النجوم مازالوا يقودونها ويتحكمون بها والتغيير الوحيد يحدث فى الديكورات ياسر عبدالعزيز: الجمهور يجب أن يعاقبها صفوت العالم: اعتمادها على أشخاص غير محترفين يسبب كوارث لا ينكر أحد أن برامج التوك شو التى تبدأ من الثامنة مساء وحتى ما بعد منتصف الليل أصبحت تشغل بال الجميع، وأصبح مقدمو البرامج نجوما لهم كلمة مسموعة فى الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر، لكن يبدو أن هذه البرامج اكتفت بما حققته من نجاح فى السابق حتى إنها أصبحت محلك سر لا تشهد أى تطوير أو تغيير على المستوى المهنى وإن حدث يكون فى الديكورات لا أكثر. «الشروق» فتحت ملف برامج التوك شو وتطوير أدائها والعقبات التى تواجه صناعها فى هذا التحقيق. الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز يقول: لا يمكن النظر إلى برامج التوك شو فى مصر من زاوية، ولكن من عدد من الزوايا فأولا هناك مميزات فى تلك البرامج يجب الإقرار بها فهى حققت مصدر معلومات كبير للجمهور المصرى، وحظيت بثقتهم كثيرا، كما أنها مارست أدوارا فى التأثير السياسى بعضها كان إيجابيا، كما أنها أنعشت سوق الإعلام التليفزيونية، وصنعت نجوما كثيرة وفجرت قضايا ذات تأثير فى الواقع المصرى وطورت فى بعض أنماط الأداء التقنى فى الاستوديوهات وآلات التصوير وخلافه، لكنها أظهرت عيوبا أيضا، منها الشخصنة والتركيز على النجم من المذيعين وانفلات بعض النجوم من القواعد المهنية تماما وتسخير بعض الحصص التليفزيونية لتحقيق مصالح شخصية أو ضيقة وتحولها أحيانا إلى منابر سياسة، وليس إعلاما، وهناك فرق بين الإعلام، وهو يناقش السياسة وبين أن تكون أنت منبرا سياسيا، ولم تتح الفرصة لتطوير أنماط الأداء التليفزيونى المتكامل مثل إعداد التقارير والجرافيك وبقية الوسائل المصاحبة، كما أنها ضيقت من مساحة عمل أطقم البحث والإعداد لمصلحة الانطباع الشخصى الذى يبديه المقدم، والأهم أن هذه البرامج باتت فى مجملها هدفا للانتقاد المتزايد رغم أنها مازالت تحظى بشعبية، وهذا التضارب فى الرؤية يعكس المثل الشعبى «لا أحبك ولا أقدر على بعدك»، وسببه أنها فى الواقع تسد فراغا وتقدم منتجا مطلوبا، لكنها لا تقدمه بالشكل المطلوب. ويضيف ياسر عن السبيل لتطوير هذه البرامج، قائلا: الحل لابد وأن يكون متكاملا بخلق أدوار موازية، أهمها للجمهور، فيجب أن يعاقب الجمهور هؤلاء الذين يكرسون الشخصنة والمصالح الضيقة والروئ الحادة بالانصراف عنهم وبتعزيز مكانة آخرين ملتزمين بالقواعد الإيجابية للمهنة والدور الثانى على صناع الفضائيات، التى يجب أن تخرج من ضيق الأفق والتمحور حول النجم الفرد وأن يبحثوا عن نجومية جديدة لفرق البحث والإعداد والأفكار المبدعة. ويقول عبدالعزيز عن صناعة الفضائيات فى مصر: هى تنقسم إلى ثلاث صور تقريبا الأولى تأخذ شكل وطابع الدكان، وأخرى تأخذ شكل وطابع مؤسسة الأعمال والثالثة تحاول أن تكون حزبا سياسيا، لكن مفهوم المؤسسة الإعلامية بعيدا عن التحقق حتى الآن للأسف. الخبير الإعلامى الدكتور صفوت العالم، يقول: للأسف هناك عملية استسهال فى برامج التوك شو، فهناك مذيعون فى هذه البرامج تكتفى بتمرير الأدوار، وأخذ كلمة من هنا وأخرى من هناك وذكر المداخلات وغيرها، وهو أقرب لشخص لا يفكر فيما يطرحه الضيف وعدم استنباط أسئلة خارج السياق الاسكريبت المكتوب له، وهو يحدث مع عدد من المذيعين والمذيعات الذين لا يقدمون أى رؤية، وهو نوع من إيثار السلامة ويتصور أنه بهذه الطريقة يكسب الضيف وفريق الإعداد، وكل ما يهمهم هو ملابسهم، وهناك مذيعون حريصون على طرح الأسئلة، واستنباطها لكنه يقع فى أزمة مع فريق الإعداد، وهناك فئة أخرى من المذيعين لديهم لزمات وطريقة عمل أصبحت محفوظة ولا يحاولون تجددها، وهناك مذيع يلغى الجميع، ويظل يتحدث بمفرده وهذه النوعيات هى التى نراها للأسف فى برامج التوك شو لذلك أحد أهم أخطاء هذه البرامج، والتى يجعلها ثابتة هو اعتمادها على عدد من الشخصيات غير المحترفة ولا أعلم على أى أساس يتم اختيارهم بالفعل، كما أن هناك ظواهر غريبة لا تجدها إلا فى مصر، ومنها اختيار المذيع لوقت اختفائه دون مراعاة لحقوق المشاهد، وهو شىء لا تجده إلا فى مصر. ويضيف العالم: إحدى أزمات برامج التوك شو أنه لا يوجد إسكريبت محدد أو سيناريو جاهز لهذه البرامج، وكلها مجرد خطوط عريضة ليس أكثر والمذيع هو من يتحكم فيها، إضافة إلى نوعية الضيوف التى يتم اختيارها والتى احيانا تتورط فى الحديث عن اشياء خارج تخصصاتها لمجرد انهم موجودون فى الاستوديو وقت اندلاع مظاهرة أو شىء من هذا القبيل، والحقيقة أن هذه الأحداث هى وحدها التى تجعل البرامج تستمر وأظن أن وقود الفضائيات وبرامج التوك شو سوف ينتهى بانتهاء هذه الأحداث. ويقول العالم أيضا عن احترافية الفضائيات وعملها بشكل علمى، قائلا: هناك غياب للمعد المحترف الذى يقوم بالبحث عن الضيوف، ويقوم بإعداد البرامج، وأغلب البرامج تعتمد على فئة من الصحفيين تخون مؤسساتها وتتكسب من الفضائيات بمعنى أن هناك من ينقل أخبار الصحف إلى تلك الفضائيات فنرى الأخبار والضيوف ليلا قبل أن نراها فى الصحف، وأنا أحذر الصحف من هذه الأزمة التى يمكن أن تقضى عليها تماما. المطبخ أحمد مجدى رئيس تحرير برنامج صباح البلد يقول عن مطبخ برامج التوك شو وثباتها: البرامج سلعة مثل أى سلعة وانت عندما تتعامل مع محال الطعام تظل قائمة الطعام ثابتة والناس تذهب إليها، ولكن فى حقيقة الأمر الإعلام لدينا ليس له علاقة بمعايير الإعلام العالمية فى كل شىء حتى تلك التى تتم سرقة فكرتها من البرامج العالمية لا تلتزم بمعايير البرامج المسروقة، فنحن يسيطر علينا برامج المذيع النجم الذى يقود المسألة كيفما يشاء وحتى هؤلاء النجوم لا يهمهم شيئا سوى شكلهم، ويهمهم أيضا اكتساب أرضية دعائية فى موضوعات الشارع حتى لو لم تكن هذه قناعتهم الحقيقية حتى إننا رأينا نجوم توك شو كل رصيدهم افتعال خناقات على الهواء ليصبحوا نجوما، والحقيقة أنه فى تقديرى أنك تصطدم دائما بالانصياع للرأى العام وخاصة فى اختيار الضيوف، فأحيانا أكون مقتنعا تماما بأن الضيف مدعٍ، وغير جاد لكن هناك ضيوفا نجوما يحبها الجمهور، وأنا مضطر لأن أدعوها حتى تزيد نسبة المشاهدة، وهناك عوائق أخرى مثل الفضائيات التى تدفع للضيوف مبالغ كبيرة وخاصة القنوات العربية التى لا يرفضها الضيوف بعكس فضائيتنا المحلية التى لا تستطيع الدفع، وهناك أزمة أخرى فى أخلاقيات الضيوف نفسها التى تدعوها للحديث عن موضوع ما، فيرفض وتجده يتحدث عن نفس الموضوع فى برنامج آخر إضافة إلى أن بعض الضيوف تفاجئك باعتذار بعد موافقة فى وقت حرج يجعلك تقدم موضوعا مختلفا، وهناك أزمة أخرى، وهى أن إنتاج هذه البرامج البطل فيها هو المذيع الذى يحظى بكل الاهتمام وباقى فريق العمل يحظى بالفتات. ويضيف مجدى عن اتهام البعض لمعدى البرامج بتكرار الضيوف وعدم التغيير، قائلا: هذا صحيح لكننا لسنا السبب فى ذلك والحقيقة أن هناك ضيوفا اشتهرت فى مناطق معينة، وأصبح الحديث معها وفقا لإقبال الناس على الضيوف، والحقيقة أننا فى هذه المسألة نراعى فكرة البحث عن الضيوف التى سوف تزيد من إقبال الناس، وأحيانا أكون على علم بأن الضيف الذى سوف نستضيفه مشهور بافتعال الخناقات، ونأتى به لهذا السبب ليس أكثر خاصة بعدما اصبحت هذه المسألة تهم الناس بعيدا عن المحتوى للأسف. ويقول أيضا عن استراتيجية العمل فى البرامج: للأسف النجوم من المذيعين هم من يحددونها، وهذه المسألة أحيانا تكتب فى العقود على فكرة، وهذه الحكاية تجعلنا نعمل وفقا لأهواء النجوم، والحقيقة أن رعاة هذه البرامج من الشركات الإعلانية هم من يدعمون النجوم ويجعلون كلمتهم هى العليا، والحقيقة أن هناك حالة من الاستسهال والاستسلام لهذه الفكرة