لإنتاج الخبز.. التموين: توفير الدقيق المدعم ل30 ألف مخبز يوميًا    الجيش الإسرائيلي يقوم بعملية اقتحام واسعة للمنطقة الشرقية في مدينة نابلس    بينهم 3 أطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    بدون إصابات.. حريق في الطابق الخامس بمستشفى مدينة نصر    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    «أهل مصر» ينشر أسماء المتوفين في حادث تصادم سيارتين بقنا    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    استقرار سعر طن حديد عز والاستثمارى والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحق فوق القوة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 09 - 2014

لذلك تتزايد بانتظام أعداد الأفراد ومجموعات الشباب المنضمة لحملات «الحرية للجدعان» و«جبنا أخرنا» و«الأمعاء الخاوية» تضامنا منزها عن المعايير المزدوجة مع جميع السجناء والمعتقلين السياسيين، وبعضهم مضرب عن الطعام منذ فترات زمنية متفاوتة من محمد سلطان وماهينور المصرى وأحمد دومة وأحمد ماهر إلى أصحاب الأسماء غير المعلومة للرأى العام، وطلبا سلميا لتغيير قانون التظاهر القمعى وإسقاط العقوبات الجائرة التى فرضت بسببه.
الحق فوق القوة، لذلك تتزايد بانتظام أعداد الأصوات والأقلام التى توعى الناس بتراكم المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات، وتشير إلى تداعياتها السلبية على المواطن والمجتمع والدولة، وتجعل من إنهاء الظلم أولوية كبرى لمصر، وتبتكر من الأفكار والرؤى والمقولات ما يدلل على علاقة الارتباط الإيجابى بين شيوع العدل واحترام الحقوق والحريات وبين سعادة المواطن وسلم المجتمع الأهلى وتماسك الدولة وثبات مؤسساتها وما يدحض أيضا إمكانية تحقيق الاستقرار والنجاح فى القضاء على الإرهاب والعنف حين تجدد دماء الاستبداد ويعصف بحكم القانون وتتمدد جغرافيا الظلم والمظالم.
هنا، لا تقل أهمية عن ظاهرة الأعداد المتزايدة للأصوات وللأقلام المتناولة لتراكم المظالم ولانتهاكات الحقوق والحريات مقارنة بصيف 2013 أو بعام مضى حقيقة أن أصحابها يأتون من خلفيات فكرية متنوعة ويحملون من المواقف إزاء منظومة الحكم/السلطة الراهنة ما يحضر به التأييد الصريح والمعارضة المبدئية وكل ما بينهما.
•••
الحق فوق القوة، لذلك يعود اليوم إلى بعض هوامش المجال العام المصرى حديث العدالة الانتقالية على نحو يحرر المفهوم من الاحتكار الرسمى من قبل منظومة الحكم/السلطة (وزارة العدالة الانتقالية ووزراؤها)، وينقذ من التسييس والمعايير المزدوجة مضامينه الأساسية توثيق جرائم وانتهاكات الحقوق والحريات/مكاشفة الرأى العام بالحقائق وبهوية الجهات المتورطة والأفراد المتورطين فى الجرائم والانتهاكات/تحديد الأطر القانونية والقضائية لمساءلتهم ومحاسبتهم بشفافية ودون تجاوز لقاعدة ولاية القاضى الطبيعى/وضع الضمانات الكفيلة بمنع تجدد الجرائم والانتهاكات مستقبلا.
فى بيانات وأوراق ومقالات، يطرح قانونيون وحقوقيون وأكاديميون وكتاب وفاعلون بمنظمات المجتمع المدنى مفهوم العدالة الانتقالية دون إغفال للجرائم وللانتهاكات التى حدثت وتحدث لمصريات/مصريين لم يثبت عليهن/عليهم الخروج على القانون أو حمل السلاح أو ممارسة الإرهاب والعنف أو التحريض عليهما، ودون تجاهل للضمانات القانونية لكرامة وحقوق وحريات من يقدمون للهيئات القضائية كمتورطين فى الإرهاب والعنف وفى مقدمة هذه الضمانات قاعدة «المتهم برىء حتى تثبت إدانته» والقواعد الأخرى التى أرساها تراث عظيم فى قلبه أحكام محكمة النقض المصرية، ودون إعمال للمعايير المزدوجة فى التعامل مع الجرائم والانتهاكات بحيث يقبل تحولها إلى مسكوت عنه حين تتعلق بأعضاء ومناصرى جماعة الإخوان المسلمين ومجموعات اليمين الدينى المتحالفة معها، بينما يرفض الصمت بصددها إن ارتبطت بحركات وتيارات أخرى، ودون خوف من المطالبة بالمكاشفة والمصارحة وبمحاسبة المتورطين فى الانتهاكات بغض النظر عن هوياتهم الوظيفية أو الشخصية.
•••
الحق فوق القوة، لذلك لم تحل سيطرة منظومة الحكم/السلطة المباشرة (عبر الإدارة الحكومية) وغير المباشرة (عبر استتباع المصالح الاقتصادية والمالية الخاصة) على وسائل الإعلام العامة والخاصة دون أن تفرض الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية مفرداتها اللغوية ومفاهيمها بشأن توصيف جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وطرحها على الناس بمسميات واضحة لا اختزال بها للحقائق ولا تجميل بها لممارسات الحكم/السلطة. جرائم التعذيب وانتهاكات الاعتقال والقمع والتعقب السياسى وغياب الضمانات القانونية وضمانات التقاضى العادل والناجز، مثلا، صارت تتداول فى المجال العام بالمسميات هذه ولم تجد المؤسسات والأجهزة الرسمية على ألسنة مسئوليها من مفر من التعامل معها تارة بالنفى غير المقنع (كتصريحات وزير الداخلية الأخيرة التى أكد بها عدم وجود معتقلين فى مصر) وتارة بالتخفيف من وطأتها وإطلاق الوعود محدودة المصداقية بالنظر فيها ك(تصريحات رسمية كثيرة بشأن جرائم التعذيب).
•••
الحق فوق القوة، لذلك لم تحل أيضا سيطرة منظومة الحكم/السلطة المباشرة وغير المباشرة على وسائل الإعلام العامة والخاصة وما مكنت له من محاولات مستمرة لفرض الرأى الواحد والصوت الواحد دون أن ترفض قطاعات شعبية مؤثرة فى طليعتها الشباب الجامعى المبررات الرسمية لانتهاكات الحقوق والحريات كمقتضيات «الحرب على الإرهاب» والقضاء على «جماعات العنف» و«الحفاظ على الأمن القومى» وتنأى بنفسها عن بارانويا «الخطر والخوف»، التى يروج لها بتوظيف تأويل مبتثر للأحداث الداخلية والإقليمية يسكت بصدد الداخل عن العلاقات الارتباطية الجلية بين الاستبداد والمظالم والانتهاكات وإماتت السياسة وبين استمرار ظواهر الإرهاب والعنف، وبصدد الإقليم عن تلازم الاستبداد والتدخل الأجنبى مع التخليق المتصاعد لتنظيمات إرهابية جديدة وخروج فعلها عن حدود «المتفق عليها سلفا» مع الممولين والرعاة من حكام مستبدين وأجهزتهم الأمنية ومن قوى أجنبية واستخباراتها، وهنا وهناك عن عجز الأدوات العسكرية والأمنية بمفردها عن تخليصنا من شرور الإرهاب والعنف.
أما الإجراءات ذات طبيعة غير الديمقراطية الواضحة مثل إعادة عناصر الأمن إلى الجامعات، وإلغاء انتخابات رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وجعل سلطة تعيينهم فى يد رأس السلطة التنفيذية، وإلغاء نشاط الأسر الطلابية ذات التوجه السياسى/الحزبى، والتهديد المستمر بتعقب وقمع طلاب المدن الجامعية، وتأجيل الدراسة الجامعية فلن تفلح أبدا فى الزج بشباب الجامعات إلى ساحات الرأى الواحد والصوت الواحد ولا فى حملهم على القبول الضمنى لانتهاكات الحقوق والحريات ومن ثم تجاهلها والصمت عنها.
•••
الحق فوق القوة، لذلك يبدى المجال العام المصرى وليس فقط على هوامشه القلق من احتمالات تورطنا فى حرب أمريكية جديدة على الإرهاب تتجه جيوشها ومعداتها وعملياتها العسكرية وضرباتها الجوية والصاروخية بداية إلى العراق وسوريا، ولا يعلم أحد أين ستتجه بعدهما وأين ستقف. ومصادر القلق متعددة ومباشرة؛ فالحروب الأمريكية السابقة فى بلاد العرب لم تسفر إلا عن انتشار للإرهاب والعنف وما يصاحبهما من وحشية ودموية وانتهاكات، وتلازمت الحروب الأمريكية مع استبداد منظومات الحكم/السلطة فى بلاد العرب فى صناعة بيئة مجتمعية مواتية للتنظيمات الإرهابية وحاضنة لانتشارها، ولم يكن ضحايا متوالية الاستبداد والتدخل الأجنبى والإرهاب إلا المواطن الذى أصبح «الهدف الأسهل» للحاكم المستبد ولعمليات الجيوش الأجنبية ولأفعال التنظيمات الإرهابية، والمجتمعات التى أضحت ظواهرها الحاكمة هى الدماء وجرائم الإبادة والدمار والتهجير واللجوء، والدول الوطنية التى تحولت مؤسساتها إلى أشلاء فى العراق وسوريا وغيرهما.
وإذا كانت بعض القطاعات الشعبية المؤثرة فى مصر ترفض توظيف «الحرب على الإرهاب» لتبرير المظالم والانتهاكات وقطاعات أخرى لا تقل تأثيرا مازالت تقبل المبررات الرسمية، إلا أن الطرفين يتلاقان على التسليم بأن حرب أمريكية لن تقضى على داعش وانشطارات القاعدة الأخرى بل سترتب على الأرجح تعاظم نفوذها ومن ثم أدوارها الوحشية والدموية، وأن الحل الأنجع هو العمل على لملمة أشلاء الدولة الوطنية فى العراق وسوريا بتجاوز الاستبداد والمظالم والانتهاكات والطائفية الحاضرة فيهما منذ عقود، وأن الأفضل لنا هو عدم التورط فى الحرب الأمريكية الجديدة لكى لا ترتد علينا وعلى بلاد العرب بالمزيد من التهديدات والتحديات.
هنا أيضا تغليب لجوهر الحق على القوة، وإن لم يبلغ لدى القطاعات الشعبية التى مازالت تستسيغ المبررات الرسمية للمظالم والانتهاكات كمقتضيات ل«حربنا نحن على الإرهاب» إلى مداه الأخلاقى والإنسانى الكامل بعد بالتسليم بأولوية العدل واحترام الحقوق والحريات وبناء الديمقراطية فى القضاء على الإرهاب والعنف فى مصر ثم تقديم نموذج ناجح لدولة وطنية عادلة وقوية ومجتمع متسامح ومتقدم يقنع إقليميا ويجتذب الشعوب العربية بعيدا عن المتوالية الكارثية للاستبداد والتدخل الأجنبى والإرهاب.
أسجل مجددا، أن لا داعى لليأس أو لإلقاء الأوراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.