قيادى بنداء تونس ل«الشروق»: قواعد الحزب غاضبة لكن نجاح الحكومة يتوقف على ما تقدمه من إصلاحات محلل سياسى: فرض الانضباط والتناغم بين وزراء النداء والنهضة صعب.. ولابد من التوافق بعد مخاض عسير، ومداولات سياسية، منح البرلمان التونسى، الثقة للحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الصيد، أمس الأول، التى تعكس ائتلافا بين العلمانيين والإسلاميين، ما أثار تساؤلات حول قدرة الحكومة على البقاء، فى ظل حالة من الاستقطاب الشديد فى البلاد. وتشارك فى الحكومة التى نالت ثقة 166 عضو برلمان من أصل 204 حضروا الجلسة أمس الأول، أربعة أحزاب، هى حزب «نداء تونس» العلمانى الفائز بالانتخابات التشريعية (86 مقعدا)، و«حركة النهضة» (إخوان مسلمين) التى حلت فى المرتبة الثانية (69)، فضلا عن الاتحاد الوطنى الحر (16) و«آفاق تونس» (8 مقاعد)، وهما حزبان علمانيان. ولم يتعرض رئيس الحكومة خلال كلمته بعد نيل الثقة، إلى مدى قدرة ائتلافه على البقاء أو التعامل مع مشكلات البلاد فى تناغم، وأكد بدلا من ذلك، على أن أولويات حكومته تتمثل بالأساس، فى التصدى للمجموعات المسلحة و«التنظيمات الموازية للدولة»، والمضى قدما فى الإصلاحات الاقتصادية من أجل التغلب على الارتفاع الحاد فى مستويات البطالة بين الشباب وقلة فرص العمل المتاحة. إلا أن جدلا كبيرا يجرى داخل الحزب الحاكم نفسه، حول مشاركة النهضة فى الحكومة، حيث قال عادل الشاوش، القيادى فى النداء، إن «هناك غضب فى قواعد الحزب بسبب إشراك النهضة لما يرون أنه خيانة للأمانة بإشراكهم فى الحكومة (يقولون إن الناخبين أقصوهم)»، رغم أن كل ما تحصل عليه النهضة هو وزارة و3 كتاب دولة. الشاوش، أوضح فى تصريحات ل«الشروق»، أن «بعض قيادى النداء يستغلون هذا الغضب من أجل الحصول على مكاسب سياسية وإحداث بلبلة، وهذا ما ظهر خلال امتناع أربعة نواب (لم يحددهم) فى الحزب عن منح الثقة للحكومة». هذا الغضب، من شأنه، بحسب أيمن بن خنجة، المحلل السياسى التونسى، أن يصعب بعض الشىء من المهمة التى أوكلها الرئيس التونسي، الباجى قائد السبسى، إلى الحكومة الجديدة، والمتمثلة بالأساس فى استعادة الأمور إلى نصابها، فى الملفين الأمنى والاقتصادى. وقال بن خنجة ل«الشروق» إن «مسائل مكافحة الإرهاب، والقضاء على الانفلات الأمنى التى تعانيها بعض المناطق ولاسيما فى الجنوب التونسى، والعمل على استعادة ثقة المستثمرين الاجانب، وإنجاز الاصلاحات الاقتصادية وإصلاع المؤسسات العمومية، تتطلب توافقا سياسيا، وإشراك كل الأطراف فى المسئولية، وهو ما سعى إليه الرئيس السبسى عبر إشراكه لحزب النهضة فى الحكومة». بن خنجة، دلل على كلامه، بتصريحات، وزير الخارجية فى الحكومة الجديدة، الطيب البكوش (أمين عام نداء تونس)، حين قال قبل منح الحكومة الثقة، بأنه «سيبقى معارضا للنهضة الإسلامية حتى لو كان وزيرا فى الحكومة، وهو ما يمثل مؤشرات سلبية قد تضع الصيد أمام اختبار صعب فى فرض الانضباط والتضامن والتناغم بين الوزراء المنتمين إلى النداء والنهضة». إلا أن عادل الشاوش يرى أن «ما ستقدمه الحكومة من اصلاحات على كل الأصعدة سيكون المحدد الوحيد لشعبيتها». وأضاف: «من وجهة نظر الحبيب الصيد، الإصلاحات الكبرى التى يعتزم السبسى اجراؤها، تتطلب أكبر اشراك ممكن للاطراف السياسية، حتى لا يتحمل أى طرف تداعيات أى فشل ممكن للإصلاحات، لذا لابد من إشراك كل أفراد العائلة السياسية فى الحكم». ووفق مراقبين، تشكّل الحرب على الارهاب أهم تحديات الحكومة خاصة مع تنامى تحركات المجموعات المسلحة فى تونس، والتى اسفرت عن مقتل عشرات الأمنيين والعسكريين، خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويطالب الرأى العام التونسى بمعالجة ملف الحدود الجنوبية المشتركة مع ليبيا والتى يمر من خلالها المسلحون ومجموعات مختصة بتهريب الأسلحة إلى تونس، كما أن الحكومة مطالبة بالتعامل بحذر مع الأزمة الليبية من أجل ضمان الأمن وحماية الحدود المشتركة.