مازال الدولار يواصل صعوده في السوق الرسمى أمام الجنيه المصرى ليثبت أنه قادر على منافسة نظيره في السوق الموازية "السوداء"، فمنذ هبوط الجنيه إلى 1901ر7 جنيه للدولار مقابل 14ر7 جنيه للشراء و18ر7 جنيه للبيع في أول خفض رسمي لسعر العملة منذ منتصف العام الماضي، والدولار يواصل ارتفاعه لليوم الحادى العاشر "عمل"، ويصل إجمالى المكاسب التي حققها الدولار من هذا الارتفاع منذ الأسبوع قبل الماضى إلى 45 قرشا، حيث سجل السعر قبل بداية تخلى المركزى عن الجنيه. ويؤكد الدكتور محمد عبدالعزيز حجازى -أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، في تصريحات له اليوم- أن الإجراءات التي يتخذها البنك المركزى لمواجهة تجارة العملة الخضراء في السوق السوداء "الموازية" جيدة لخلق سعر صرف للدولار متوازن بما يؤدى إلى اعادة ثقة المستثمر الأجنبى للسوق المصرى، كما تشجع المواطنين وأصحاب الشركات والمستثمرين إلى بيع ما لديهم من الدولار للبنوك. وأوضح أن إجراءات البنك المركزى ترجع في المقام الأول إلى احتياج السوق لمزيد من السيولة لمكافحة سماسرة الدولار في السوق الموازية، خصوصًا عقب الارتفاعات التي حققها الدولار الأيام الماضية، في ظل تراجع حجم الموارد من النقد الأجنبي والتى تتمثل في تراجع أنشطة السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، واقتصار موارد الدولة الدولارية على إيرادات قناة السويس السنوية وتحويلات المصريين في الخارج. وشدد الدكتور حجازى، على ضرورة نجاح المؤتمر الاقتصادى المقرر عقدة الشهر المقبل، لما فيه من فرص لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر، متمنيا في الوقت نفسه نجاح المؤتمر خارج المنطقة العربية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر، معللا في ذلك أن هناك دول عربية وقفت ومازالت تقف بجانب مصر "كالإمارات والسعودية والكويت" ومن ثم فنحن -مصر- تحتاج إلى استثمارات أخرى خارجية. وأبرز عدد من رجال البنوك، الايجابيات من قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار والذي يتمثل في تحسين ميزان المدفوعات، ومساواة سعر صرف الدولار في السوق الرسمى بالسوق الموازية، وذلك تزامنا مع الإصلاحات التشريعية التي تجريها الدولة بالقوانين الاستثمارية، مما يشجع على جلب استثمارات أجنبية، خاصة أن قرار الخفض جاء بعد انخفاض أسعار الفائدة للإيداع والإقراض 75ر8% و75ر9 %، الامر الذي يعطى مؤشرات قوية للعالم بتعافى الاقتصاد المصرى وتوفير التمويل للمشروعات الاستثمارية بفائدة مخفضة. واستغل المضاربون في سوق الصرف انشغال الدولة بترتيب البيت من الداخل نتيجة تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، في المضاربة على العملة الخضراء، والتي تسببت تجاوزاتهم في حالة من عدم الاستقرار في سوق الصرف واستمرار خسائر العملة المصرية مقابل الدولار الأمريكي. كما استغلوا في ذلك إعلان الحكومة ممثلة في البنك المركزى التزامهما بسداد الأقساط والديون الخارجية في مواعيدها دون تأجيل أو تأخير، مثل الوديعة القطرية والذي يتبقى منها جزء ضئيل سيتم سداده العام الجارى، وقسط نادى باريس، وذلك لتعطيش السوق لصالحهم. ويسعى البنك المركزى إلى محاربة السوق السوداء والقضاء عليها لتوحيد سعر الصرف بين البنوك وشركات الصرافة ليكون سعر رسميا واحدا، خاصة قبل عقد المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده في منتصف مارس المقبل، وذلك مثلما كانت عليه السوق عام 1991، وترك السوق لآليات العرض والطلب، فالهدف من خفض قيمة الجنيه ليس تحديد سعر صرف للجنيه أمام الدولار، ولكن ما يهدف إليه هو وجود سوق متوازن بين العرض والطلب، ويمكن القول بأن ما يحدث حاليا في سوق الصرف هو تعويم مدار وليس تعويم حر، كل ذلك "دون إجراءات بوليسية" حسب قول هشام رامز محافظ البنك المركزى.