«نريد الرجوع لأصلنا منذ 40 سنة وننسى السياسة»، هكذا قالها صراحة الدكتور أحمد فريد، أحد مؤسسى الدعوة السلفية في الإسكندرية، بدعوى أن السياسة فرقت الإسلاميين وانشغلوا عن الدعوة بسببها، وذلك خلال ندوة له بمدينة العامرية غرب الإسكندرية الجمعة الماضية، وهى الدعوة التى كشفت حجم الجدل السائد حاليا بين السلفيين حول الاستمرار فى السياسة من عدمه. الدعوة بدأ فى تطبيقها عمليا بعض المشايخ السلفيين، مثل الدكتور محمد إسماعيل المقدم، أحد أبرز مؤسسى الدعوة السلفية، والذى اعتزل العمل السياسى بعد 30 يونيو ولم يحضر أى اجتماع لمجلس أمناء الدعوة السلفية، ويرفض الحديث أيضا فى السياسة، أو الإعلان عن موقفه من المواقف السياسية المختلفة، كما انضم لهذا المعسكر عمليا الشيخ الدكتور أحمد أبوحطيبة، أحد مؤسسى الدعوة السلفية وعضو مجلس أمنائها، فضلا عن رموز سلفية لا تنتمى للدعوة السلفية. ويرى محللون أنه بسبب مثل هذه الدعوات انخفضت نسبة المشاركين فى العملية السياسية من السلفيين، وظهر هذا واضحا فى الاستفتاء على الدستور الذى أجرى فى منتصف شهر يناير الماضى. وأشار فريد فى حديثه لأبناء الدعوة السلفية، خلال الندوة، إلى أن السياسة فرقت الإسلاميين والملتزمين وصنفتهم، مضيفا: «نريد أن نتواصل مع الناس مرة أخرى وننسى مصطلحات العسكر والإخوان والسلفيين، ونعيد تربية أنفسنا من جديد، ولابد لكل واحد فينا أن يهتم بإصلاح نفسه». وتابع: «إننا نريد أن ننسى السياسة، ونسعى إلى الحديث عن الفقه والصوم والمعاملات، فلابد من أن نعيد صياغة وبناء أنفسنا من جديد واستعراض معانى الأخوة فى الله». ويقول الدكتور شعبان عبدالعليم، عضو المجلس الرئاسى لحزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، ل«الشروق»، إن دعوة الشيخ أحمد فريد للعودة إلى الدعوة والبعد عن السياسة ربما يأتى من منطلق أن بعض الناس وكوادر الدعوة السلفية خاصة انغمسوا كثيرا فى العمل السياسى والكلام فى السياسة بحكم المرحلة الانتقالية وابتعد بعضهم عن الدعوة. وأضاف: «ليس معنى أن السياسة أنتجت الفرقة بين الناس والإسلاميين أن نترك السياسة تماما»، مؤكدا أن السياسة لا تنفصل عن الدعوة، وإلا يعتبر الإسلام دينا كهنوتيا منعزلا عن الحياة العامة. وبشأن انخفاض نسبة مشاركة السلفيين فى العملية السياسية، وهو ما كان ظاهرا خلال الاستفتاء على الدستور الذى أجرى فى منتصف شهر يناير الماضى، قال عبدالعليم: «النسبة المنخفضة تعود لسبب بسيط وهو أن الدعوة السلفية والإسلاميين عامة يتم إقصاؤهم عن الحياة العامة، وسيستمر ذلك لبعض الوقت حتى يتعلم الناس أدب الأخلاق والحوار، والالتزام بالآداب الشرعية». وحول إمكانية عودة الدعوة السلفية للدعوة فقط كما كانت فى عهد مبارك والابتعاد عن السياسة، قال الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، الدكتور محمد على يوسف، إن «حزب النور طالما مسموح له من النظام بالعمل فلن يتوقف عن العمل فى السياسة ومحاولة الحصول على أكبر مكاسب، إلا إذا تم الاتفاق فى صفقة مع الدولة أن يوقف أنشطته السياسية فى مقابل إطلاق استمراره فى الدعوة سيوافقون تماما». وعن دعوة الابتعاد عن السياسة، قال: «هذا الأمر بيد الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، لأن إدارة هذه الجماعة فيها مركزية شديدة، ولو وجد أى رأى مخالف لرأيه فمن سيفصل فيه هو برهامى وأتباعه المسيطرين على مجلس شورى الدعوة السلفية والحزب». وأضاف يوسف: «لو الدولة تفكر جيدا فمن مصلحتها أن تترك الدعوة السلفية تعمل وتكون موجودة سياسيا، حتى يكون هناك تنوع أيديولوجى وشكلى، بالرغم من أن هذا التنوع ليس له عمق، فتأثيرهم فى الشارع أصبح ضعيفا ومقتصرا على أتباع الدعوة السلفية فقط وعلى بعض البسطاء الذين يثقون فى أصحاب السمت الإسلامى».