مأساة إنسانية تتجدد كل عام فى محافظة قنا وتحديدا عقب انتهاء موسم جمع القصب، بسبب تشوين قش المحصول على أسطح المنازل من أجل استخدامها كأعلاف للمواشى أو كسماد للأرض. وفى ظل درجة الحرارة العالية تتحول هذه البقايا إلى مادة خطرة سريعة الاشتعال تعادل البارود فى خطورتها لما تسببه من حرائق، وتسببت خلال اليومين الماضيين فقط فى احتراق أكثر من 55 منزلا وحظيرة ونفوق عشرات الماشية فى حريقين بقريتى بهجورة التابعة لمركز نجع حمادى ورفاعة التابعة لمركز فرشوط. البداية كانت بعزبة عمارة التابعة لقرية الغربى بهجورة مركز نجع حمادى، حيث التهمت النيران أكثر من 10 منازل نتيجة ماس كهربائى بإحدى العصارات بالقرية حيث تطاير الشرر على أسطحها واشتعل بكميات كبيرة من القش، أسفرت عن احتراق محتويات وأثاثات نحو 10 منازل وإصابة 9 أشخاص باختناقات وجروح بالإضافة إلى 11 حظيرة مواشى ونفوق أكثر من 20 رأس ماشية وأغنام، ورجحت المعاينة الأولية لقوات الحماية المدنية والمعمل الجنائى حدوث ماس كهربائى تسبب فى اشتعال النيران وانتقالها على أسطح المنازل المبنى معظمها بالطوب اللبنى والمليئة بقش القصب. وتكرر المشهد فى قرية رفاعة التابعة لمركز فرشوط، بعدما نشب حريق تسبب فى احتراق محتويات 23 منزلا ونفوق عشرات الماشية والأغنام، ونتقلت سيارات الإطفاء من مراكز نجع حمادى وفرشوط وأبوتشت وتمكنت من السيطرة عليه دون وقوع إصابات بشرية. ويظل قش القصب أو مخلفاته أو حتى بقايا الحيوانات التى تستخدم كسماد للأراضى أو تستخدمها سيدات القرى فى تسخين الأفران البلدية، مادة سريعة الاشتعال تهدد حياة الكثيرين من أبناء الصعيد.. المهندس جمال حافظ، أحد أهالى قرية الغربى بهجورة قال إن الآهالى فوجئوا بنشوب حريق مروع بأحد المنازل وبعد لحظات قليلة انتقلت النيران إلى المنازل المجاورة نتيجة لانتشار مصاصات القصب بالقرية، والتى تحتوى على نسب مرتفعة من الكحول وتشتعل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة،لافتا إلى أن الحريق أستغرق أكثر من 5 ساعات وظل ينتقل من منزل إلى آخر. وأوضح أن قوات الحماية المدنية وسيارات الاطفاء التابعة لمركزى نجع حمادى وفرشوط انتقلت على الفور للقرية وتمكنت من السيطرة على الحريق بمساعدة أهالى القرية. وقال ممدوح حافظ عمدة قرية السلاجة بالغربى بهجورة إن مصاصات القصب مثل البارود تشتعل فى لحظات، وهى كثيرة بداخل القرى خاصة بقرية بهجورة التى تستخدم فيها المصاصات فى تسوية العسل الأسود، وحينما اشتعلت النيران بداخل إحدى العصارات امتدت إلى المنازل المجاورة نتيجة وجود هذه المصاصات وبقايا ومخلفات الحيوانات التى تستخدم كسماد وفى الأفران البلدية. يذكر أن حريقى «هجورة ورفاعة» لم يكونا الأولين فقد شهدت قرية الحاج سلام التابعة لمركز فرشوط حرائق مروعة استمرت لما يزيد على 10 أيام فى نفس التوقيت خلال العام الماضى، حيث اشتعلت النيران بشكل عشوائى ومفاجئ فى أكثر من 40 منزلا مما أدى إلى نفوق العشرات من الماشية والأغنام، ما جعل الأطفال يمتنعون عن الذهاب لمدارسهم، وشكلت لجان شعبية من شباب جميع عائلات القرية لمقاومة الحرائق وعكف البعض ممن فقدوا الحيلة فى تفسير علمى للحرائق ولم يجدوا أمامهم من وسيلة سوى الاستعانة بالسحرة والكهان لصرف «الجن» بحسب اعتقادهم ، إلا أن اللجنة العلمية المشكلة من أساتذة جامعة جنوب الوادى بقنا رجحت أن يكون سبب الحرائق المخلفات النباتية وخاصة القصب والمخلفات الحيوانية وحذرت اللجنة من الاحتفاظ وتشوين بقايا القصب بداخل المنازل. من جانبه أمر اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا، بعد تفقده للمنازل التى اشتعلت بها النيران بالقريتين، بتشكيل لجنة من المحافظة برئاسة محمد عبد الفتاح السكرتير العام المساعد، وعضوية كل من مديرية الإسكان وإدارة المتابعة الميدانية بالمحافظة ومديرية الشئون الاجتماعية ورئاسة قريتى بهجورة ورفاعة والإدارة الهندسية لمعاينة المنازل المحترقة لتحديد وحصر التلفيات والخسائر والحيوانات النافقة (جمال - وأبقار - وأغنام) لتعويض المضارين كما أمر على الفور بصرف مساعدات عاجلة للمضارين.