أقنعته زوجته بالمشاركة في رحلة ل"القرية الكونية"، نظمها عدد من جيرانهم بمنطقة حدائق الأهرام، ولم تكن تعلم أنها ستعود وأطفالها بجثمانه. "محمد إدريس – 30 عامًا – مهندس" لقي مصرعه غرقًا في بحيرة "القرية الكونية"، التي يصل عمقها إلى 7 أمتار، بعدما قفز وزوجته فيها لإنقاذ طفلهما، البالغ من العمر 3 سنوات، والذي انزلقت قدماه في البحيرة، غير المحاطة بالأسوار. روايات شهود العيان، الذين شاركوا في الرحلة، وكتبوها على صفحة "سكان الحدائق" بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أشارت إلى أن البحيرة عميقة وحافتها رملية وتربتها تسهل الانزلاق في المياه، ولا توجد أي وسيلة لإنقاذ من لا يجيد السباحة. "إدريس لم يفكر حين قفز في المياه، أنه لا يعرف العوم.. قفز دون تفكير مع زوجته لإنقاذ طفله الصغير".. هكذا قال ياسر عماد، شقيق زوجة إدريس ل"الشروق". وأضاف: "تلقيت اتصالا من شقيقتي، وهي تصرخ وتقول لي محمد غرق ولا وسيلة لإنقاذه"، موضحًا أن سقوط "محمد" في المياه حدث في حوالي الثالثة من عصر أمس السبت، وأنه وصل إلى القرية المتواجدة على طريق الواحات بمنطقة 6 أكتوبر، في السادسة مساء ولم تكن قوات الإنقاذ قد وصلت. ثلاث ساعات مرت على جثمان محمد في مياه البحيرة دون أي جهود من إدارة القرية لاستخراجه، وسط صرخات وبكاء الزوجة والأطفال ومحاولات الجيران لإنقاذه. وذكر "ياسر": "اتصلنا بالنجدة عدة مرات، ولم يستجب أحد لي سوى في آخر اتصال في الخامسة والنصف مساء". واتهم إدارة القرية بالإهمال، مشيرًا إلى "عدم وجود فريق إنقاذ أو أطواق نجاة أو حتى أحبال"، قائلا: "العمالة في القرية ناقصة، وإدارتها سيئة ولا توجد أي خدمات، ومدير أمن القرية ترك الحادث وذهب إلى مكتبه دون تقديم أي مساعدات". وتساءل ياسر: "كيف وصل الإهمال لهذه الدرجة في مكان يستقبل أعداد هائلة من الأطفال يوميا؟"، مشيرًا إلى أن العاملين في القرية أخبروه أن غرق إدريس ليس الحادث الأول، بل سبقه ثلاثة ضحايا من قبل. سكان حدائق الأهرام الذين شيعوا جنازة جارهم، اليوم الأحد، شنوا حملات إلكترونية ضد المسئولين عن إدارة القرية الكونية، واتهموها بالإهمال والتسبب في قتل إدريس، الذي مات غرقا تاركا طفلا عمره ثلاث سنوات، وطفلة عمرها سنة. ودشن الأهالي حملة "هنجيب حق محمد إدريس"، هدفها تنسيق الجهود لمحاسبة المسئولين.. "حق الموضوع ليس أموال، إنما لابد من محاسبة المسئولين عن التقصير والإهمال في أبسط حقوق الإنسان في بلدنا". وقال أحمد النمر أحد شهود العيان، الذين شاركوا في الرحلة: "لا يوجد أمن بالقرية، وبقينا نصف ساعة حتى وصل إلينا مدير القرية، وخلال هذه الفترة استمر المركب المخصص للنزهة في حركته وتوصيل زوار القرية من ضفة لأخرى، رغم ندائتنا له بالتوقف لمساعدتنا". وأوضح أن المحضر الذي حرره جيران إدريس أثبت وجود إهمال، في القرية المخصصة لاستقبال الأطفال ورحلات المدارس، وعدم وجود سور حول البحيرة أو خدمات أو أمن.