كتب راجا موهان الكاتب البارز فى مؤسسة أوبزرفر ريسيرش مقالا بجريدة ذى انديان إكسبريسThe Indian Express يتحدث فيه عن ضرورة قيام ناريندرا مودى بتبنى استراتيجية جديدة تساعده على الوصول إلى المنطقة الحرجة للهند وشبه القارة الشرق الأوسط. فبعد بداية مثيرة للإعجاب شهدتها الدبلوماسية الهندية مع الجيران فى الأسبوع الماضى، ينبغى على رئيس الوزراء ناريندرا مودى الوصول إلى منطقة الشرق الأوسط، التى لا تظهر على رأس قائمة أولويات نيودلهى الدبلوماسية؛ على الرغم من أهميتها الحيوية الاقتصادية، والتقارب الثقافى والمادى، والمخاوف الأمنية المشتركة. ••• وأشار الكاتب إلى حقيقة أن رئيس الوزراء السابق مانموهان سينج لم يزر المنطقة إلا نادرًا؛ فقد سافر مرة واحدة فقط إلى كل من إيران ومصر لحضور قمة حركة عدم الانحياز. كما أن تبادل سينج الزيارات مع المملكة العربية السعودية وقطر وعمان مرة واحدة لكل منها فى العقد الماضى لا ترقى إلى مستوى مصالح الهند فى المنطقة. ويعتبر مودى فى موقف مناسب لتغيير هذا الوضع واتخاذ نهج استراتيجى للشرق الأوسط. غير أن أى إشارة إلى المنطقة وحكومة حزب بهاراتيا جاناتا فى نفس الجملة، سوف تقودنا حتما إلى إسرائيل. فنظرا لمجموعة متنوعة من الأسباب، كان حزب بهاراتيا جاناتا، يميل فى الماضى إلى إيلاء إسرائيل أهمية خاصة. وينتقد منظرو الحزب حكومات حزب المؤتمر بسبب تجاهلها إسرائيل، كما يميلون لمنح العلاقة مع تل أبيب امتيازًا خاصا فى الشرق الأوسط. ••• وأوضح موهان أن تصريحات جاسوانت سينج خلال زيارة لإسرائيل فى عام 2000 وهو أول وزير خارجية هندى تؤكد أن سياسة دلهى تجاه الشرق الأوسط، كانت ضحية «التجمعات الانتخابية» السياسية فى الداخل. وفى عام 2003، استضافت حكومة التجمع الوطنى الديمقراطى الزيارة الأولى والوحيدة لرئيس وزراء إسرائيلى إلى الهند. وشهدت عودة حزب المؤتمر إلى السلطة فى عام 2004 تراجعا فى التعامل السياسى مع إسرائيل، رغم ازدهار التعاون الأمنى مع تل أبيب فى ظل حكم التحالف التقدمى المتحد. وهناك تصور واسع الانتشار اليوم أن إسرائيل سوف تكون على رأس جدول دبلوماسية مودى. حيث كانت من البلدان القليلة التى زارها عندما كان رئيس وزراء ولاية جوجارات. وإذا اختار أن يزور إسرائيل مرة أخرى، سيكون أول رئيس وزراء للهند يقوم بذلك. ••• وأضاف الكاتب أن الاستقطاب الطائفى الحاد خلال الانتخابات أسفر عن العديد من المخاوف فى الشرق الأوسط، لم تكن حكومات المنطقة تعرب عنها رسميا دائما. ومن بين هذه التخوفات، ما يتعلق بسياسات الأغلبية المتوقعة فى ظل حكومة مودى. وقد تأثر معظم حكومات منطقة الشرق الأوسط بحجم ونطاق فوز مودى، وسوف تتيح هذه الحكومات لرئيس الوزراء الجديد الاستفادة من ميزة الشك، فيما يتعلق بموقفه تجاه الأقلية الإسلامية الكبيرة فى الهند. وهى مستعدة حتى الآن على الأقل لقبول وعد حزب بهاراتيا جاناتا علاج جميع المواطنين الهنود على حد سواء. ويتعلق التخوف الآخر باحتمال أن ينتهج مودى سياسات المواجهة مع باكستان، بما لها من وزن كبير فى العالم الإسلامى. وقد بدد مودى بالفعل هذا التصور من خلال التواصل مع نواز شريف حتى قبل أدائه اليمين الدستورية فى منصب رئيس الوزراء. وليس لدى معظم بلدان المنطقة الرغبة فى الاختيار بين الجانبين فى شبه القارة، على الرغم من جهود باكستان المتواصلة طوال العقود العديدة الماضية لحشد العالم الإسلامى ضد الهند. هكذا يتبقى اثنان من المخاوف الأخرى فى الشرق الأوسط: ربما يولى مودى أولوية للعلاقات مع إسرائيل على حساب العلاقات مع العالم العربى ويفاقم تجاهل دلهى خلال حكم التحالف التقدمى المتحد للشرق الأوسط سياسيًا. وفى استطاعة مودى كما ينبغى عليه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، تبديد المفاهيم الخاطئة حول سياسته الخارجية تجاه الشرق الأوسط. ••• وفى نهاية المقال أشار موهان إلى إطار من خمسة عناصر أمام مودى للسعى من أجل توسيع مصالح الهند فى المنطقة: الأول، فى حين يركز نقاد حزب بهاراتيا جاناتا ومؤيدوه على مسألة إسرائيل، يجب على مودى تأكيد التزامه بإرث السياسة الخارجية الذى كان قائما فى عهد اتال بيهارى فاجبايى، رئيس وزراء حكومة التجمع الوطنى الديمقراطى مابين 1998-2004، والتى أكدت على نهج متوازن تجاه الشرق الأوسط. وثانيا، يجب أن يجعل مودى العلاقة مع إسرائيل شفافة. فليس هناك مبرر لأن تكون سرية أو تبريرية (تفضيلات حزب المؤتمر). وليس هناك مجال للرومانسية التى تسود فى أقسام باريفار الهندوتفا. فإذا تعاملت الهند مع إسرائيل بطريقة مفتوحة، مثل كل القوى الكبرى الأخرى بما فيها روسيا والصين، وسوف تقل شكوك العالم الإسلامى تجاه سياسات دلهى فى المنطقة. الثالث، يجب أن يعرف أن على الرغم من أهمية علاقة الهند مع إسرائيل، فإنها ليست بديلا عن السعى لتحقيق المصالح الحيوية للهند فى بقية المنطقة. الشرق الأوسط هو المصدر الرئيسى لاحتياجات الهند المتزايدة من البترول، وهو موطن لسبعة ملايين من العمال الأجانب، ووجهة رائدة لصادرات الهند، ومصد مهم لرأس المال ويحتمل أن تكون شريكا حاسما فى مكافحة الإرهاب. رابعا، يجب أن يدرك أن الشرق الأوسط اليوم لديها عديد من المشاكل الأخرى بخلاف النزاعات بين العرب وإسرائيل: التنافس المتزايد بين إيران والمملكة العربية السعودية، وتصاعد التوتر الطائفى بين الشيعة والسنة، والحروب الأهلية المنهكة فى العديد من دول المنطقة. كما ينبغى أن يوقف بحسم نظرة دلهى التقليدية للشرق الأوسط من خلال منظور السياسة الداخلية فى الهند. وخامسًا، فى حين ينبغى أن تكون دلهى حساسة للتصدعات متعددة القديمة والجديدة فى الشرق الأوسط، يجب أن يوضح مودى أن الهند مفتوحة أمام الاستثمار مع جميع الدول فى المنطقة. ومن جانبه، فإن الشرق الأوسط مستعد للمزيد من التعامل المكثف والبراجماتى مع مودى.