سمسار سفريات: طلبات السفر لا تتوقف.. وشاب: أجرة العمال تتضاعف فى الأزمات.. وسعيد: صاحب العمل يوفر لنا الحماية ذبح وقصف وتهديد بالتعقب والقتل، أجواء يعيشها مئات الآلاف من المصريين العاملين فى ليبيا، خرجوا بحثا عن لقمة عيش هروبا من أزمة البطالة فى بلدهم، لكن كل هذه الأجواء لم تكن كفيلة بتغيير وجهة شباب مصريين قرروا العودة إلى الأراضى الليبية لاستكمال عملهم بعد إجازتهم فى مصر، ويخوضون معركة من نوع خاص فى الصحراء وسط الألغام والمتفجرات. «الشروق» التقت أحد السائقين، من بين من يلعبون دور السمسار لنقل العمال من مصر إلى ليبيا، والذى كشف عن بعض المخاطر التى يواجهها الشباب المهاجر بشكل غير شرعى منذ اتخاذ القرار بالعودة إلى ليبيا برا بعدما توقفت رحلات الطيران إليها. وقال السائق، الذى اشترط عدم ذكر اسمه، إن بعض الشباب بالفعل يتصلون به لنقلهم إلى ليبيا، ومن المقرر خلال يومين تنظيم رحلة إلى هناك. ويضيف السائق، الذى يقطن مركز بنى مزار فى محافظة المنيا التى ينتمى أغلب ضحايا الحادث الأخير لها: هناك تشديد أمنى على الحدود هذه الأيام خاصة بعد أزمة ذبح العمال المصريين، مما يصعب عملية الدخول، لكنه بالتنسيق مع ليبيين وضباط بإمكانه عبور معبر السلوم البرى والدخول للأراضى الليبية دون قيود. من خلال السائق توصلت «الشروق» لعدد من الشباب الذين ينتوون السفر إلى ليبيا حاليا بداعى أن الأماكن التى يعملون بها تتمتع بقدر معقول من الأمان، أو ذلك الذى سافر بناء على تأكيدات أصدقائه بأن الأوضاع آمنة ولا يقصدهم أحد بسوء، أو الأخير الذى أكد بناء على تجربة مسبقة له هناك أن وقت القصف والفوضى تقل العمالة وبالتالى ترتفع الأجور وما يحصّله العامل على مدى سنتين فى الأيام العادية، يمكنه تحصيله فى شهور قليلة. م. سعيد، شاب عشرينى من مركز مغاغة التابع لمحافظة المنيا، يقول إنه يعمل فى ليبيا منذ أكثر من 4 سنوات لكنه عاد قبل شهور لقضاء إجازة مع أسرته، مؤكدا أن المنطقة التى يعمل بها تتمتع بالحد الأدنى من الأمان لكونها بعيدة قليلا عن أحداث القصف لكنها ليست بعيدة عن مخاطر النهب والسرقة من قبل الميليشيات المسلحة، مشيرا إلى أن صاحب المصنع يوفر لهم الحماية. سعيد، يعمل فى مصنع لتصنيع الرخام، وتعرض وزملاؤه لحالات سرقة إلا أن صاحب العمل من قبيلة كبيرة ومعروفة فى مدينة إجدابيا على طريق يسمى «جالو» التى تمثل المنطقة الصناعية فى ليبيا، ويستطيع الدفاع عنهم ضد المسلحين، ويقول: «كنا نتصل على صاحب العمل هاتفيا فكان يحضر فورا ومعه أبناء قبيلته ومعهم أسلحتهم الممثلة فى سيارات ربع نقل مُثبت فوقها سلاح آلى». لكن أوضاع «ح. الطويل»، الشاب الذى قارب الثلاثين اختلفت عن سابقه، فبحسب روايته، فإن مجموعة من أصدقائه أكدوا له كثيرا أن بإمكانه السفر والعيش فى أمان وتكوين «قرشين حلوين» يمكن من خلالهم إتمام زواجه بعد 4 سنوات من الخطبة، يقول «جربت جميع الحرف واشتغلت كل حاجة ومفيش فايدة، مقابل العمل يكفى مصاريفى الشخصية، ولمدة 6 سنوات بعد التخرج لم أتقدم خطوة واحدة، وأصدقائى كونوا أنفسهم من سنتين فى ليبيا وأصبحوا قادرين على الزواج». يلفت الطويل، إلى أن أصدقاءه استطاعوا بناء منازلهم وأقبلوا على الزواج من سنتين عمل فى ليبيا فقط، ويضيف: الأجر المقابل للعمل فى ليبيا فى وقت الاشتباكات والفوضى بيكون مضاعف لأن العمالة هناك تقل، وأنا مش عايز غير سنة واحدة أقدر من خلالها أحقق حلمى أما عن السلامة فلنا رب يحمينا. ويتابع بنبرة من السخرية «لو كنا لقينا لقمة عيشنا فى مصر مكناش سبناها ورمينا نفسنا وسط النار، بلدى مش قابلانى، وسنى اتأخر ولازم أشوف أكل عيشى فى مكان تانى، هذا غير إن أصدقائى قالوا أن المنطقة التى يعملون بها تبعد نحو 45 دقيقة عن المدن ولا تشهد أعمال عنف وبإمكانه العمل فى هذا الوقت الذى قرر فيه آلاف العمال الرحيل عن ليبيا».