يرى البعض ان الحياد الاعلامى فى المعركة الانتخابية ضرب من الخيال، بينما يؤكد البعض الاخر انه موجود، ويميل آخرون إلى التأكيد بأنه يجب ان يكون حاضرا على الأقل فى البرامج الخبرية. بين هؤلاء جميعا يظل الحياد نسبيا، ويظل الاعلام المصرى يبحث عنه رغم ان الاعلام الامريكى فشل فى العثور عليه.. ففى الانتخابات الامريكية لم يجد السيناتور جون ماكين المرشح ضد اوباما فى انتخابات 2008 اى حرج فى ان يقول جملته المشهورة «أن الاعلام الامريكى وقع فى حب اوباما»، وقامت حملة ماكين بعرض نماذج من هذا الانحياز للرئيس الامريكى، فى حين لم يستطع ماكين نفسه ان ينفى انحياز مجموعة قنوات امريكية له مثل فوكس نيوز التى كانت تهاجم اوباما على طول الخط. الاعلامى حافظ المرازى يرى ان هناك فرقا بين الحياد وبين عدم التحيز، ويقول: لا يجب ان يكون هناك انحياز لمرشح دون الآخر فى التغطية الاخبارية والصحف، ووسائل الاعلام التى تريد ان تنحاز لمرشح تضع مثلا تنويها انها تميل إلى مرشح دون اخر، لكن فى المتابعات الاخبارية يجب ان تلتزم بعدم التحيز، وكان هناك تقليد قديم بان تضع الصحف مربعا صغيرا تؤكد فيه انحيازها لمرشح دون الاخر، لكنه لم يعد موجودا الآن، اما برامج الرأى فمن حق صاحب الرأى ان يدلى برأيه، ونرى ذلك مثلا مع كبار مقدمى البرامج مثل اوبرا وينفرى، ولكن من يريد ان يقدم برنامجا باعتباره صحفيا لا يجب ان ينحاز تماما مثلما تقول ان توماس فريدمان كاتب عمود وكاتب رأى فى النيويورك تايمز ومن حقه ان يؤيد فلان او ينحاز لفلان، لكن رئيس التحرير ليس من حقه ذلك لأنه صحفى، والقنوات التى يقدم فيها برامج رأى وهى كثيرة فى قنواتنا يجب ان تنوه إلى ذلك، ولكن للأسف المسألة تسودها الفوضى وتختلط برامج الاخبار ببرامج الرأى ثم من يصبح مثل اوبرا وينفرى وغيرها ممن يعبرون عن ارائهم ويصرحون بها علانية يمكن ان يعبر عن رأيه وانظر إلى تاريخهم قبل ان تتحدث عن انحيازهم، لكن للأسف لدينا شباب ليس لديه الخبرة وحديث العهد بالمهنة، ومع ذلك يصر على ان ينحاز ويعطينا رأيه ويردد ان الحياد غير موجود، ولو اراد ان يفعل ذلك فعليه ان يقدم نفسه كصاحب رأى او ناشط سياسى او اى شىء من هذا القبيل ولا يقدم لنا نفسه على انه اعلامى، ووقتها سوف يكون هذا حقه ولن يمنعه احد من ان يصرح بانحيازه فى اى عملية انتخابية. الاعلامى شريف عامر، الذى اشادت به تقارير المتابعة واكدت انه يتصدر قائمة الأكثر حيادا على الشاشة يقول: الحقيقة انا مؤمن بتفاصيل مهنتى ومواصفاتها وتحديدا فى الظروف الانتخابية لابد أن يكون الحياد هو سيد الموقف، كما أنى مؤمن بأننى لا يجب ان اكون وصيا على احد، فليس معنى ان الله جعلنى مقدم برامج ولدى منصة اقول من خلالها ما اريد، ان احجر على رأى الناس فى اختيارها للمرشح الذى تريده، ونحن جربنا نتيجة الوصايا على المصريين وكل من سولت له نفسه وظن انه وصى على الشعب لفظه الشعب واطاح به، اما ما يقال حول عدم حيادية الاعلام الامريكى فانا اعتقد ان الكلام على علاته ليس صحيحا، فقد صرحت بالفعل وسائل اعلام امريكية عن تفضيلاتها فى معارك الرئاسة، وهذا من حقها، لكن فى نفس الوقت تتيح وسائل الاعلام هذه منصة عادلة لكلا المرشحين، اضافة إلى ان كل مؤسسة من حقها ان تعلن عن تفضيلاتها لكن ليس من حقها اختلاق احداث للمرشح الآخر، وفى النهاية سوف تجد عددا قليلا من المؤسسات الاعلامية هى من تعلن عن ذلك مثل «فوكس» المعروفة انها تمثل اليمين الامريكى، وهنا فى مصر نحن ندعم شخصيات لكنهم فى امريكا يدعمون اتجاهات سياسية وبشكل معلن وليس مخفيا. ويضيف شريف عامر: انا شخصيا لا احب ان اعلن عن رأيى فى اى مكان حتى على حسابى الخاص فى الشبكات الاجتماعية، وكثيرا ما يحاول البعض استدراجى لمعرفة اى مرشح سوف اعطيه صوتى، والحقيقة اننى حتى ارفض الافصاح عن ذلك خاصة فى الانتخابات، والحقيقة الناس فى مصر سواء من حملة السيسى وانصاره او حملة حمدين وانصاره يعرفون طريقتى فى العمل، ولم اواجه بأى نقد او لوم من اى منهما والحمد لله. الدكتور سامى عبدالعزيز عميد كلية الاعلام السابق الخبير الاعلامى يرى ان الحياد الاعلامى اصبح مثل الخل الوفى والعنقاء، يقول: لا وجود للحياد لأننا لا نستطيع ان ننكر حق الاعلام الخاص فى ان يكون له توجهاته واجندته الخاصة، وحتى الاعلام الرسمى فيفترض ان ينحاز للشعب ولا يجب ان يكون حياديا على الاطلاق، والسؤال هو من يقوم بعمل توجهاته وتفضيلاته بمهنية، وهنا السؤال يكون عن المهنية وليس الحياد، فحتى لو كان لك رأى خاص وتوجه خاص يجب ان تفعل ذلك فى اطار مهنى، بمعنى انك تجمع معلوماتك من مصادر موثوق فيها وان تعطى الفرصة المتكافئة للاطراف المختلفة، حتى لو اعلنت انحيازك لأى منهما، فالاعلام الخاص لا يوجد قانون فى العالم يجبره على ان يكون محايدا، لأننى مثلا اذا انشأت قناة وانا انتمى إلى حزب ما فمن غير المعقول الا اعبر عن هذا الحزب فى قناتى، والفرق اننا فى مصر نتحدث عن منظومة اعلامية مختلفة، ففى الخارج لايوجد اعلام حكومى وكله اعلام تجارى وخاص او اعلام الخدمة العامة مثل انجلترا، ولكن لايوجد اعلام حكومى فى اى مكان فى العالم الا فى الدول النامية. ويضيف عبدالعزيز: عندما تتحدث عن الاخبار، فانت تتحدث عن وقائع لا يجب فى نقل هذه الوقائع ان تلونها او تخضعها لأهوائك، ولكن يمكنك ان تفعل ذلك فى برامج اخرى غير الاخبار. خبير الاعلام ياسر عبدالعزيز يعبر عن وجهة نظره بما يراه قانونا ويقول: وسائل الاعلام المملوكة للدولة يجب ان تلتزم اقصى درجات الحياد والتوازن فى تغطية العملية الانتخابية، اما وسائل الاعلام الخاصة فمن حقها ان تدعم اى من المرشحين المتنافسين، لكن عليها ان تفسح عن انحيازها والا تقوم بتشويه الحقائق او اختلاق الوقائع او الطعن غير الموضوعى فى المرشح الآخر او الخوض فى حياته الخاصة، واذا التزمت بذلك فمن حقها ان تدعم اى شخص.