قبل وصولك إلى مكتبة الشروق بالزمالك بأمتار.. تستقبلك محبة تشى بوصول صاحبة حفل التوقيع.. محبة أبسط مفرداتها باقات زهور لا حصر لها.. باعثة بهجة فى قلب الدكتورة رضوى عاشور، التى عادت من رحلة علاجية جديدة تبعت تلك التى تحدثت عن أوجاعها الطويلة فى سيرتها الآسرة «أثقل من رضوى». رضوى عاشور كانت شديدة الحرص على الترحيب بشكل خاص بتلاميذها الذين حضر عدد كبير منهم مساء أمس الأول، وفضلت قراءة ثلاثة مقاطع من «أثقل من رضوى» عن الحديث المسهب عن هذا العمل الأدبى، كان المقطع الأول من فصل يتحدث عن أحداث محمد محمود، والمقطع الثانى فكان حول الكتابة كفعل أنانى وطارد، والثالث حول الشهداء وذاكرة الأرض. كان على رأس حضور الحفل زوجها الشاعر الكبير مريد البرغوثى والابن تميم وكذلك الشاعر الكبير أمين حداد الذى اعتبر أن رضوى عاشور قامت بكتابة «أثقل من رضوى» بما وصفه ب«آلة ذات دفع رباعى»، بدءا من رضوى عاشور الأديبة التى أثرت حياتنا الأدبية منذ اواخر السبعينيات، إلى رضوى الأستاذة الجامعية التى تخرج على أيديها أجيال وأجيال، وأصبح أغلبهم من مريديها بعد ذلك، وكذلك المناضلة التى لم تتنازل ولم تدخر جهدا لمقاومة الظلم والاستعمار وإسرائيل ودافعت عن استقلال الجامعة، وأخيرا دورها كزوجة وأم لأسرة حجزت فى المكتبة العربية عشرات الكتب الأدبية بمختلف أصنافها. ربط حداد بين قيام رضوى بجراحة صعبة وقت الثورة وهى خارج الوطن بالجراحة الصعبة التى كانت تقوم بها مصر منذ اندلاع ثورة يناير،وتوقف عند تلقائية رضوى فى الكتابة، وقدرتها على خلق مساحات لمن حولها كى ينطلقوا ويبدعوا، مستشهدا ببيتها الذى خرج منه اثنان من أكبر وأهم شعراء العرب علاوة على تلاميذها الذين تفوقوا فى مجالات ابداع مختلفة. من بين هؤلاء «التلاميذ» كانت الدكتورة ندى حجازى،المدرسة بكلية الألسن جامعة عين شمس، التى تحدثت عن كتاب رضوى عاشور باعتبار أنه يمكن ادراجه ضمن أدب المقاومة بما فيه من مقاطع عن رحلتها العلاجية، وما يوازيه فى الثورة ونضال ميدان التحرير، معتبرة أن المرض نوع من الاحتلال تماما كالفساد الذى كان يجب استئصاله، كما اعتبرت أن الكتاب يعتبر نصا تاريخيا من الدرجة الأولى، وأنه قدم سلسلة من الحكايات التى تؤرخ لوطن، وأظهر أن «حمل مصر أثقل من حمل رضوى»، وأنها برغم الوجع الذى سيطر على أجزاء كبيرة من الكتاب كانت تكسره بابتسامة من حيث لا تحتسب، فرضوى عاشور على حد تعبيرها فى الكتاب ترى أن التشاؤم فعل غير أخلاقى،واعتبرت ندى حجازى أن أقل شكر يمكن أن يقدم لرضوى عاشور هو محاولة اتباع وصيتها فى الكتاب وهو «أن نحاول أن نحيا قبل أن نموت». المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس ادارة دار الشروق، اعتبر فى كلمته أن رضوى عاشور أحد من لم يفقدوا إنسانيتهم فى ظل هذا الوقت الصعب الذى يمر به كل العالم العربى، معتبرا أن انسانيتها تشع فى كل من حولها، وفى كتاباتها التى تضىء الدنيا نورا. جاءت أسئلة الحضور فى معظمها عن مصدر قوة رضوى رغم صعوبة الظرف الخاص والعام، فيما كانت تصر رضوى على التأكيد على التفاؤل كقيمة تصر عليها، وفى الوقت نفسه اليقين الكامل أننا نعيش لحظة قاسية أخطأنا ببراءة أن نتصور أنها اكتملت فى ال18 يوما الأوائل فى ثورة 25 يناير، وأن الكتابة لا يمكن أن تغير الواقع وحدها، ولكن هناك تضحيات يجب أن تبذل كما كل الثورات الكبيرة فى التاريخ،على سؤال طرحته الكاتبة الصحفية منى أنيس عن دور الكتابة كفعل ضد الفناء، قالت رضوى انها تنتمى لجيل تفتحت أعينه على نكسة 67، وهو ما جعل للموت حضورا جليا فى حياتنا، وجعل للكتابة عندها أداة لمقاومة الموت، وكذلك الحال بالنسبة للثورة والأخلاق واستعادة انسانيتنا المفقودة، جميعها أدوات لمقاومة الموت.