أسهل شىء الآن فى مصر أن يهلل أى شخص أو وزير أو حزب أو مؤسسة للفريق أول عبدالفتاح السيسى، ثم يعود إلى منزله مستريح البال، معتقدًا أنه أدى ما عليه من واجبات تجاه نفسه وتجاه الدولة. هذه الحالة مع كل التقدير لحسن نوايا غالبية أصحابها، هى أقصر طريق للإساءة إلى شخص السيسى، والأخطر أقصر طريق لإغراق مصر فى حالة تشبه حالتنا بعد 5 يونيو 1967. فى هذه اللحظات، يُفترض أن يسمع الفريق السيسى مرارا وتكرارا الصعوبات والتحديات التى ستقابله فيما لو صار رئيسًا للجمهورية. من الطبيعى أن يسعى أى مرشح آخر لجذب الأنصار والمؤيدين بغض النظر عن خلفياتهم وهوياتهم، فكل ما يشغل أى مرشح هو جذب الأصوات من كل فئات المجتمع. لكن الأمر يُفترض أن يختلف فى حالة السيسى. الرجل يتمتع بشعبية كاسحة وحقيقية، ربما لم تتوافر لزعيم مصرى منذ جمال عبدالناصر، وبالتالى فهو لا يحتاج لجمع أصوات بهذه الطريقة التى يفعلها من يقولون إنهم محبوه وأنصاره. بات من المؤكد أن فرص السيسى للفوز كبيرة جدًا، خصوصًا أن غالبية المنافسين المحتملين أعلنوا عدم ترشحهم فيما لو ترشح الرجل، وبالتالى فإن على أنصاره أن يعيدوا النظر بجدية فى طريقة عملهم حتى لا يسيئوا للرجل. الذين يجمعون توقيعات لتولى السيسى رئاسة الجمهورية بالتفويض فقط ومن دون انتخابات يسيئون للرجل. والذين يشنون حملات هجوم مسعورة ضد حمدين صباحى يسيئون للرجل أيضًا، خصوصًا أن صباحى تحدث طوال الوقت بصورة طيبة عن السيسى ودوره وعن الجيش. الذين يظهرون فى التلفاز ويهاجمون أى مرشح محتمل بالحق وبالباطل يسيئون للرجل. أغلب الظن أن معظم هذه الحملات شخصية وظهرت بصورة طوعية من أناس وهيئات يحبون السيسى فعلا أو يحاولون تملقه بهذه الصورة الفجة، لكن المشكلة أن السيسى سوف يتحمل مسئولية هذه الحملات وأخطاءها، حتى لو كان لا يعلم عن أمرها شيئًا. وبالتالى فالاقتراح هو أن يبادر الفريق أول عبدالفتاح السيسى بمجرد إعلان ترشحه أن يطلب من كل هذه الحملات أن تتوقف، على أن تكون هناك حملة رسمية واحدة ووحيدة. من الممكن طبعًا أن تدخل كل هذه الحملات الطوعية إلى داخل الحملة الرسمية إذا استوفت الشروط المطلوبة، لكن تركها تعمل بمفردها بعد إعلان ترشح السيسى ستكون له عواقب وخيمة على الرجل وحملته. يفترض من الآن وصاعدًا أن يكون هناك صوت واحد ورسمى يعبر عن السيسى، لأن البعض يسىء للرجل من دون قصد. على حملة السيسى أن تقول لكل هذه الحملات: شكرًا.. لقد أديتم جهدًا كبيرًا، لكن استمرار العمل بالطريقة السابقة قد يؤثر على صورة وشكل السيسى فى السباق الوشيك. يفترض أن ينتهى عمل الهواة ويبدأ عمل المحترفين أو المتخصصين. يُفترض أيضًا ألا تكون هناك دعاية رسمية للسيسى، ويُفترض أيضًا أن يتوقف تأييد الوزراء للسيسى. أعلم أن معظمهم يحبون الرجل فعلا ومقتنعون ألا بديل غيره، لكن هم وزراء لكل المصريين، وينبغى أن يقفوا على مسافة واحدة من كل المرشحين حتى لو كانوا مجهولين. تلك هى الأصول والقواعد، وعلينا ألا نبدأ المرحلة الجديدة بمثل هذا النوع الفج من التجاوزات