«ضربونا ورمونا في الشارع.. يرضي مين ده؟.. حقنا فين؟.. خلي بالك هياخدوا أي حد يصور هنا.. نايمين في الشارع».. كلمات أطلقها عدد ممن كانوا يتخذون أسفل كوبري عزبة النخل الذي انهار منذ أيام نتيجة حريق هائل، مقرًا لهم. وأمام كاميرا «بوابة الشروق»، تحدثوا عن معاناتهم بعد إزالة عششهم دون توفير سكن بديل لهم. «هنا المترو» بمجرد الوصول إلى محطة مترو عزبة النخل التي قررت شركة تشغيل مترو الأنفاق تشغيلها مجددًا بعد توقفها أيام، بسبب انهيار كوبري الشيخ منصور، بدا المشهد واضحًا بعدم وجود العشش المعتادة أسفل الكوبري، وعلى جانبي ترعة التوفيقية التي أزالتها شرطة المرافق بالأمس. «تشديدات أمنية» سيارات للشرطة والأمن المركزي ومحافظة القاهرة والحي والحماية المدنية ومصفحة لإطلاق قنابل الغاز تقف على بعد من ترعة التوفيقية التي تم ردمها، على استعداد للتعامل مع أي محاولة للعودة إلى أسفل الكوبري. أسر في الشارع وعند الاقتراب من المنطقة أكثر، ترى بعض الأسر «رجال، سيدات، أطفال» الجميع يجلس على الأرض بعضهم يفترش «حصيرة، بطانية أجولة سرير خشبي». بعض من سكان المنطقة في العمائر السكنية المطلة عليهم ينظرون من الشرفات لمتابعة آخر التطورات فيما لاتزال عمليات الهدم والردم مستمرة. «ضحكوا علينا» قال مصطفى الأدهم أحد المتضررين إن قوات الأمن طلبت منهم مساء أمس الثلاثاء، إخلاء «العشة» في مقابل منحهم «شقة» في منطقة المؤسسة، مضيفا: «وافقنا وضحكوا علينا ولم ينفذوا وعدهم وهدموا السكن ورمونا في الشارع». وأضاف «الأدهم – 40 عامًا» أنه يقطن في هذه المنطقة منذ 35 سنة ولديه بعض الإيصالات الخاصة بدفعه مصاريف الكهرباء والماء «المعايدة». هنا قاطعته زوجته وهي تحمل طفلها، متحدثة لكاميرا «بوابة الشروق»، قائلة: «جوزي راجل على الله.. أرزقي يوم شغال و10 لا.. هم رمونا في الشارع من إمبارح ومعندناش فلوس ناخد شقة إيجار جديد أو قديم ومش عارفين هنعمل إيه». «إحنا بتوع الفواتير» «الكوبري هو السبب» قالها «عيد قاسم» وهو يمسك في يده بعض الأوراق والفواتير، مشيرًا إلى أنها تثبت وجوده في المنطقة على قطعة الأرض التي تم هدم العشة أعلاها منذ 40 سنة. «عيد» صاحب ال60 عامًا أضاف: «لدي ثلاث أولاد أحدهم يدرس في الجامعة، وقد قامت قوات الأمن بهدم العشش بسبب انهيار كوبري الشيخ منصور منذ أيام واتهامنا في انهياره». «رضينا بالعشش.. والحكومة مش راضية علينا» أوسام عبد المنجي قالت والغضب يسيطر عليها: «يعني إحنا رضينا بالعشش والحكومة مش راضية»، وأضافت السيدة العجوز أنها «تسكن في هذه المنطقة منذ أن كان عمرها خمس سنوات». وذكرت أن «بعض المسؤولين جاءوا إلى هنا، وطلبوا منا تسجيل أسماء الأسر في كشوف عديدة منذ زمن وتكرر الأمر أكثر من مرة، لكي نحصل على سكن آخر (شقة من الحكومة)، لكن هناك من تم تنفيذ طلبه، وهناك آخرون لم يحصلوا على شيء وسوف نظل في الشارع حتى تجد الحكومة حلا». «ضد الشرطة» أحاديث متداخلة وعبارات كثيرة أطلقها وعبر عنها بعض المتواجدين من المتضررين، كلها ضد الشرطة التي اتهموها بالتعامل معهم بكل قسوة أثناء الهدم.. الجميع تحدث عن كلمات رددها ضباط الشرطة: «اطلعوا بالذوق» وإلا سنضطر للجوء للعنف». المتضررون تمسكوا بعدم تحركهم من أماكنهم حتى يحصلوا على شقق خاصة أسوة بآخرين منهم، وقالوا إنه تم القبض على 17 شخصًا منهم أثناء عملية الإزالة ك«تهديد مؤقت» قبل أن يتم إطلاق سراحهم مرة أخرى. طرد الصحفيين إحدى السيدات تنادي من بعيد وعندما توجهنا إليها، قالت: «يا بني معلش امسح صوري علشان مش عايزة أطلع في الصحافة.. وبعدين أنا جاية أقعد مع بنتي أنا مش ساكنة هنا أصلا وخلي بالك أي حد بيصور هنا الشرطة بتطرده أو تقبض عليه»، ظنًا منها أن كاميرا «بوابة الشروق» كانت تلتقط صورًا لها. «ولع في نفسه» في كل مكان ينتشرون.. ينتظرون صحفيًا يسعى لنقل معاناتهم، ما دفع أحدهم للوقوف فجأة أمام الكاميرا، معلقًا: «على فكرة في واحد إمبارح حط على نفسه بنزين أثناء هدم عشته وكان عايز يحرق نفسه وإحنا لحقناه»، مضيفًا أن الدولة والحكومة تتحمل مسؤولية من تمت إزالة مساكنهم، لأن عددهم يتجاوز 300 أسرة، وتم تشريدهم بعد الهدم. «بيضحكوا على الحكومة» مشاهد نوم الأطفال في الشارع «مؤلمة للغاية»، وهي آخر المشاهد التي التقطتها كاميرا «بوابة الشروق»، لكنها لم تكن النهاية فأحد سكان المنطقة، عرفنا بنفسه داخل «محطة مترو عزبة النخل»، ثم قال: «صورتوا الناس بتوع العشش.. خلي بالكم في ناس منهم مش ساكنين هنا أصلا بس هم ليهم أقارب جابوهم علشان اسمهم يتكتب في كشوف المحافظة وياخدوا شقة.. فاكرين نفسهم هيضحكوا على الحكومة». «أصل الحكاية» كانت حملة أمنية لشرطة المرافق قد قامت بإزالة عشرات «العشش» بالأمس على جانبي ترعة «التوفيقية» أسفل كوبري الشيخ منصور المنهار بسبب حريق هائل شب من تحته منذ أيام.