على طريقة «تفكيك الألغام» قبل انفجارها، بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحرك المياه الراكدة في ملف «لائحة اختيار البطريرك».. وبجلسة استثنائية للمجمع المقدس، غدًا الخميس، برئاسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ستفتح لأول مرة عملية التصويت على اللائحة «المزمع تعديلها». لكن عملية التعديل لن تخرج إلى النور قبل مناقشتها وصياغتها من قبل لجنة ترشيحات البطريرك في جلستين تمهيديتين للمجمع برئاسة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والكنائس الغربية، كتنفيذ لمطالب عدد من الأقباط لتتماشي مع مقتضيات العصر واتساع الكرازة في مصر وبلاد المهجر، وبدا هذا الأمر ملحًا بعد رحيل البابا شنودة الثالث. «ترشيح الأساقفة» يمثل ترشيح الأساقفة أول لغم يسعى المجمع المقدس لتفكيكه باجتماعه غدًا، فما بين مؤيد ومعارض ظل الخلاف بين الأساقفة قائمًا، وخصوصًا حول مدى أحقية ترشح أساقفة الإيبارشية للكرسي البابوي منذ الانتخابات البابوية السابقة. كان واضحًا انقسام الأساقفة إلى فريقين مع مجلوس البابا تواضروس الثاني على الكرسي الباباوي، فظهر فريقان داخل المجمع «الأول» طالب بحق أسقف الإيبارشية للترشح، وعلى رأسه الأنبا بيشوي مطران دمياط وتوابعها، والأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، والأنبا بفنتيوس أسقف سمالوط. أما «التيار الثاني» فقاد جبهة الرفض وفي مقدمته الأنبا سرابيون أسقف لوس أنجلوس، والأنبا ديمتريوس أسقف ملوي، ولكل منهما دوافعه، وفقًا لقوانين الكنيسة والمجامع المسكونية المعمول بها منذ آلاف السنين، بحسب ما قالته مصادر كنسية ل«بوابة الشروق». «العلمانيون يختلفون» خارج المجمع المقدس، ظهرت اختلافات أيضًا بين التيارات القبطية المختلفة، إذ طالب المفكر القبطي كمال زاخر، رئيس التيار العلماني بعدم ترشح الأساقفة – أساقفة الإيبارشيات والعموميين سواء- لانتخابات البطريرك. أما نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، فشدد في مذكرة قدمها للبابا تواضروس الثاني، بمنع ترشيح أساقفة ومطارنة الإيبارشيات المرسومين عليها بصفة رسمية. وانتهى الأمر إلى توافق على إعداد لجنة ترشيحات البطريرك تشمل نصين «الأول» يسمح لهم بالترشيح للانتخابات، و«الثاني» يمنعهم من ذلك.. وما بين هذا وذاك يحسم المجمع المقدس للكنيسة هذا الأمر في اجتماعه غدًا. «القرعة الهيكلية»
أما ثاني لغم، فجسدته أزمة القرعة الهيكلية، وتحديدًا بعد أن أحدثت خلافًا بين أعضاء المجمع المقدس، حول المرحلة النهائية لاختيار البابا. فريق الأساقفة الأول يتمسك بضرورة حذفها من اللائحة الجديدة، لأن إجراء قرعة هيكلية وإحضار طفل للاختيار «العشوائي» من بين أوراق المرشحين ليس لها أي أساس روحي أو سند قانوني، فيما يعتبر الفريق الثاني أن وجودها بشكلها الحالي يحظى ب«أهمية كبيرة كتقليد كنسي عريق منذ القرن الرابع الميلادي». «نجيب جبرائيل» بدوره وقف إلى جوار الفريق الثاني، معلنًا تأييده بقاء نظام القرعة الهيكلية الحالي. فيما رد كمال زاخر بضرورة إلغائها. وتنص المسودة الأولية للائحة الانتخابات- المزمع مناقشتها غدًا- بشأن هذا الخلاف على الإبقاء على القرعة الهيكلية، والتي تتم بين الثلاثة مرشحين الفائزين في الانتخابات بأعلى الأصوات، كما هي دون تغيير. «زيادة الناخبين» وفيما يتعلق بتوسيع قاعدة الناخبين، بدا توافقًا ملحوظًا بين جميع أبناء الكنيسة، واتفق الجميع على تعديل اللائحة لتشمل توسيع قاعدة الناخبين لتتناسب مع أعداد الأقباط الآن، وإشراك أكبر عدد ممكن من الناخبين خلافًا لقانون لائحة الموضوع في سنة 1957، والذي يقصر من لهم حق الانتخاب على أعضاء المجمع المقدس وعددهم 74 أسقفًا ووجهاء الأقباط فقط ك«الأعيان والوزراء السابقين والحاليين والصحفيين». ومن جهته، قال الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، في تصريحات صحفية، إنه سيتم توسيع فئات الناخبين لتشمل فئات أكثر من الموجودة في اللائحة السابقة، مشيرًا إلى أن عدد المشتركين في الانتخابات البابوية السابقة 2400 شخص فقط، وهذا قليل جدًا بالنسبة لعدد الأقباط، لذلك سيتم توسيع المشتركين لتشمل فئات وصفات أكثر مثل النقابات المختلفة والمصريين في الخارج وغيرها. «صفات المرشح» وعن صفات المرشح للكرسي البابوي، ذكر «الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس» أن أهم التعديلات التي ستجرى على اللائحة الجديدة، هي تعديل صفات المرشح للكرسي البابوي، خصوصًا أن اللائحة القديمة لم تحدد ملامح كافية للمرشح البابوي، وتفترض أن الشخص يرشح نفسه ويقدم أوراقه بنفسه وهذا وضع «غير كنسي»، ولذلك تم تعديل هذا الشرط إلى الوضع الصحيح، وهو أن الآخرين يرشحون شخصًا ما، وتكون لديه مؤهلات وسمات تميزه حتى يليق بهذا المنصب. ونصت المسودة الأولية للائحة انتخاب البطريرك- التي ستُجرى مناقشتها غدًا- على أنه «يشترط فيمن يرشح للكرسي البطريركي أن يكون مصريا قبطيا أرثوذكسيا من طغمة الرهبنة المتبتلين الذين لم يسبق لهم الزواج، سواء كان بطريركًا أو أسقفًا أو راهبًا، وأن تتوافر فيه جميع الشروط المقررة في القوانين والقواعد والتقاليد الكنسية، وبلغ 40 عامًا على الأقل عند خلو الكرسي البابوي، وأن يكون قضى في الرهبنة عند التاريخ المذكور مدة لا تقل عن 15 عامًا». كما شملت «مقترحات التعديل» ألا يزيد سن المرشح للكرسي البابوي عن 60 عامًا، وألا يكون أسقف أو مطران إيبارشية، وأن يكون حسن السمعة وكريمًا وسمعته خالية من الشوائب، وأن يجيد اللغة الإنجليزية ووسائل الاتصال الحديثة، وأن يكون فاهمًا للعلوم اللاهوتية وعلوم الكتاب المقدس. «مؤتمر صحفي» يذكر أن الجلسة الاستثنائية للمجمع المقدس التي تعقد الخميس، قد تم الاتفاق عليها في دورة اللجان المجمعية العادية السابقة لجلسة المجمع السابق المنعقدة يوم الخميس 21 نوفمبر الماضي. وعقب الجلسة تعقد الكنيسة مؤتمرًا صحفيًا بالمركز الإعلامي للكنيسة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية لعرض نتائج الجلسة والتعديلات باللائحة. يشار إلى أن المجمع المقدس يعقد اجتماعاته العادية مرتين في السنة قبل عيد حلول الروح القدس وبعد عيد جلوس البابا.