كانت السيارة الباكارد الخاصة بالملك فاروق في طريقها إلى حفل زفاف عندما انقلبت في حادث واشتعلت فيها النار، وبحث صاحب السيارة حينذاك في طول القاهرة وعرضها عمن يستطيع إصلاح تلك القطعة الفريدة من تراث مصر. قالوا لصاحب السيارة إن الوحيد الذي يستطيع الاضطلاع بتلك المهمة هو سمكري السيارات "الأسطى كرم" عبد العظيم. بدأ الأسطى كرم يعمل في سمكرة السيارات عام 1979 مساعدا لعمه وبعد ذلك في مراكز صيانة توكيلات السيارات في مصر ومنها مرسيدس. نجح الأسطى كرم في إعادة السيارة التي كان يملكها فاروق الأول، آخر ملوك مصر، إلى حالتها الأصلية فكانت تلك هي البداية مع إصلاح السيارات الكلاسيكية. وقال كرم: "انتدبوني حضرتك في شغلانة في عربية اللي هي بتاعة الملك فاروق، كانت سيادتك ولعت.. يعني اتقلبت وولعت.. وهي رايحة تزف عروسة في الإسكندرية، فطبعا انتدبوني على أساس أن أنا حأعمل العربية، بعد ما راحت لصنايعية كثير في مصر فما عرفوش يتعاملوا معها، فوجئت حضرتك لما جيت شفت العربية فصاحب الشغل اللي هو صاحب العربية شخصيا قال لك أنت حتقدر إن شاء الله تصلح العربية، فالمهم أن أنا بدأت أتعامل مع العربية". وفي الساحة المقابلة لورشة "مركز المتين" التي يملكها الأسطى كرم في حي بولاق عدد من هياكل السيارات التي كان لها شأن عظيم من الفخامة والأبهة في يوم من الأيام. معظم تلك السيارات توقف إنتاجها قبل عشرات السنوات ولم يعد لها قطع غيار. لكن الأسطى كرم برع في صنع الأجزاء والقطع الني يحتاج إليها لإعادة تلك الهياكل إلى الحياة. وكانت السيارات قديما تصنع من صلب سميك على عكس ألياف الفبر والبلاستيك التي تشكل منها أجسام السيارات الحديثة. وقال كرم "بالنسبة.. مفيش سمكري في جمهورية مصر العربية طبعا يتعامل مع العربية دي إلا طبعا يعني مثلا قلائل يعني. والكلام دا كان حضرتك من زمان.. أيام زمان. النهاردا طبعا حضرتك مفيش. يعني السمكري النهاردا لما تقول له عربية قديمة يقول لك لأ.. أنا أفضل أن أنا أشتغل في عربيتين ثلاثة من الحديث لأن صاجه ورق أقدر أتعامل معه وأكسب منه بسرعة. فهنا بالنسبة للعربيات القديمة دي سيادتك أنا بأتعامل معها.. يعني برضه فيه حب.. يعني فيه حب أن أنا أشتغل فيها." وكان نجاح الأسطى كرم في إصلاح سيارة الملك فاروق بداية شراكة ناجحة بينه وبين شركة تشتري السيارات الكلاسيكية وتعهد بها إلى مركز المتين لتجديدها لتؤجرها بعد ذلك لمواكب الزفاف والمناسبات الأخرى. جمعت شركة (كلاسيك ليموزين) بمعرضها في حي شبرا مجموعة من السيارات الاخرى التي كان يملكها مشاهير مصر منهم الزعيم جمال عبد الناصر ورشدي أباظة. وقال الأسطى كرم إن تجديد السيارة الكلاسيكية يحتاج وقتا يصل إلى أربعة أشهر لإعادتها إلى حالتها الأصلية. وذكر هاني ميخائيل من (كلاسيك ليموزين) أن الشركة تقدم لعملائها تجربة فريدة من فخامة الزمن الماضي. وقال "احنا بنحاول نتميز أن يبقى عندنا حاجة مش موجودة عند حد. وبنستغلها بأن احنا بنطلعها في الأفراح. طبعا لما بييجي حد عايز يعمل فرحه وكدا لما يلاقي حاجة زي كدا ما حدش ركبها قبل كدا أو مش في إمكان حد أن هو يبقى موجودة عنده ويعمل بها فرحه. احنا بنؤجرها أفراح وبتطلع أفراح.. الناس بتنبسط بها وبتبقى حاجة شاذة بالنسبة لأنها ما تكررتش كثير يعني." ويضم معرض (كلاسيك ليموزين) مجموعة من السيارات القديمة التي جددها الأسطى كرم أحدثها سيارة جاجوار من إنتاج عام 1954. لكن "جوهرة التاج" في المعرض بغير منازع هي السيارة باكارد التي كان يملكها الملك. وقال كرم "كل حاجة حضرتك اتصلحت.. ليه.. عشان خاطر أن العربية طبعا ما يبقاش لها أي حاجة قطع غيار ولا أي حاجة. فرجعنا العربية ثاني بالإصلاح.. يعني السندة والشاكوش والعدة.. عدة السمكرة والكلام دا كله.. كل دا حضرتك رجعت العربية ثاني زي ما هي." وتعيد السيارات الكلاسيكية الرائعة التي تحظى بلمسة الأسطى كرم السحرية إلى الأذهان ذكريات الزمن الجميل.