الخديو شجع لجنة «مجلس شورى القوانين» على رفض زيادة الاعتماد المخصص للجيش البريطانى تناولت «الشروق» خلال الحلقات الماضية بداية الحياة النيابية فى مصر وتطورها، والتى تصدرها الجيل الأول من رؤساء البرلمان مكون من 8 شخصيات فى عهد الخديو إسماعيل، تلاهم 3 وجوه برلمانية بارزة كانوا رؤساء البرلمان فى عهد الخديو توفيق ليؤسسوا «الجيل الثانى» من برلمانى مصر. نركز اليوم على 5 وجوه شكلت ملامح «الجيل الثالث» من رؤساء البرلمان فى عهد الخديو «عباس حلمى الثانى». كان إسماعيل محمد باشا، أول رئيس للبرلمان المصرى، فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى، فى الفترة من 3 نوفمبر 1899 حتى 7 أبريل 1902، وأعقبه عبدالحميد صادق باشا فى الفترة من 10 أبريل 1902 حتى 30 يناير 1909، ثم الأمير حسين كامل باشا 30 يناير 1909 3 مارس 1910، وتلاه محمود فهمى باشا من 11 أبريل 1910 حتى 30 يونيو 1913، وآخر رؤساء البرلمان فى تلك الحقبة كان احمد مظلوم باشا 8 ديسمبر 1913 حتى 17يونيو 1914. تولى البرلمان فى تلك الفترة إدارة حراك مضاد للقوات الانجليزية بالبلاد، وشهد قضايا ساخنة وصراعات تفجرت فى تلك الآونة، على رأسها حادث دنشواى، والحرب بين إنجلترا والعثمانيين، وظهور شخصيات مؤثرة كمصطفى كامل الزعيم الوطنى. امتازت فترة حكم عباس حلمى الثانى، بتوجيه «بوصلة» البرلمان نحو معارضة الإنجليز ورجالهم، حيث شهد مجلس النواب إقاله وزارة مصطفى فهمى باشا، بعد تولى الخديو الحكم بعام واحد، فوقعت أزمة مع إنجلترا، وتحدى الخديو المندوب السامى البريطانى لورد كرومر، فأدى ذلك إلى زيادة شعبيته، فعندما ذهب لصلاة الجمعة فى مسجد الحسين فى 11 يناير 1893 دوت الهتافات بحياته، وارتفع صوت الدعاء له. وأرسل اللورد كرومر لوزارة الخارجية فى إنجلترا، أن الخديو فى حوار معه، قال إن إنجلترا وعدت بترك مصر وأن شرف المملكة مقيد بهذا الوعد، وظهر هذا فى تصريحات الوزراء فى «مجلس النواب» وفى خطب الملك أيضا، وسافر الخديو للأستانة ليشكر السلطان عبدالمجيد على الثقة التى أولاها له ولينال تأييده على الخطوات العودة المصرية لحضن الخلافة، وقد ذكر الخديو فى مذكراته أن السلطان عبدالحميد الثانى شجعه على معارضة إنجلترا، مستخدما الذراع البرلمانية لشرعنه هذا التوجه الرسمى للدولة. وعندما عاد الخديو واصل سياسة التحدى للاحتلال، وبإيعاز منه قررت لجنة «مجلس شورى القوانين» رفض زيادة الاعتماد المخصص للجيش البريطانى وتخفيض ضرائب الأطيان وتعميم التعليم، فاتهمه الإنجليز بأنه نسق مع نظارة مصطفى رياض باشا ولجنة المجلس ضد إرادة بريطانيا العظمى. وفى عهد ثانى رؤساء البرلمان، عبدالحميد صادق باشا، وقعت حادثة دنشواى فى عام 1906، وعقدت محاكمة للأهالى وصدر ضدهم أحكام قاسية، وسافر مصطفى كامل لإنجلترا ونجح فى خلق رأى عام ضد سياسة لورد كرومر فى مصر، وكان ظهيره الداخلى البرلمان المصرى حينها وجلساته التى كانت بمثابة منصة هجوم مضاد للاحتلال، ليتزامن تأثيره مع هجوم الأديب الأيرلندى جورج برنارد شو على الاحتلال، فأُعفى لورد كرومر من منصبة فى 12 أبريل 1907.