برلماني: الحكومة الجديدة أمامها مهمة صعبة في ظل التحديات التي تواجهها الدولة    الفريق أول محمد زكى يفتتح أعمال تطوير أحد مراكز إدارة التدريب المهنى    الكيلو يصل 200 جنيه.. أسعار اللحوم القائم والأضاحي قبل عيد الأضحى    البنك المركزي المصري يسحب سيولة من السوق المحلي ب 840.6 مليار جنيه    «الخارجية الأمريكية»: هناك من يعارض صفقة إطلاق المحتجزين بالحكومة الإسرائيلية    مكتب حقوق الإنسان الأممي يندد بقتل 500 فلسطيني في الضفة الغربية    برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    لابورتا يكشف سبب إقالة تشافى من تدريب برشلونة ويعلق على انتقال مبابى للريال    تفاصيل مشروع الأهلي الجديد.. ستاد ومدينة رياضية    إحالة المتهم بقتل زوج ابنته بالسويس إلى مفتي الجمهورية    يوليو المقبل.. بدء تصوير «إش إش» بطولة مي عمر    بتول عرفة مخرجة حفل افتتاح مهرجان المسرح المصري في دورته ال 17    70 عضوا بالكنيست يوقعون على عريضة تدعو للموافقة على صفقة التبادل    تفاصيل دور مصطفى غريب في «المستريحة» بطولة ليلى علوي    ضياء رشوان موجها رسالة للحكومة الجديدة: أتمنى مخاطبة الناس بشكل متواصل    الأزهر و«الإفتاء» يوضحان حكم من نوى الأضحية وحلق.. 3 أقوال للعلماء    وكيل وزارة الصحة بالبحيرة يفتتح ورشة عمل لجراحة المناظير المتقدمة بمستشفى إدكو    هيئة الدواء تنظم ندوة حول «اعتماد المستحضرات الصيدلية من قبل الصحة العالمية»    وزير الصحة ورئيس هيئة الشراء الموحد يستعرضان جهود شركة روش لمكافحة الاورام السرطانية    الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تعلن عن خطتها لموسم الحج 1445ه    خبير اقتصادي: السوق المالي سيشهد صعودًا وبقوة الفترة المقبلة    تشكيل منتخب إيطاليا أمام تركيا استعدادًا لنهائيات يورو 2024    جامعة أسيوط تعلن عن منح عبر برنامج "من أجل المرأة في العلم"    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2024    عاجل| كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط يزور المنطقة الأسبوع الجاري    إصابة سيدتين وطفلة في حادث تصادم بالصحراوي الغربي شمال المنيا    الخارجية الأمريكية: وقف إطلاق النار في غزة مقترح إسرائيلي وليس أمريكيا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    مصادر تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم    محافظ دمياط تشهد افتتاح 6 مدارس بمركز فارسكور    المؤتمر الطبي الأفريقي يناقش التجربة المصرية في زراعة الكبد    إجلاء مئات المواطنين هربا من ثوران بركان جبل كانلاون في الفلبين    حسام حسن: لم أكن أرغب في الأهلي وأرحب بالانتقال للزمالك    شقيق المواطن السعودي المفقود هتان شطا: «رفقاً بنا وبأمه وابنته»    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    المنتج محمد فوزى عن الراحل محمود عبد العزيز: كان صديقا عزيزا وغاليا ولن يعوض    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    ضبط 3 أشخاص بحوزتهم 12 كيلو أفيون مخدر قيمته 1.2 مليون جنيه    وزارة التعليم توجه تعليمات لطلاب الثانوية العامة استعداداً للامتحانات    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالجيزة    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    "تموين الإسكندرية" تعلن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية لاستقبال عيد الأضحى    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    أمير هشام: كولر يملك عرضين من السعودية وآخر من الإمارات والمدرب مستقر حتى الآن    علام والدرندلى يشهدان تدريبات المنتخب الأوليمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الناصر يعلن تأميم الشركة العالمية لعلاج فيرس سي
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2014


(1)
"آه لو عبد الناصر عايش. . كان لبسكو طرح وغوايش"
من هتافات بعض المتظاهرين من المواطنين الشرفاء
(2)
بدأ المذيع أبو صوت رخيم ضخيم فخيم يقرأ خطابًا موجهًا من الرئيس جمال عبد الناصر شخصيًّا للمسيو أوثانت، أمين عام الأمم المتحدة ذات نفسها، وبدأ المذيع الخطاب بعبارة "عزيزي أوثانت". تصوروا، يعني إحنا المذيع بتاعنا راسه براس سكرتير عام الأمم المتحدة يا جدعان!
- أما يا جدع ده إحنا عندنا القاهر والظافر.
- ده بيقولك تلاتة قاهر وتلاتة ظافر يدمروا إسرائيل بالكامل وياخدوا حتة من لبنان فوق البيعة!
- طب ما نضرب تلاتة قاهر واتنين ظافر عشان منعورش لبنان.
- كده حتفضل حتة من إسرائيل.
- ندكها بالميج تلاتة وعشرين يا أهبل!
الحمد لله إني عشت وهشوف اليوم ده بعيني. . أحمدك يا رب.
من مذكرات أحمد فؤاد نجم "الفاجومي".
(3)
"عيبك إنك دكتورة وبتفكري كتير وشاغلة بالك، لو تخلي نفسك زي الناس اللي مابتعرفش تقرأ وتكتب هتخفي أسرع".
هكذا قال إبراهيم عبد العاطي "اللواء" مخترع جهاز الجيش لعلاج فيرس سي والإيدز، لمريضته طبيبة الأسنان نورا عبد العزيز، التي لجأت منذ 10 سنوات إلى عيادته للعلاج بالأعشاب، حين أخبرته أن تشخيصه لمرضها خاطئ أصلًا.
حين روت نورا القصة لي توقفت كثيرًا عند هذه العبارة، فكرت أنها تلخص قصة النظام الحالي كله.
اللواء عبد العاطي هو الحاكم المثالي حسب دولة يوليو التي ما زلنا نعيشها حتى اليوم، فهو يحمل رتبة عسكرية، ويمزجها بالمزايدة الوطنية والدينية، وبهذا تصبح المعارضة مخالفة للوطن والدين معًا، كما يؤكد بيقين ذي لمسة أبوية أنه يعلم الأفضل لهذا المواطن الذي من واجبه أن يسلم نفسه تمامًا لحاكمه الأدرى بمصلحته.
أما المواطن المثالي فهو "اللي مابيعرفش يقرا ويكتب"، يعمل في صمت، يصبر في صمت، يموت في صمت، حتى تعبر مصر هذه المرحلة الحرجة- وكل المراحل حرجة- وتنتهي الأزمة- وكل الأوقات بها أزمات- وساعتها سينال هذا المواطن مكافأته و"هيخف أسرع"!
للأسف المواطن المثالي أصبح أكثر ندرة هذه الأيام..!
لو أن عبد الناصر عايش ونحن في زمنه لكان الشعب كله هتف للعلاج العبقري العظيم الذي سيعالج كل الأمراض، أما القلة الضئيلة المعارضة يمكن ببساطة سجنها بلا أدنى أثر.
لم أكن سأجد أي خيط عن الجهاز أوعن مخترعه، لم أكن سأجد على فيس بوك كلام بعض من يعرفونه، أوعلى الإنترنت آثارًا قديمة وفيديوهات عن الموضوع، وبالتأكيد لم أكن سأنشر ما كتبت حيث هو متاح للملايين بكل بساطة.
أتخيل صورتي وأنا أدخل متلفتًا إلى مقر المطبعة السرية، أطبع مع رفاقي 500 نسخة من المنشورات، والتي بها قدر محدود مما توصلنا إليه، ثم نحاول توزيعها في الأتوبيس فيتم القبض علينا لنصبح "بتوع الأتوبيس" الحقيقيين!
أما لو كان عبد الناصر عايش في زماننا الحالي لحدث له نفس ما حدث لغيره بالضبط، سيواجه الأسئلة الصعبة والأرشيف الموثق عند كل كلمة، ولما أفلت هو شخصيًّا من السخرية. أوكما قال عمرو عزت في مقال بالمصري اليوم: "هذه اللحظة لا تتوفر فيها خدمة الاستبداد الوقور".
(4)
"زيارة الفريق أول عبد الفتاح السيسي لها طابع خاص، لأنه امتداد لوالدي.. السيسي هو الوريث الوحيد للقب حبيب الملايين الذي حمله عبد الناصر".
المهندس عبد الحكيم عبد الناصر تعليقًا على زيارة السيسي لقبر والده في ذكرى وفاته
"السيسي هو جمال عبد الناصر الوقت الحالي الذي نجح في التفاف الجميع حوله".
كمال الهلباوي
(5)
كانت مشاريع عبد الناصر إنجازات حقيقية في زمانها فعلًا..
كانت الصواريخ اختراعًا مدهشًا جديدًا اخترعه العلماء الألمان قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد هزيمة ألمانيا تقاسمت روسيا وأمريكا العلماء الألمان لتمنحهم حقوق الإقامة مقابل نقل هذه الخبرات الثمينة... مصر كانت هناك، وانتقل لها بعض علماء الصواريخ الألمان، وبدأت بالفعل صناعة الصواريخ، لكن بالتأكيد كانت قوتها التدميرية محدودة، كما أن مشكلتها الأكبر هي أن أجهزة التوجيه كانت شبه معدومة، ربما كان الصاروخ سيضرب الأردن لو تم إطلاقه على إسرائيل!
ونفس الوضع ينطبق على مفاعل إنشاص البحثي الذي تم افتتاحه عام 1961 قبل مفاعل ديمونة الإسرائيلي الذي افتُتح عام 62، وعلى المشروع الطموح لتصميم الطائرة الحربية المصرية "حلوان".
لكن "الأفورة" والمزايدة الوطنية، وكلاهما ملمح ناصري أصيل، كان نتيجتهما هي الانهيار الكامل وخسارة حتى هذا الإنجاز العظيم الواقعي، الذي كان يمكن استكماله ليصل بعد سنوات إلى هدفه.
يمكن تطبيق نفس المثال على ما حدث بشأن علاج فيرس سي، هناك جهاز تشخيص من اختراع العميد أحمد أمين، تم تقديم طلب براءة اختراعه عام 2010، وكان يمر في مراحله العلمية بهدوء، يؤيده بعض العلماء ويرفضه آخرون ويطلب تفاصيلة فريق آخر، لكنه بالتأكيد موجود وتمت تجربته في عدة دول، وعرضه في عدة مؤتمرات، ونتائجه الإيجابية يمكن أن يكون بداية لإنجاز عظيم ما... لكن حمى الأفورة الوطنية أدت لضياع هذا الإنجاز المحتمل وسط أصابع الكفتة المحروقة!!
(6)
علامات العلم المزيف السبع التي وضعها العالم الأمريكى روبرت بارك في كتابه المهم (الفودوو العلمي):
العلامة رقم 1: الباحث يقدم أبحاثه للصحافة ووسائل الإعلام مباشرة ولا يقدمها للمحافل العلمية.
طبعًا هذا ما حدث هنا حرفيًّا: تقدم كشفك في مؤتمر صحفي، وأنت تحمل كل هيبة واحترام القوات المسلحة فلا يجرؤ أحد على الاعتراض. لماذا لا تقدم كشفك في مؤتمر طبي لأمراض الكبد ليسلخك العلماء بأسئلتهم؟
العلامة رقم 2: الباحث يزعم أن المؤسسات الكبرى تحاول سرقة عمله.
هنا وصلنا إلى محاولة رشوته بملياري دولار واختطافه مما جعل المخابرات الحربية تخطفه قبل أن يخطفه آخرون. اللواء الباحث يرفض بتاتًا ذكر أي تفاصيل عن عمله حتى لا تتم سرقته من شركات أدوية.. يا سلام!.. ومتى يتم نشره إذن؟ ومتى يتم تمحيصه؟
العلامة رقم 3: الباحث أجرى أبحاثه منفردًا.
المقصود هنا أنه يعمل دون تواصل مع مؤسسات بحثية كبرى. عندما كنا نتكلم عن التشخيص يمكنك أن تعرف كل تفاصيل البحث والعاملين فيه والتعاون مع أطباء باكستانيين.. إلخ.. لماذا؟.. لأن السي فاست كشف علمي مهم فعلًا، أما هذا فهراء.
العلامة رقم 4: الباحث يعتمد على أدلة شفهية لتدعيم كلامه.
هل من دليل عن شفاء من تم شفاؤهم سوى كلام اللواء؟ وسوى كلمة (أنت كان عندك إيدز وراح) حتى تذكرت المعالجين الروحانيين (أنت كان عليك عفريت ومشي يا بني).
العلامة رقم 5: الكشف يحتاج إلى تغيير مفاهيمنا لقوانين الطبيعة.
الفيروس سي يحوي DNa وليسRNA.. والبروتين يمكن تحويله لكفتة.. والسرطان والسكري نتيجة فيروسات.
إذن نحن نملك خمس علامات من سبع على أن هذا الكلام فارغ... هل هذا كافٍ؟
من مقال د.أحمد خالد توفيق "تعالوا ننخدع من جديد: شربة الحاج داود"
http://tahrirnews.com/columns/view.aspx?cdate=03032014&id=e6dbe2a3-b858-4ff5-ac96-e831f78877b6
(7)
"لن يكون في مصر بعد 30 يونيو مريض بفيرس سي".. هل يدرك قادة الجيش وأنصارهم معنى هذا الوعد الذي أطلقه عبد العاطي بكل بساطة؟
من ناحية أنت منحت الأمل لكل مرضى الفيروس في مصر بلا استثناء أوتمييز، بما فيهم كل من لن تتحسن حالته بالعلاج بفرض فعاليته الكاملة، مثلًا 20% من المصابين بالمرض في مصر على الأقل وصلوا إلى مرحلة تليف الكبد، ولن يختلف وضعهم حتى لو تمت إزالة كل فيروس من مجرى الدم. (بالمناسبة لم يكلمنا أحد عن مصير الفيروسات الموجودة في خلايا الكبد لا الدم).
ومن ناحية أخرى نحن نتحدث عن أرباح أكثر من أسطورية، عن عشرات المليارات التي يدفعها العالم من أجل علاج فيروس سي والإيدز، عن أرباح كفيلة بجعل مصر أغنى من الخليج بلا ذرة مبالغة! كيف يتم التعامل مع أمر بهذه الحيوية بهذا الأسلوب المستهين والمهين؟!
لا أتحدث هنا عن تفاصيل علمية؛ لأنها ببساطة غير متاحة لنا أصلًا، لم نر الجهاز، لم يُنشر عنه أي شيء، كل المعلومات المتعلقة بفكرة عمله أوبفترة أبحاثه أوتجاربه وعدد من تمت عليهم، كل شيء غامض وغير واضح، لذلك أتحدث فقط عن إخراج المشهد.
قام عبد الناصر بإخراج أسطوري مهيب لمشهد الخطاب التاريخي الذي أعلن فيه "تأميم الشركة العالمية لقناة السويس..."، وهذا الإنجاز المفترض اليوم لا يقل أهمية بل يزيد، فدخل الجهاز العلاجي نظريًّا سيكون أضعاف دخل قناة السويس، وهو يمثل ضربة هائلة لمصالح شركات ودول عديدة عبر العالم، وهو تغيير تاريخي في المسار العلمي العالمي!
إعلان بهذه الأهمية كان يحتاج التأكد التام بأكبر قدر ممكن من التجارب وأكبر قدر من النقاش بين الخبرات الطبية في مصر، ثم الإعلان بأعلى مستوى ممكن، حيث يعلنه رئيس الدولة في خطاب تاريخي للعالم، وليس "صاحب سوابق" يتحدث عن الكفتة، ثم يصبح من ينتقد هذه المسخرة معرضًا للتشكيك في وطنيته!
الجريمة الأكبر من عدم وجود علاج هي أن يكون العلاج موجودًا لكن يتم تقديم الأمر بهذا الإخراج خارق السوء حتى تنطبق عليه علامات العلم الزائف عند العالم كله، بينما نحن أول من يحتاج الاعتراف العالمي به لتسويقه لتنتهي إلى الأبد مشاكلنا الاقتصادية المزمنة!
(8)
تعالى بقى ليوم ثبوت الرؤية، يوم الجمعة الحزينة 9 يونيو 67.. الوشوش كانت صفرا صفار الموت والأنفاس مكروشة..
- يا ترى الريس هيقول إيه في البيان؟
- أنا بقول يمكن يضربهم بالذرية.. دي عالم ما ينفعش فيها غير الذرية.. مش إحنا برضه عندنا الذرية؟
- طبعا يا أبو حنفي. . عندنا الذُرية الصالحة!
من مذكرات أحمد فؤاد نجم "الفاجومي"
(9)
لماذا حظي التحقيقان اللذين كتبتهما عن جهاز الجيش بهذه المعدلات المرتفعة للغاية من القراءة رغم وفرة الحديث عن الموضوع بالامتداح والنقد في كل مكان؟
لماذا حظيت أميرة جبر، التي أحرجت ناصر أمين في مؤتمر تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان عن فض رابعة، بكل هذا الأثر؟
الإجابة في كلمة واحدة: "المعلومة".
لو كانت أميرة قاطعت المتحدث بالهتاف في وجهه "يسقط حكم العسكر" أوبحكاية قصة عاطفية مؤثرة عن صديقة قتلت في رابعة لما اهتم بما فعلت إلا فئة محدودة، ولحظيت بكل أنواع المزايدة على "العيال اللي مش فالحين غير في الزعيق".
لكن أهمية ما فعلته أميرة هي أنها ((ذاكرت)) و((بحثت)) عن المعلومة، فقارنت بين معلومات تفصيلية لتجميع الباحثين بالمجلس القومي، وبين نص البيان الصادر.
ثم بعد تجهيز المادة فعلت كل ما يمكن لتجهيز المسرح للتركيز على "المعلومة" فقط، فلم تقاطع بل تحدثت في وقتها، لم تنطق بحرف واحد عن أي شخص، أوعن أي موقف سياسي لها أوللمتواجدين، فقط معلومة موثقة بلا أي إضافة.
المزايدة العاطفية مهمة جدًّا، لكن مفعولها يتراجع أمام مزايدة عاطفية مقابلة، وهو نفس ما يحدث للمزايدة الحماسية، أما المزايدة "المعلوماتية" فمفعولها لا يُرد.
(بالمناسبة لو كان هذا عصر عبد الناصر لكان تأثير أميرة اقتصر على بضعة صحفيين موجودين في المكان، فلا فضائيات تنقل بثًّا مباشرًا، ولا "يوتيوب" يشاهد عليه الملايين ما حدث)
(10)
"-إحنا كناصريين جدد مش مهتمين بإعادة إحياء التجرية بحذافيرها، إحنا عايزين ناخد الكويس ونسيب الوحش، يعني إحنا مثلا مش مؤمنين بالقومية العربية طبعًا، على العكس إحنا قوميين مصريين، وبنكره الفلسطينيين والعرب تحديدًا وبنخاف من الأجانب بصفة عامة".
وطبعا إحنا مش هنحاول نعيد إنتاج مشاريع عبد الناصر الاجتماعية والاقتصادية دي بنت زمنها وأثبتت فشلها وإحنا مش عايزين نكرر أخطاءه.
-امال أنتو إيه بقى اللي عاجبكو في عبد الناصر؟
- إنه كان ابن (.......) وبيخوف!"
من حوار مُتخيل مع الناصريين الجدد كتبه كريم عنارة.
(11)
كل إيجابيات الحكم الناصري من التركيزعلى التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية، غير موجودة في سياسات النظام الحالي أومؤيديه، بينما يكاد يقتصر مفهومهم عن الناصرية على سلبياتها مثل القمع والدولة الشمولية وعدم السماح بأي معارضة؛ لأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة طبعًا!
ولكن لأنه كما كتبت في مقال سابق، هذا ليس زمن الناصرية حيث لا إعلام إلا إذاعة صوت العرب، وحيث لا تواصل بين الناس إلا عبر الدولة، اليوم على الحاكم مهما بلغت شعبيته في لحظة ما أن يخاف؛ لأنه لم يعد هناك أسرار يمكن الاحتفاظ بها، لأن دورة التاريخ أصبحت أسرع، ولأن تراكم الشرارات المتتالية لإشعال النار أصبح أسهل.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/192567
وشراراتنا الأهم حاليًّا التي يجب أن نراكمها- حتى لو كان أثرها الحالي محدودًا جدًّا- هي المعلومات الموثقة، وهي التركيز على أصوات مختلفة عن أصوات معركة الإرهاب/ الانقلاب عند كلا الطرفين، مثل أصوات معارك البطالة والفقر والظلم الاجتماعي، وما موجة الإضرابات الحالية منا ببعيد.
لأن هذا ليس عصر عبد الناصر، بالتأكيد ستعلو أصوات فوق صوت المعركة..
اقرأ أيضًا:
بالوثائق والصور.. بوابة الشروق تتتبع مخترع علاج فيرس سي: الصحة طاردت عيادته للعلاج بالأعشاب وضحاياه يشتكون.. وأحكام قضائية بتهمة «انتحال صفة طبيب»

بالوثائق.. «بوابة الشروق» تتتبع قصة «جهاز الجيش».. طلب براءة الاختراع والتجارب منذ 2010.. ولا ذكر للعلاج أوللواء «عبد العاطي».

بالفيديو.. صحفية «تكذّب» تقرير قومي حقوق الإنسان حول فض رابعة ب«8 أسئلة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.