1 تبدو موجة «الربيع العربى» وقد انكسرت ولكن بالتوازن تآكلت مؤسسات الدولة فى أكثر من قطر عربى، وتراجعت الأحوال الاقتصادية وانطلقت قوى تكرس خطوط تقسيم جديدة وهويات بازغة قد تعيد تشكيل خرائط ما بعد الحرب العالمية الأولى. ومن منظور أى محلل استراتيجيى جالس فى القاهرة، فقد تلاشت مسلمات كثيرة: استقرار مصر، دور سوريا فى «التوازن الاستراتيجى»، السودان الموحد، الدور الأمريكى المساند.. إلخ. 2 الموجة الإسلامية التى استفادت من «الربيع العربى» هى الأخرى دخلت فى مأزق وجودى بعد فشل تجربة الإخوان فى مصر، والتداعيات الإقليمية التى تظهر فى الحالات التونسية والفلسطينية، بل والتركية، ناهيك عن سوريا حيث أساءت ممارسات الجماعات الإسلامية المتطرفة للثورة ولصورة الإسلام. 3 يبدو الضيق العربى واضحا من أسلوب معالجة قضايا تقع فى صميم نطاق أمن المنطقة. فالدور العربى مهمش فى المباحثات حول القدرات النووية الإيرانية، بل وموضوع سوريا، ولا ذكر للسلاح النووى الإسرائيلى أو فكرة المنطقة خالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل. ويبدو النظام العربى مفككا والجامعة العربية محدودة التأثير وحتى الأممالمتحدة وسكرتيرها العام يمارسان دورا محدودا وتابعا. 4 تبدو إيران مقبلة على فترة من التواصل مع الغرب والتفاعل مع جيرانها فى الخليج بحثا عن حلول لمشاكل طال أمدها وكنسا لجفاء تكرس. ورغم أن اختبارات هذا التوجه ستتم فى العام المقبل على محطات البحث عن اتفاق شامل حول القدرات النووية الإيرانية، ومباحثات «جنيف 2» حول سوريا، والأوضاع فى لبنان، إلا أن الدول العربية أيضا مطالبة بصياغة إستراتيجية جديدة للتعامل مع طهران بدلا من العشوائية الحالية. كيف يمكن لمصر أن تواكب هذا الحراك الكبير فى الإقليم؟ يمكن تحريك العلاقة المصرية الإيرانية إلى مستوى عملى يواكب طرح مبادرة حوار استراتيجى عربى إيرانى «بالمناسبة لا أفهم تقاعس المجتمع المدنى على الجانبين فى هذا المجال»، وهنا أيضا لابد من تفاهم مصرى خليجى يصاحب هذه المبادرة. يمكنها توقع تعثر مفاوضات «جنيف 2» خلال النصف الأول من عام 2014 وبالتالى إمكانية القيام بمبادرة عربية أو إقليمية بعد ذلك، أساسها تفاهم مصرى سعودى. يمكن التحرك بفاعلية أكبر فى مجال إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، والواضح أن المبادرة المصرية الأخيرة التى طرحت فى سبتمبر 2013 لم تلق المتابعة الكافية