مقدمة لا بُد منها في أول مرة: من هو الكرش الشعبي؟ الإجابة بشكل عام جدًا، هو مجرد فرد؛ مواطن عنده رقم قومي ويداوم على استخدام البنزين المدعم ويؤيد وبشدة إن فطار كل يوم جمعة يبقى فول وطعمية وبتنجان وعيش بلدي صابح. أما الإجابة بشكل دقيق للغاية، فهو مجرد فرد، عنده خجل زايد من الكاميرا، يَكرَه الكوسى، يؤيد بشدة إن سكان كل ضفة من ضفتي نهر النيل لازم يلتزموا بحدود ضفتهم وميعبروش لأراضي ما بعد النيل منعًا للزحمة، محب مخلص لمصر الجديدة، مؤمن بكون المانجا والبرتقال أثر من الجنة على الأرض. أما لو ليه إسمه الكرش الشعبي، فده مش تفضيل منه لأكل معين عن أكل تاني، إنما هو اتسمى كده لأنه بيقعد ياكل على كل الموائد الممكنة بلا تفرقة. وعليه، فالإجابة بشكل عام أو محدد على سؤال الكرش الشعبي دائمًا حَتُفضي لنتيجة واحدة، إنه واحد بيكتب عن الأكل في بلد أنجح ما فيها أي مشروع فيه أكل، يسعى لإيجاد أجوبة نهائية لأسئلة معقدة زي "ايه أحسن مكان بيعمل بيتزا؟" و"فين ممكن آكل رغيف حواوشي حلو؟" و "لماذا الكوارع مصدر للبهجة وغيرهم. مقال سيتكرر بشكل دوري: يقول العارفون ببواطن الطريق، أن رجلًا ما قد قابله طريقان أثناء تجواله بالغابة، طريق تسلكه العامة، وطريق قصير يُفضي إلى حارة أمام مسجد السيدة زينب، فَسَلَكَه، وكَان من خَبرِهِ ما كان. خلينا في الأول نتفق على حاجة، القاهرة اللي كانت كُنيِتها زمان مدينة الألف مئذنة طبقًا لكل كتب المناهج الدراسية، دلوقتي من السهل جدًا تبقى كُنيتها مدينة اللحمة البلاستيك. معظم الأماكن اللي بتقدم لحمة في مختلفة أشكالها –برجر، كفتة، كباب، الخ- اعتنقت مذهب العلَّامة الكَاوِتشُوكِي وبقت لحمتها أقرب ما يكون لإعلانات الأيام ده، لِعب على فكرة النوستالجيا. فيها ريحة اللحمة، وملمس اللحمة، بس هي بالتأكيد مش لحمة. وهي ده نقطة تفوق مولانا الرفاعي الواضحة. الرفاعي بيقدملك اللحمة زي ما يكون بيديك عِلم صافي، لا تَشُوبُه شائبة ولا دَنَس فيه. المحل موجود جوه حارة\زُخنِيق صغير كده قدام مسجد السيدة زينب، وبالبديهة، أشهر من نار على علم. القعدة متواضعة وبسيطة جدًا، بس بالرغم من كده، عندك اختيارين؛ يا تقعد جوه المحل –منصحش بكده، سخيفة وميتة- يا تقعد بره في الحارة، وهو الاختيار الأمثل. الخِدمَة هناك بطيئة شوية، بس الناس ودودة جدًا ودمهم خفيف، وحَيْحَسسوك إنك دائمًا أهم فرد في الزباين كلهم. أول ما تقعد، حتنزلك السلاطات –طماطم وبصل وخيار، طحينة، بابا غنوج- والعيش. ساعتها، متنساش تطلب الويسكي، مية السلاطة وعليها شوية شطة، بس عَجَب. كباية واحدة من الويسكي كافية إنها تطهر جَوفَك لتلقي بركات مولانا الرفاعي، كتلقي المُحبِّين عن العارفين. الاختيارات هناك قليلة نوعًا ما، لكنها في الصميم؛ كفتة وكباب وطرب وسجق ونيفة. الخدمة مش سريعة قوي، لكنها مش "بطيئة". أول حاجة لازم تعرفها وانت بتطلب، إن الأسعار مش ثابتة، أو أنا اللي لحد انهارده مش عارف ألاقيلها نمط معين. تاني حاجة، الأكل تقيل، واللحمة بحق وحقيقي، فَ متفتحش صدرك عالبحري قوي وانت بتطلب. تالت حاجة، إن فعلًا، مفيش حاجة أحلى من حاجة هناك. أو للدقة، قدرتك على التفضيل هناك بتنعدم تمامًا. لازم دائمًا تطلب كفتة، وكباب، وطرب وسجق. كل طلب منهم قادر على أن يقيم حضرة كاملة جوه بقك. الكفتة بلا جدال ولا منازع، هي أحسن كفتة ذقتها في قاهرة المعز لدين الله حتى يومنا، ولا ينازع حلاوة الكفتة إلا طعم الكباب وهو لسه طالع من على النار، يا خالق الخَلق! السجق/الممبار هناك هو فيض من الجمال، وغالبًا ما بِيكُون ده أول شيء بطلب منه تاني وأنا هناك. أما الطَّرب، فهو المَلِك هناك. وكعادة الملوك، مش حَيِستَنُّوك، لو مَرُحتش بدري قبل 11 مساءً مثلًا، 90% مش حتلاقي طرب. الحقيقة إن أكلة الرفاعي تقريبًا مفيهاش عيب. القعدة رايقة جدًا ومريحة للنفس، الأكل من أشهى ما يكون، وبالذات لو بعد ما خلصت أكل، حبست بكباية شاي بالنعناع من الست اللي قاعدة على نصبة الشاي هناك. القطط اللي بتتخانق في الشارع بنت مجنونة بطريقة طريفة وفي نفس الوقت، ودودة ومش متطفلة على أكلك، ويبقى يا سعدك يا هناك لو وانت قاعد هناك حد شغل أم كلثوم من راديو؛ ساعتها يزيدك الله من السلطنة سلطنتين. يمكن العيب الوحيد هناك هو إن الأسعار غالية شوية ومش ثابتة، يعني كل مرة هناك بدفع ما بين 120 إلى 140 جنيه، بس صدقني، ده من المرات القليلة جدًا في القاهرة اللي حتدفع فلوس في حاجة وانت متأكد 100 ال 100 إنها تستاهل كل مليم. الرفاعي واحد من أجمل أماكن السُّمُو في القاهرة. وفي مرة تانية، حيبقالنا كلام كتير عن تَعرِيف السُّمُو وطرق الوصول إليه. مدد يا مولانا يا رفاعي ، مدد. خاتمة للفضوليين والراغبين في التواصل ومحبي الضغط على الروابط الإلكترونية نظرًا للونها الأزرق الجذاب: على فيسبوك: https://www.facebook.com/kershsa3eed أو على تويتر: https://twitter.com/kershsa3eed