تكفيك نظرة سريعة بعينك فى حجرته الصغيرة، لالتقاط إشاراته التى حفرها على جدران الحجرة، معبرا عن أحلامه وانتماءاته، فتأخذ انطباعا عن شخصيته كأنه كان يعلم بأن هناك من سيأتى لهذا المكان ويسأل من هو «جيكا»؟ «3/8/2011 .. مبارك فى القفص»، تلك العبارة القصيرة التى حفرها الشهيد جابر صلاح، على جدران حجرته معبرا عن سعادته ببدء محاكمة الرئيس المخلوع. لم يكن يعلم حينها أن خلف القيصر مبارك سيأتى قيصر جديد ينهى حياته على يد شرطة غازلها الرئيس المعزول محمد مرسى، واعتبر أنها كانت فى القلب من ثورة يناير التى انتفض فيها المصريون، أولا، ضد قمع الشرطة. حجرة جيكا التى زارتها «الشروق» قبيل حلول الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده خلال الاعتداءات التى حدثت من قبل الشرطة فى إحياء ذكرى شهداء محمد محمود فى نوفمبر 2012، امتلأت بشهادات التقدير ودروع التكريم التى حصل عليها «جيكا» قبل استشهاده وبعده. من شرفة منزله التى تطل على شارع «قوله» سابقا الشهيد جابر جيكا حاليا يمكنك أن ترى عشرات الرسوم والجرافيتى والشعارات الثورية التى سجلها الثوار وأهل الحى وأصدقاؤه إحياء لذكراه التى مازالت تنبض حياة فى هذا الحى الشعبى، «جيكا كان يهوى لعب الكرة وكان محترفا ويحصل على بطولات فى دورى المدارس»، قالت أمه، وهى تطلعنا على صوره المختلفة مع أصدقائه وبزى المدرسة الذى اغتيل وهو يرتديه. تسترجع الأم ذكريات ابنها مع الثورة وقالت: «جيكا لم ينزل منذ البداية فى يناير كان وقتها فى الصف الثالث الاعدادى، لكن بعد ما الأمور بدأت تهدأ كان يزور الميدان ويتعرف على الثوار ويعود ويحكى لنا ويقنعنا بأسباب الثورة وأحلام الشباب»، وتضيف الأم: «بعد تنحى مبارك انضم جيكا لحركة 6 ابريل، يقاطعها الأب قائلا: «أول ما أكمل عامه السادس عشر طلب منى اصطحابه لاستخراج بطاقة الرقم القومى لرغبته فى الانضمام لحزب الدستور لأنه كان يعشق البرادعى»، عشق جيكا للبرادعى لم يكن محتاجا عبارة الأب وإنما سجلها بنفسه على دولابه الصغير «جيكا بردعاوى». «جيكا كان نفسه يطلع ضابط جيش أو متخصص فى الآثار أو يبقى زى البرادعى» قالت الأم متحدثة عن أحلام ابنها البسيطة، «كان متفوقا والمدرسون يحبونه.. مرة قاد مسيرة للمطالبة بحقوق المدرسين». «لا للمجلس العسكرى» كتبها جيكا باللغة الانجليزية على سقف حجرته، تعلق والدته «كان طويلا كتبها وهو واقف»، ويقاطعها الأب «جيكا كان ضد الحكم العسكرى ولهذا انتخب مرسى واحتفل بفوزه». ظهر يأس الفتى المولود فى منتصف التسعينيات من المعركة، من خواطره المسجلة، أيضا، على دولابه حيث كتب بحروف إنجليزية: «تعبت من الحياة». أصدقاء الشهيد أهدوا والدته رسوم جرافيتى خطوها بألوانهم على حجرة جيكا، بالإضافة إلى قبعة ضابط اقتنصوها منه فى إحدى معارك الثورة، ووضعوا حبل مشنقة وعلقوا به كلبا من الفرو ووضعوا فوق رأسه القبعة. والد جيكا لم يمل من السعى للقصاص من قاتل ابنه: «سأستمر وسيأتى نظام يحقق العدل والتغيير رغم أنف العسكر والإخوان والفلول. الداخلية لو تغيرت فعلا كانت حاسبت ضباطها وإن أرادت لقدمت قاتل جيكا للمحاكمة وهو معروف لديها». «جيكا» الذى أصبح اسمه هتافا وأغنية حماسية فى الموجه الثانية للثورة ضد جماعة الإخوان كان المسمار الأول فى نعش الإخوان حيث بدأت دائرة قتل الشباب الثورى فى عهدهم فى نوفمبر 2012 وكان جيكا هو البداية.