«الله، أنت مالك متعور كده ليه؟!.. لا والله كنت بغني في حفلة امبارح وضربوني بالورد، قالي والورد يعورك كده، قلت له أيوة ما في آخر كل وردة في قصرية زرع»، هكذا روى الضاحك «إسماعيل يس» في حوار نادر للإذاعية آمال فهمي عبر أثير الإذاعة المصرية، عقب سؤالها له لماذا ترك الغناء وتوجه للمنولوجات، وفيما يلي نستعرض لمحات سريعة من حياة أيقونة الضحك المصري «أبو ضحكة جنان» إسماعيل ياسين في ذكرى وفاته. إسماعيل يس علي نخلة، الشهير ب«إسماعيل يس»، ولد بمدينة السويس، في 15 سبتمبر 1912، عاش طفولة صعبة وحياة غير مستقرة، فتتوفى والدته ويدخل أبوه السجن، فيترك التعليم قبل أن يتمم المرحلة الابتدائية، ليعمل مناديًا أمام محل بيع أقمشة، حتى يذهب للعاصمة لارتياد معهد الموسيقى، فلم يستطع فيعود للسويس ويبدأ مشواره كمنولوجست وفنان. «الضاحك ينافس الموسيقار» اعتاد الغناء ل«محمد عبد الوهاب»، ورأى أصدقاؤه أنه يتميز بصوت جميل، فنصحوه بالسفر إلى القاهرة وارتياد معهد الموسيقى، ف«سرق» ستة جنيهات ونصف من جدته، وبالفعل سافر للعاصمة لمنافسة الموسيقار، ولكنه وجد المعهد مغلقًا، ولأنه من محافظة السويس ولا أقارب له في القاهرة، نفذت الستة جنيهات ونصف منه بمرور الأيام عليه، فيمشي على قدميه طوال الليل، حتى يهتدي فجرًا لشيخ جامع «مراسينا» بالسيدة زينب ساعده في العودة للسويس. «ياسين يتجه للمنولوجات» بعد عودته للسويس يرافق «خليل حمدي المحامي»، ويذهب معه إلى صالات «بديعة مصابني»، و«يوسف عز الدين»، و«رتيبة وإنصاف رشدي»، فيحب المنولوجات، وفي إحدى سهراته بالأزهر يقلد المنولوجست «سيد سليمان»، فيراه الشاعر محمد عبد المنعم الشهير ب«أبو بثينة» ليعجب به وينصحه بإلقاء المنولوجات، ليحصل إسماعيل على أربعة جنيهات ونصف في الشهر في عمله كمنولوج حتى يصل لتقاضي ستين جنيهًا عن الليلة، ليصبح «أبو بثينة» سببًا من أسباب اتجاه الضاحك لفن المنولوجات على الرغم من حبه للغناء ورغبته في منافسة الموسيقار محمد عبد الوهاب. «إسماعيل يس واتجاهه للسينما» اتجه للسينما في العام 1941، وعمل بها كمنولوج، ليقدمه «توجو مزراحي» أحد رواد السينما المصرية، للعمل مع الراحل «علي الكسار» في فيلم «علي بابا والأربعين حرامي» فيتقاضى مبلغ أربعة عشر جنيهًا ونصف، ويعمل من بعدها مع «يوسف وهبي» بفيلم «الطريق المستقيم»، ليكافئه «مزراحي» بمبلغ خمسين جنيهًا لنجاحه في أداء دور «سكير» فشل في أدائه 6 فنانين كبار، لتبدأ رحلته الفنية الحقيقية، فيقابل المخرج الراحل «حسين فوزي» ويعمل في فيلم «أحب الغلط» مع الفنانة «تحية كاريوكا»، ويتسلسل في الأجر فيتقاضى مبلغ 2500 جنيه. «اتضربت وقولت النكتة على نفسي» «الصدفة هي اللي حكمت الموقف وحسمت طريق حياتي» هكذا يختصر الضاحك، اتجاهه لفن المنولوجات والتمثيل بدلًا من الغناء، فيروى أن غناءه ل«أيها الراقدون تحت التراب» في أحد الأفراح، كان سببًا للإقلاع عن فكرة الغناء، بعد أن تم ضربه لأدائه هذه الأغنية في تلك مناسبة، ويختتم حديثه فيقول: «أنا الراجل بتاع النكتة اللي غنى في حفلة وضربوه وقولتها على نفسي». ومن أشهر منولوجات «إسماعيل يس»، «حرب الحما - الدنيا دي متعبة - ما تستعجبش - أصلي مؤدب - عيني علينا يا أهل الفن». ويعد «إسماعيل يس» ثاني من أنتجت له السينما المصرية أفلامًا باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام «إسماعيل يس في متحف الشمع - إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة - إسماعيل يس في الجيش»، وكون فرقة باسمه عملت لما يقارب ال12 عامًا. وكان ابتعاد «الضاحك» عن تقديم المنولوجات، وتكرار أدواره في السينما والمسرح في الستينيات ومرضه من أسباب انحسار نجمه، بالإضافة لتراكم الديون عليه لتدخل الدولة في الإنتاج الفني وإنشاء مسرح التليفزيون، الأمر الذي اضطره لحل فرقته المسرحية عام 1966، ليسافر من بعدها إلى لبنان فيشارك هناك في بعض الأفلام القصيرة، ويعود إلى مصر ليعيش فترة صعبة كانت نتيجتها أزمة قلبية حادة أدت لوفاته في 24 مايو عام 1972، عن 59 عامًا.