البحث عن فرص واستثمارات وسط ضبابية المشهد السياسى، كان المحور الاساسى للمؤتمر السنوى للمصارف العربية فى بيروت قبل أيام، المصرفيون العرب أكدوا أن اقتصادات الدول العربية تنتظرها فرص كبيرة من النمو، رغم التحديات الاقتصادية التى تفرضها التحولات السياسية التى تمر بها المنطقة العربية، مع الإمكانيات الكبيرة التى تتمتع بها المنطقة العربية ونسبة الشباب فى المكون السكانى للمنطقة، وقوة القطاع المصرفى العربى. «الظروف صعبة والمرحلة ضبابية وتحولات جذرية للمسارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية» كانت هى المحور الأساسى فى حديث كثير من متحدثى المؤتمر وعلى رأسهم ميشال سليمان رئيس الجمهورية اللبنانية. فى المقابل تلك التحديات توجد فرص حسب المشاركين فى المؤتمر حيث تحمل التحديات الحالية الناتجة عن التحولات السياسية العربية وتهدد الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى فى طياتها فرص تطور ونمو كبيرة للانتقال إلى مرحلة جديدة لاستثمار الإمكانات الواعدة للدول حيث إن 50% من إجمالى سكان المنطقة العربية من الشباب. «الاستقرار السياسى» كانت هى أكثر الكلمات تداولا بين الحضور ، فهى الوسيلة الأساسية لخلق بيئة جاذبة للاستثمارات ومحفزة للنمو، على أن يكون الاستقرار السياسى قائما على حكم المؤسسات والديمقراطية وتداول السلطة بانتظام، ونشر التعليم والثقافة بنوعية وجودة فى جميع المناطق، وبالتحديد العمل على تطابق الاختصاصات مع متطلبات الاقتصاد، وبناء شبكات أمان تحمى جميع فئات المجتمع، والتشديد على أهمية بناء هيكلية قانونية وتطوير التشريعات والنظم التى تشكل حاضنة إيجابية للاستثمار كما قال رئيس الجمهورية اللبنانى. محمد بركات أول مصرى منذ 12 عامًا يرأس المؤتمر السنوى البنوك العربية لديها القدرة على تجاوز التحديات السياسيةلأول مرة منذ 12عاما يعتلى مصرى منصة رئاسة المؤتمر السنوى للاتحاد المصارف العربية، فقد شعر الوفد المصرى المشارك فى اعمال المؤتمر فى بيروت لعام 2013 بالسعادة والفخر عندما افتتح محمد بركات رئيس بنك مصر اعمال المؤتمر بالتزامن مع الاحتفال بمرور اربعين عاما على تاسيس «اتحاد المصارف العربية» الجهة العربية الاكبر فى القطاع المصرفى. بركات الذى تولى منصبه فى ابريل الماضى ولمدة ثلاث سنوات قال إن الدول العربية اجتذبت استثمارات خارجية مباشرة بلغت 47.1 مليار دولار، خلال عام 2012 مقارنة ب66.2 مليار دولار عام 2010، بنسبة انخفاض 28.5%، مؤكدًا أن هذه الاستثمارات تعد جزءًا بسيطًا من الاستثمارات العربية الضخمة فى الخارج، مما يستدعى خلق بيئة مواتية تؤدى إلى جذب جزء من هذه الاستثمارات العربية وتضمن تفعيل حركة الاستثمار البينى. «متطلبات ذلك توافر الاستقرار الأمنى والاجتماعى والاقتصادى، وتأمين قاعدة بيانات متكاملة وهيئات للتأمين على الاستثمار، وتذليل العقبات أمام المستثمر العربى، وجعل المنطقة العربية ساحة للنشاط الاستثمارى العربى والأجنبى على حد سواء» قال بركات. وأشار «بركات»، خلال كلمته فى المؤتمر المصرفى العربى السنوى 2013، فى لبنان، إلى حجم التحديات التى تواجه المنطقة العربية نتيجة التحولات السياسية، والتى أحدثت انقلابًا كبيرًا على الواقع الاقتصادى، امتد إلى معظم القطاعات الاقتصادية، وكانت سببًا مباشرًا لتراجع الأداء الاقتصادى، وتراكم الديون والعجز فى الموازنات واستشراء البطالة، والتى بلغت بحسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، أكثر من 20 مليون عربى، معظمهم من الشباب، مما يشكل خسارة لأهم الموارد العربية نتيجة عدم الاستفادة من الطاقات البشرية الشابة.. وأكد رئيس اتحاد المصارف العربية المعروف بالتواضع الشديد، أنه على الرغم من الظروف التى تمر بها المنطقة العربية والعالم، فإن البنوك العربية حافظت على قوة مراكزها المالية، والتى تمثل فى تحقيقها نسب ملاءة وسيولة وربحية مرتفعة، فقد بلغت الموجودات المجمعة للقطاع المصرفى العربى بنهاية 2012، نحو 2.61 تريليون دولار، محققة نسبة نمو 8%، مقارنة ب2011، وإجمالى الودائع نحو 1.61 تريليون والقروض 1.42 تريليون دولار، وبلغ مؤشر حقوق الملكية نحو 295 مليار دولار. وقال بركات إن بيانات النصف الأول من العام الجارى تشير إلى استمرار تخطى إجمالى أصول القطاع المصرفى العربى حاجز 2.7 تريليون دولار، محققة نسبة نمو نحو 3.10%، مؤكدًا أن إجمالى أصول القطاع المصرفى العربى حقق نسبة نمو 8%، خلال عام 2012، يقابلها نسبة نمو للاقتصاد العربى بنحو 4%، مما يدل على قدرة المصارف العربية على التأقلم مع الظروف الأمنية والسياسية الضاغطة. وقال «بركات»، إن المؤتمر السنوى لاتحاد المصارف العربية، والذى يعقد تحت عنوان «التداعيات الاقتصادية للتحولات العربية الإصلاحات ودور المصارف»، يرصد الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الأحداث السياسية والأمنية والاجتماعية فى المنطقة، ووضع التصورات والمقترحات للتخفيض من انعكاساتها على المجتمعات العربية، ورسم خارطة طريق لخطط النمو والاستقرار وتحديد أولويات القطاع المصرفى والمالى العربى فى مواجهة تلك التحديات. واكد بركات ان اتحاد المصارف العربية ليس جهة الزام وانما يسعى للمساعدة فى تحسين اقتصاديات المنطقة. رئيس البنك الأهلى:الاقتصاد ليس أرقامًا صماء رحب هشام عكاشة رئيس البنك الاهلى المصرى اكبر البنوك المصرية العاملة فى السوق، بدخول البنوك العربية فى التمويلات الكبرى الممنوحة لعمليات اقتصادية مختلفة داخل السوق المصرية. وقال عكاشة فى كلمته امام المؤتمر السنوى للمصارف العربية فى بيروت لعام 2013 إن القروض المشتركة الكبرى التى تتم فى السوق تدفع الاقتصادى المصرى، وتخلق فرصا استثمارية كبرى بها، مؤكدا على سلامة تلك العمليات وتدنى نسبة التعثر بها. واكد عكاشة ان خطة الحكومة التحفيزية البالغة ما يقرب من 30 مليار جنيه، من شانها خلق فرص كبيرة خاصة فى مجال المقاولات والاعمار والبنية التحتية. مؤكدا ان استمرار الاقتصاد المصرى رغم ما مر عليه من احداث يؤكد ضرورة عدم التعامل مع الاقتصاد بانه لغة ارقام صماء، فهناك قدرة كبيرة على الصعود مرة اخرى. وشدد عكاشة على سلامة الاقتصاد المصرى، حيث لا تصاب البنية الاساسية له بضرر مقارنة بالاحداث طوال السنوات الثلاث الماضية» الاقتصاد سليم وقادر على النهوض مرة اخرى بقوة، فى ظل جهاز مصرفى قوى وبنوك تحقق ارباحا وتتمتع بسيولة عالية سواء من العملة المحلية أو الاجنبية» تبعا لعكاشة. «تجاوز الأرقام والمؤشرات لا يعنى إغفالها، لكن هى نتيجة التحديات السياسة والاقتصادية التى مر بها الاقتصاد منذ ثورة يناير، مثل تهريب السلع المدعمة، الأمر الذى خلق مزيدا من الضغوط على العملة الأجنبية وبالتالى زيادة عجز الموازنة بالإضافة إلى حالة الانفلات الأمنى، ولابد ألا نغفل كيفية نجاة الاقتصاد المحلى من جميع المشاكل التى تعرض لها خلال السنوات ال3 الماضية لأنه يقف على أرض صلبة، فلا يوجد اقتصاد فى العالم يستطيع أن يمر خلال عامين بثورتين شعبيتين.» قال عكاشة. واشار عكاشة على قدرة مصرفه والبنوك المصرية على تدبير الاموال اللازمة لعمليات التمويلية المختلفة، مؤكدا على ضرورة دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، فقد دخلت اموال كثيرة تلك السوق الكبيرة رغم انها غير مندمجة فى الاقتصاد الحقيقى. وساعدت فى تخفيف الازمة. وقال عكاشة ان تخوف العاملين فى السوق غير الرسمية من السياسة المالية، وليس من البنوك هو الدافع الاساسى الى العمل فى تلك السوق، مقترحا ايجاد صورة تحفيزية وقانونية تساعد فى الدمج مع الاقتصاد الرسمى. واشار عكاشة الى ان التحولات القادمة من الخارج والتى ارتفعت بصورة كبيرة فى السنوات الثلاث الماضية وقدرت بنحو 19 مليار دولار زيادة، كان لها اثر جيد فى تماسك الاقتصاد، مؤكدا ان اسباب التعافى والنهوض موجودة فى الاقتصاد المصرى. «ينبغى معالجة الأخطاء التى شابت عمليات البيع دون الإضرار بحقوق المستثمرين الاجانب «تبعا لعكاشة مؤكدا على ضرورة اعلان الحكومة التزامها بجميع التعاقدات السابقة، وفى المقابل فإن مصر تمتلك جميع مقومات الاستثمار حيث لدينا سوق استهلاكية ضخمة تصل إلى 90 مليون نسمة ووفرة فى الموارد الطبيعية والبنية الأساسية، وتوقعات بنمو هائل فى الفترة المقبلة، حيث تشير توقعات المؤسسات المالية العالمية إلى أن 50% من معدلات النمو فى العالم ستقوده الدول الأقل نموا، بالإضافة إلى عودة ثقة المستثمر المحلى فى الاقتصاد، الأمر الذى من شأنه إعادة الثقة لدى المستثمر الأجنبى.