التعليم العالي: تقدم 28 جامعة في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة 2024    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    «الصحفيين» تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري للمؤتمر العام الثلاثاء المقبل    مفتى الجمهورية: الالتزام بالقوانين المنظمة للحج ضمن شرط الاستطاعة ويجب عدم مخالفتها    برلماني عن قانون إدارة المنشآت الصحية: من فشل في الإدارة لن يكون كفء في الرقابة    توريد 200 ألف طن من محصول القمح لصوامع البحيرة    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    مؤتمر أخبار اليوم العقاري | أحمد العتال: أسعار العقارات لن تنخفض خلال الفترة القادمة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره التشادي بفوزه في الانتخابات الرئاسية    محمد حمزة يهزم لاعب التشيك ويضمن ميدالية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى لسلاح الشيش    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    إصابة طالبة بإعدادية الأزهر بالزائدة الدودية في الشرقية    أمن الجيزة يضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء داخل مدرسة بفيصل    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    «القومي للبحوث» يوجه للأمهات بعض النصائح للتعامل مع الجدري المائي    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    كيف تستمتع بنوم عميق في الطقس الحار؟    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيارات الترحيلات.. نعوش متحركة
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 12 - 2013

الوقت فى سيارة الترحيلات أصعب من الوقت فى الحبس».. «أسوأ سيارة دخلتها فى حياتى».. «زحام وظلام ورائحة غير آدمية».. كانت تلك بعض الأوصاف لسيارة الترحيلات أطلقها من عاشوا الرحلة داخلها وكتبت لهم النجاة.. لسان حالهم يقول إن الداخل مفقود والخارج مولود.
فالسيارة التى كثيرا ما تمر أمام أعيننا وسط حراسة الشرطة فى زحام القاهرة تخفى الكثير من المآسى فى صندوقها الخلفى ذى النوافذ الضيقة، حيث يمضى المحتجزون ساعات عديدة أثناء نقلهم من مكان لآخر. وفى إحدى الحالات انتهى الأمر بمقتل 37 شخصا أثناء ترحيلهم إلى سجن أبوزعبل فى أغسطس الماضى.
كاتب هذا التحقيق عاين خلسة سيارة نقل سجناء وجمع شهادات خبراء، وسجناء ومسئولين سابقين، ليجد أن غالبية سيارات السجون تفتقر للتهوية الصحية وشروط السلامة العامة، كما تحمل أضعاف طاقتها الاستيعابية، ما يعرض ركابها للإغماء أو القىء وربما كليهما ويهدد حياتهم. وفوق ذلك، يحشر الركاب ساعات طويلة دون تفريغ مثاناتهم، وبالتالى يضطرون للتبول على أقدام بعضهم بعضا ما يزيد من آفة القاذورات والروائح النتنة طيلة الطريق.
لكننا فشلنا فى الحصول على تعليق مباشر من وزارة الداخلية، التى تجاهلت توصيات صدرت عام 2004 عن المجلس القومى لحقوق الانسان باستخدام سيارات ذات مواصفات أفضل وتحسين شروط نقل السجناء.
ويؤكد الخبراء أن التشريعات قاصرة عن إلزام الداخلية بإخضاع عملية الترحيلات وأدواتها لتفتيش ورقابة دقيقة من خارج الوزارة.
حين ألقت الشرطة القبض على محمد مصطفى الناشط السياسى عام 2010، وضعته فى سيارة الترحيلات مع أكثر من 42 شابا خلال مظاهرة عند دار القضاء العالى بوسط القاهرة للتنديد بمقتل الشاب السكندرى خالد سعيد، الذى يعتقد أنه قتل بيد الشرطة.
يقول مصطفى «اصطحبنى الجنود للسيارة وظللت بداخلها أكثر من ساعة وكنا فى فصل الصيف ودرجة الحرارة مرتفعة للغاية. وتم تكبيل يدى بقيد واحد مع شخص آخر، وكان باب السيارة يفتح من وقت لآخر لإدخال أشخاص آخرين، ثم تحركت السيارة وطافت بشوارع القاهرة حتى وصلت إلى معسكر على طريق السويس الصحراوى، وتم دفعنا من السيارة واحدا تلو الآخر».
يضيف الشاب العشرينى «خلال هذه الرحلة كان السائق يسرع أحيانا بشكل كبير قبل أن يتوقف فجأة فنسقط فوق بعضنا البعض. وفقد أكثر من شخص الوعى بسبب الزحام وضيق المكان فضلا عن الرائحة غير الآدمية فى السيارة نتيجة عدم نظافتها ووجود أثر للقىء من مرحلين سابقين بها.
محمود عاطف ناشط سياسى آخر اعتقل أيضا بالقرب من ميدان التحرير بوسط القاهرة خلال احتجاجات على سياسات الرئيس السورى بشار الأسد أمام السفارة السورية فى 18 يوليو 2012. وتم ترحيله إلى قسم قصر النيل ثم إلى مقر النيابة وبعدها إلى معسكر قوات الأمن المركزى بمدينة السلام. يقول عاطف «كانت أسوأ سيارة دخلتها فى حياتى، فقبل غروب الشمس كان يدخل لنا بصيص من النور عبر النوافذ وكنا نتمكن من رؤية بعضنا، أما مع حلول الليل فلم نكن نرى بعضنا البعض، وكانت يدى مقيدة فى يد شخص آخر لم أره إلا فى الصعود والنزول».
ويصف الوضع داخل السيارة بالمأساوى ويقول «كنا حوالى 30 شخصا فى سيارة بلا كراسى، لا أحد منا يرى الآخر. والأزمة الكبرى بالنسبة لنا كانت فى سرعة السائق وقيامه بالضغط على الفرامل (الكوابح) بصورة مفاجئة. فكنا نقع على بعضنا البعض، ولا يرى أى منا الآخر، فقط كنا نسمع الأصوات ونشعر بأجسادنا وهى متلاصقة».
ويتذكر الدكتور سعدالدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية اعتقاله فى مطلع الالفية الجديدة. ويقول إبراهيم «كان الوقت الذى أقضيه فى سيارة الترحيلات أصعب بكثير من الوقت الذى أقضيه داخل الحبس، فالسيارة كانت تحدث فيها مشاجرات واشتباكات بالأيدى بين المرحلين بسبب طول فترة الترحيل، واضطرار بعضهم للتبول على الأرض، مما ينتج عنه تطاير رذاذ على ملابس مرحلين آخرين ويتحول الأمر إلى معركة بالأيدي».
سيارة واحدة للجميع
فى قسم شرطة بقلب القاهرة يعمل أمين الشرطة «أ» وخلال عملية ترحيل المساجين يكون دوره استلام المحبوسين المطلوب ترحيلهم من باب غرفة الحجز وحتى دخولهم سيارة الترحيلات، التى تغادر وهى تضم أكثر من 30 محتجزا فى الأيام العادية.
يقول الأمين الذى تحدث الى «الشروق» بشرط عدم ذكر اسمه إن قسم الشرطة الذى يعمل فيه توجد به سيارة ترحيلات واحدة فقط تقوم بنقل جميع المحتجزين.
ويشير المصدر إلى أن المرحلين من قسم الشرطة يكون عددهم كبيرا ويقسمون ما بين من تم إلقاء القبض عليهم فى اليوم السابق، ومن جرى اعتقالهم فى يوم الترحيل وينتظرون العرض على النيابة، وبين الأفراد الذين قضوا أربعة أيام على ذمة التحقيقات وحان موعد تجديد حبسهم، بالإضافة إلى المفرج عنهم من السجون حيث يقضّون ليلة فى القسم قبل أن يتم ترحيلهم فى اليوم التالى للنيابة فى سيارة الترحيلات.
صندوق الموت
«الشروق» دخلت إحدى سيارات الترحيلات خلال عملية الاقتحام الأمنى التى نفذتها قوات الأمن فى بلدة كرداسة فى سبتمبر، حيث كانت السيارة متوقفة وبابها مفتوح دون أن ينتبه الجنود لذلك.
صندوق السيارة الذى يحشر به المرحلون مستطيل الشكل جوانبه وسقفه من الصاج وله باب فى الجانب الأيمن وليس فى المؤخرة مما يعنى فشل أى محاولة للخروج حال انقلاب السيارة على جانبها. وفى مثل هذا الصندوق مات 37 شخصا اختناقا اثناء ترحيلهم إلى سجن أبوزعبل فى أغسطس 2013 بعد إلقاء غازات خانقة عليهم من أفراد الامن. وكان هذا هو الحادث الخامس على الأقل لسيارة ترحيلات خلال أقل من عام.
الصعود إلى الدرجة الأولى من سلم السيارة يحتاج إلى مجهود، إذ كانت متوقفة على مسافة من الرصيف وارتفاع أول درجة فى السلم لا يقل عن 50 سنتيمترا. ويؤدى هذا الباب إلى ممر صغير يتوسطه على اليمين مدخل ثان يؤدى إلى المساحة الرئيسية لاستيعاب المحتجزين. ولا يكاد الواقف عند المدخل الثانى يرى تفاصيل مساحة الاحتجاز. فالإضاءة ضعيفة للغاية رغم أن عقارب الساعة كانت تشير إلى الثالثة عصرا، ورائحة السيارة كريهة، وقلة التهوية تشعرك بالحاجة للقىء رغم أن الابواب مفتوحة فما بالك بالوضع حين تغلق على المحتجزين أثناء تحرك السيارة.
صندوق الاحتجاز طوله حوالى ثلاثة امتار بعرض مترين تقريبا وبه ثمانية نوافذ تهوية لا يتجاوز اتساع كل منها 30 سنتيمترا وارتفاعها 15 سنتيمترا وتوجد مقاعد حديدية على الجانبين يفترض أن يجلس عليها المرحلون وقد كبلت أيديهم كل اثنين فى قيد واحد. ويجلس عدد كبير من المرحلين على أرضية السيارة فى غالبية الأوقات بسبب التكدس.
ونوافذ التهوية الضيقة أصلا يتخلل كل منها خمسة أسياخ حديدية طولية معززة بشبكة حديدية من الداخل وأخرى من الخارج، فتحاتهما ضيقة مما يحد كثيرا من دخول الهواء. بعض النوافذ مزودة من الخارج بإطار معدنى به جزء منزلق يمكن جره ليغلق النافذة تماما أو ترك نصفها مفتوحا.
كانت السيارة متوقفة استعدادا لاستقبال محتجزين لكن لم تكن أى من النوافذ مفتوحة. وحين تحركت السيارة بمحتجزين بقيت النوافذ مغلقة. ولم يتمكن كاتب التحقيق من تحديد عدد من ركبوا لأن ادخال محتجزين اليها استغرق وقتا كانت خلاله الاحداث ملتهبة فى كرداسة وسط تبادل لاطلاق النار ومحاولة الصحفيين الموجودين متابعة ما يحدث وايضا حماية انفسهم.
رقابة محدودة
وتقول هبة مورايف، مدير مكتب منظمة «هيومن رايتس واتش» بمصر إن المنظمات الحقوقية تواجه مشكلة فى التواصل مع السجناء بسبب رفض النيابة العامة منح التصاريح لتلك المنظمات لزيارة المسجونين والتمسك فقط بمنحها للمجلس القومى لحقوق الإنسان. وتشير إلى أن فرع المنظمة فى القاهرة لم يتمكن من زيارة محبوسين وكان اخر طلب تقدمت به المنظمة فى هذا الشأن فى يونيو 2011. وتقول مورايف ان التهوية الجيدة داخل سيارات الترحيلات ليست أمرا مرتبطا بقدرة الدولة المالية ولكن بالتصميم الذى يتم تنفيذه للسيارة، مشيرة إلى أن التنقل بسيارة الترحيلات وسط حرارة الصيف يكون أمرا صعبا للغاية.
وكان المجلس القومى لحقوق الانسان قدم عدة توصيات لوزارة الداخلية عقب حادث لسيارة ترحيلات فى أغسطس 2004 كانت تقل 18 شخصا فى طريقهم من محافظة مطروح إلى القاهرة بعدما اعتقلتهم السلطات الليبية أثناء محاولة للهجرة غير المشروعة إلى ايطاليا. وخلال النقل اصيب المرحلون بالاختناق وتوفى منهم اثنان بعدما أمضوا ساعات طويلة فى السيارة.
لكن أمجد فتحى المستشار الإعلامى للمجلس يقول إن هذه التوصيات لم تعد موجودة لدى المجلس بعدما احترق مقره أثناء ثورة 25 يناير 2011.
ويوضح طارق زغلول مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن سيارة الترحيلات تحمل عادة أكثر من 36 شخصا رغم أن مساحتها لا تتجاوز 3×2 متر فقط بارتفاع نحو مترين، مشيرا إلى أن المرحلين فى هذه السيارات يضطرون غالبا للوقوف نظرا لعدم وجود مقاعد كافية.
ويضيف أن الصاج المصنوع منه صندوق السيارة يؤدى لارتفاع درجة الحرارة بداخله بشكل كبير وبالتالى حدوث حالات إغماء إذا استمرت السيارة فى السير لفترة طويلة مشيرا إلى أن منافذ التهوية تكون محدودة. كما يلفت إلى أن اضطرار المرحلين للوقوف يجعلهم عرضة لخطر الإصابة خلال عملية النقل إذا توقفت السيارة بشكل مفاجئ او اصطدمت بسيارة أخرى.
كريم عنارة الباحث فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يقول من جانبه إن سيارة الترحيلات تعد بمثابة «تابوت» كبير لا يتفق مع أبسط معايير حقوق الانسان، مشيرا إلى أنهم طالبوا بتحسين ظروف الاحتجاز من خلال المخاطبات مع قطاع حقوق الانسان بالوزارة دون جدوى.
وزارة الداخلية ترفض التعليق
اللواء محمد نورالدين مساعد وزير الداخلية الأسبق يؤكد من جانبه أن الداخلية حاولت تحسين جودة التهوية داخل السيارة من خلال وضع مراوح بها، إلا أن التجربة العملية أثبتت فشلها نظرا لأن بعض المرحلين كانوا يقومون بكسرها واستخدامها فى الاعتداء على بعضهم البعض بالإضافة إلى استخدامها فى إيذاء انفسهم للادعاء أمام النيابة أنهم تعرضوا للتعذيب البدنى.
ويلفت إلى أنه فى أحيان كثيرة يضطر الضباط لوضع أعداد أكثر من المسموح به نظرا لنقص سيارات الترحيلات أو لعدم وجود قوة تأمين كافية يمكنها مرافقة السيارات الاخرى، فضلا عن تعدد مأموريات الترحيل التى يتم تنفيذها يوميا من اقسام الشرطة والسجون إلى النيابات المختلفة.
ويرى أن قطاع التفتيش والرقابة فى وزارة الداخلية يقوم بعمليات تفتيش مفاجئة على سيارات الترحيلات للتأكد من أنها لا تحمل أكثر من عددها، مشيرا إلى أنه فى حال وجود مخالفة بلا مبرر يتم رفع تقرير بها للوزير مباشرة والذى يوقع عقوبة جزائية على الضابط المسئول بالخصم من راتبه وربما يصل الأمر لتأخر ترقيته حال ما كانت المخالفة جسيمة.
ويقول اللواء نور الدين إن كل سيارة يكون لها رخصة خاصة بها موضح بها الحمولة القصوى. ويضيف أن ترخيص سيارات الشرطة يتم من خلال الإدارة العامة لإمداد الشرطة التابعة لقطاع الشئون المالية بالوزارة، إذ يتم من خلال القطاع استيراد المركبات وتجهيزها. كما أنها تخضع للفحص الدورى داخل الإدارة وليس من خلال قطاعات المرور التى يتعامل معها المواطنون المدنيون.
لكن مساعدا سابقا لوزير الداخلية رفض ذكر اسمه يقول إن قانون المرور لم يحدد مواصفات لسيارات الترحيلات فى الترخيص، إذ يتم الاكتفاء باعتبارها سيارة شرطة، مشيرا إلى أن السيارة ليس لها عدد أقصى للركاب مدون فى القانون. وأضاف أن غياب الصياغة القانونية الدقيقة يؤدى لازهاق أرواح الجنود والمحبوسين على السواء حيث يتم نقل الجنود فى سيارات تحمل نفس مواصفات سيارات ترحيل المحبوسين.
وقال اللواء محمد نجيب رئيس مصلحة السجون الأسبق إن عدد السجون فى مصر يبلغ 41 سجنا يتم ترحيل متهمين منهم بشكل يومى وفقا لما يتعلق بمحاكمتهم وإجراءات التحقيق حيث يتم التنسيق بين إدارة الترحيلات بمديريات الأمن المختلفة ومصلحة السجون قبل موعد الترحيل.
ورغم إرسال طلب إلى وزارة الداخلية فى الأسبوع الاخير من سبتمبر للحصول على تعليق، فلم نتلق ردا حتى الآن رغم تكرار المتابعة والسؤال.
فى الأثناء، يواصل موقوفون وسجناء مواجهة ظروف بيئية نتنة وأحيانا الموت فى سيارات النقل.
المواصفات القياسية العالمية
تنشر شركات عالمية متخصصة فى تجهيز سيارات الترحيلات مثل Sirennet وSirchie وMavron الامريكية بمواقعها على الانترنت مواصفات قياسية لتلك السيارات من ابرزها:
• المساحة المخصصة للمحتجزين تكون عبارة عن كابينة داخلية من الفيبرجلاس يتم تثبيتها داخل السيارة وتكون ذات تصميم محكم مما يسمح بتنظيفها بسهولة حتى باستخدام خرطوم مياه الحديقة. وصنع الكابينة من مادة الفيبرجلاس يجعلها لا تنبعج وتظهر بها نتوءات تحت الضغط او الطرق كما لو كانت مصنوعة من مادة معدنية مثل الصاج. والتصميم المحكم لهذه الكابينة يمنع انتقال أى مخاطر مرضية إلى كابينة قيادة السيارة. ويمكن أن تكون كابينة المحتجزين مقسمة إلى مقصورات بعددهم وقد تكون احداها مخصصة للسجناء الخطرين ومزودة باحتياطات امنية مشددة.
• لكل سجين مقعد مزود بحزام أمان.
• الكابينة الخلفية المخصصة للمحتجزين يكون لها باب من الخلف بالاضافة إلى أبواب جانبية مزودة بلمبة مؤشر من الخارج لبيان إن كان الباب مغلقا أم مفتوحا.
• نظام لضبط درجة الحرارة داخل كابينة المحتجزين
• نظام كاميرا لمتابعة حالة المحتجزين
• نظام صوتى لسماع ما يحدث فى كابينة المحتجزين
• سلم قابل للطى لتسهيل دخول المحتجزين اذا دعت الحاجة.
ثلاث توصيات دولية لشروط ترحيل السجناء
وفقا للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التى أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذى عقد فى جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادى والاجتماعى بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ فى 31 يوليو 1957 و 2076 (د-62) المؤرخ فى 13 مايو 1977، فإن انتقال السجناء يجب أن يراعى ثلاثة بنود هى: عدم تعريض السجين لأنظار الجمهور إلا بأدنى قدر ممكن، واتخاذ تدابير لحمايته من شتائم الجمهور وفضوله ومن العلنية بأى شكل من أشكالها.. وحظر نقل السجناء فى ظروف سيئة من حيث التهوية والإضاءة، أو بأى وسيلة تفرض عليهم عناء جسديا لا ضرورة له.. وضرورة أن يتم نقل السجناء على نفقة الإدارة، وأن تسود المساواة بينهم جميعا.
محكمة أمريكية:
عدم ربط حزام الأمان أثناء نقل سجين يمنحه الحق فى التعويض فى حالة الإصابة
فى عام 2008 قضت المحكمة العليا فى ولاية يوتاه الامريكية بأن من حق اقارب النزيل الراحل كيلفن ديكستر الذى كان اصيب بالشلل بعد انقلاب عربة ترحيلات كان يجرى نقله بها ان يطالبوا بتعويض. وبررت المحكمة قرارها بأن الضابط المرافق لم يلتزم بربط حزام الامان للسجين.
أبرز حوادث سيارات الترحيلات
فيما يلى حصر لأبرز حوادث سيارات الترحيلات خلال نحو عام والتى سقط فيها ضحايا من المحتجزين والجنود.
7 نوفمبر 2012
انقلاب سيارة ترحيلات بمنطقة كورنيش المعادى وإصابة 25 متهما وخمسة مجندين خلال عودة السيارة لسجن طرة بعد انتهاء جلسات محاكمة المتهمين.
14 يناير 2013
انقلاب سيارة ترحيلات يؤدى لإصابة 18 سجينا أثناء نقل متهمين من سجن الفيوم لقسم شرطة بنى سويف.
14 يوليو 2013
انقلاب سيارة ترحيلات فى مصرف أبوالاخضر مركز فاقوس بمحافظة الشرقية وإصابة ضابط و3 أفراد من قوة الامن خلال قيامها بترحيل أحد المتهمين.
18 اغسطس 2013
وفاة 37 مسجونا داخل سيارة ترحيلات بعد وصولهم سجن ابوزعبل بعد إلقاء أحد الضباط قنبلة غاز داخل السيارة لوقف احتجاجات المحتجزين اعتراضا على بقائهم لفترة طويلة داخل السيارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.