الماريوت ولم تحاول تسجيله لدى الحكومة، ومع عدم التعامل مع الموقف، رحل "عبدالله موسى" رئيس مكتب الجزيرة الإنجليزية إلى العاصمة القطريةالدوحة، ولم يعد. وفي هذا الأسبوع نبه عدد من الموظفين في الجزيرة رؤساءهم في قطر بالخطر الكامن. في 7 سبتمبر 2013، تم تعيين محمد فهمي، خلفًا ل«موسى»، ليعمل من داخل فندق الماريوت، وفي يومه الأول أرسل فهمي رسالة إلكترونية إلى الإدارة طالبًا توضيح الموقف القانوني للجزيرة الإنجليزية. وأشارت الصحيفة، إلى أن الدوحة لم توضح الموقف القانوني لمكتب القاهرة، ولم يتم إجلاء فريق القناة الإنجليزية، ولا تسجيل استديو الماريوت، ودافع مصدر من الدوحة عن هذا القرار، قائلًا إنه أمر شائع في المناطق المعادية استضافة مكتب داخل فندق غربي "التقييم القانوني من جانبنا كان أننا نعمل بشكل قانوني". ولفتت «الجارديان»، إلى أنه تم إخبار المراسلين الزائرين مثل الصحفي الأسترالي بيتر جريسته – الذي وصل مصر قبل احتجازه بأسبوعين فقط – بالدخول إلى مصر عبر تأشيرة سياحية والعمل بدون اعتماده. أما بشأن قرب انتهاء صلاحية اعتماد العاملين المقيمين في ديسمبر، قامت الدوحة بتجديد اعتمادات أربعة أشخاص فقط، لم يكن فهمي وجريسته وزميلهما الثالث المصري باهر محمد من بينهم. وأوضحت «الجارديان»، أنه بعد الثورة المصرية، أجبرت الاضطرابات السياسية والبيروقراطية المتصلبة الصحفيين الزائرين على العمل بدون اعتماد لفترات قصيرة، ولكن يعتقد الموظفون أن ظروف القناة الإنجليزية الفريدة من نوعها جعل هذا القرار غير حكيم للجزيرة الإنجليزية. تكمن أسباب ذلك في أن عمل القناة في القاهرة طويل ودائم، وملّاك القناة (أي دولة قطر) اختلفت مع الحكومة المصرية لدعمهم القوي للرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. وتعرض الصحفيون بعض الأوقات لمضايقات من المدنيين بسبب عملهم لدى الجزيرة. أوضحت الصحيفة أن مأزق القناة ازداد سوءًا قبل أسابيع من احتجاز الثلاثة، وذلك بسبب نشر تقارير للقناة الإنجليزية على قناة "مباشر مصر". ولضمان سلامتها وسلامة المراسلين، طالب طاقم الجزيرة الإنجليزية من الإدارة منع "مباشر مصر" من استخدام اللقاءات التي تجريها النسخة الإنجليزية، ولكن استمرت "مباشر مصر" في نشر لقطات خاصة ب"الجزيرة الإنجليزية". وفي 27 سبتمبر، قدم فهمي شكوى لثلاثة من كبار المديرين التنفيذيين بشأن ترجمة تقرير عن الأطفال المحتجزين إلى اللغة العربية ونشره على "مباشر مصر"، مشيرًا إلى "التوتر المتزايد على الأرض هنا ضد القناة العربية"، محذرًا من أنه نظرًا إلى الحالة الأمنية يمكن أن يسبب هذا التصرف إلى توجيه الأذى لطاقم الإنجليزية. أجاب "صلاح نجم" مدير الأخبار في القناة الإنجليزية، أنه سوف يتعامل مع هذا الأمر، وقال مصدر من الدوحة، إدارة القناة الإنجليزية "فعلت كل شيء يمكنها القيام به". ولكن المشكلة استمرت إلى ديسمبر، واستشهدت النيابة العامة في محاكمة فهمي بتقارير من النسخة الإنجليزية مذاعة على "مباشر مصر"؛ لتؤكد بنجاح أن السجناء الثلاثة كانوا يعملون لصالح "مباشر مصر" المؤيدة لمرسي، ويصبحوا بذلك عملاء للإخوان التي أصبحت جماعة محظورة. كما استمر سلوك الجزيرة الإنجليزية أثناء المحاكمة يلقي الضوء على بعض الأسئلة، فالقناة استمرت في دفع مرتبات الثلاثة، وتكفلت بمصاريف أسرهم للسفر والعيش في مصر أثناء المحاكمة. وقالت الصحيفة إن المحاميين فتحي فراج ويسري السعيد، المعينين من قبل الجزيرة الإنجليزية للدفاع عن الثلاثة، كان يبدو عجزهما عن تقديم دفاع فعال ضد التهم التي تصفها الجارديان بأنها مسيسة ومزيفة بشكل واضح. وأشارت الصحيفة إلى أنه كانت توجد مخاوف بشأن احترافية فراج قبل احتجاز الثلاثة، وتم تنبيه إدارة القناة الإنجليزية مرتين على الأقل لتعيين محام مختلف. وقال مصدر من الدوحة، إن إدارة الجزيرة عينت فراج والسعيد بحسن نية بناء على المعلومات التي كانت متاحة في ذلك الوقت، ولكنهم اعترفوا بأنه كان بإمكانهم اختيار محاميين آخرين. وقال أشخاص على صلة، إن شخصيات بارزة داخل الشبكة العربية الأوسع كانت تتخذ القرارات القانونية، فوق رؤوساء إدارة الجزيرة الإنجليزية، وكان توجد انقسامات داخل المؤسسة بشأن الاستراتيجية. ولكن لا يتشارك جميع موظفي الجزيرة الإنجليزية نفس المخاوف حول تعامل الجزيرة مع العمل في مصر، فقال أحد الموظفين المقيمين في مصر والذي لا يزال يتلقى راتبه على الرغم من توقف عمل القناة في مصر، إن "اهتمامهم بموظفيهم فاق جميع التوقعات، لا يزال تأميني الصحي يعمل حتى الآن، ومازلت أحصل على راتبي، وإذا طلبوا مني أي عمل سأقوم به". من جانبه قال أحد المتحدثين الرسمين باسم الجزيرة في بيان ردًا على مزاعم 15 شخصًا عن طريقة تعامل الشبكة مع العمل في مصر "نريد أن يصبح صحفيونا خارج السجن ولدينا فريق قانوني محترف، لطالما تعاملنا بأفضل طريقة وفقًا للمعلومات والنصائح المتاحة. وسنستمر في القيام بكل ما في استطاعتنا للحملة العالمية المدوية المطالبة بإطلاق سراحهم". وأضاف "حيث إنها القناة العربية الأكثر مشاهدة في الشرق الأوسط، والشبكة العربية الوحيدة التي لا تزال في إذاعة جميع جوانب القصة في مصر، واجهنا حملة ترهيب عنيفة في البلاد، ويمكن التدقيق بالطبع في استجابتنا لهذه الظروف المتحدية، ولكن يجب ألا يغفل أحد عن حقيقة أن مسؤولية سجن الصحفيين تقع على عاتق السجانين".