قالت مصادر غربية ورسمية مصرية متطابقة: إن سلسلة الزيارات التي من المقرر أن تقوم بها شخصيات من مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين للقاهرة خلال الأيام القادمة ستكون كسابقتها التي وقعت قبل أيام في إطار مسعى أمريكي يهدف لقراءة تفاصيل الخريطة السياسية المصرية في مرحلة ما بعد حكم الإخوان المسلمين في ظل تراجع غير قليل في مستوى التقارب المصري الأمريكي وصفه أحد هذه المصادر أنه الأسوأ منذ عقود. وتقول مصادر أمريكية في واشنطن تحدثت للشروق هاتفيًّا: إن الإدارة الأمريكية منقسمة بشأن تقييم الوضع المصري في مرحلة ما بعد حكم محمد مرسي كما لا تتوافق في تقييمها لفاعلية المسار السياسي الحالي في مصر أو ما سيؤدي إليه. وبحسب أحد هذه المصادر فإن البنتاجون هو الأكثر ارتياحًا مع تحفظات بالطبع لقدرة «السلطات العسكرية على حسن الإمساك بزمام الأمور والحفاظ على المصالح الأمريكية الحيوية». ويضيف أن «تأثير دولة مثل السعودية أو الإمارات وهما من كبار مستهلكي السلاح الأمريكي على قراءة البنتاجون للوضع في مصر بصورة تميل للإيجابية هو أمر أكيد وكلا البلدين تسعيان من خلال نفوذهما لتشجيع تحسين العلاقات مع مصر». وبحسب المصدر ذاته فإن الموقف الإسرائيلي «ليس ببعيد عن هذا الطرح أيضًا لأن إسرائيل تريد قيادة قوية في مصر وهي لمست قدرة الإدارة الحالية على ضبط الأمور وهناك تعاون مكثف في المرحلة الحالية بين القاهرة وتل أبيب». غير أن مصادر الشروق في القاهرةوواشنطن وغيرهما من عواصم التماس لا تنفي إطلاقا أن الشعور السائد في الأروقة التنفيذية والتشريعية في الولاياتالمتحدة أميل للقلق من تطورات الوضع في مصر، «خاصة مع استمرار القمع السياسي الممنهج ضد الإخوان المسلمين»، بحسب قول أحدها. وتقدر المصادر أن هناك أغلبية في الإدارة الأمريكية وأيضا في النواب والشيوخ ما زالت تصر على أن ما وقع في مصر في الثالث من يوليو هو انقلاب، وأن سلوك السلطات المصرية عبر الأسابيع الماضية يتجه نحو شكل الانقلاب أكثر من ذي قبل وأن السلطات الحاكمة في القاهرة سيكون عليها أن «تحسن السلوك» خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان إذا ما كانت تتوقع أن تستخدم الإدارة الأمريكية الصلاحيات التنفيذية الممنوحة لها والتي تستطيع بموجبها وقف تعليق أجزاء من المعونة العسكرية لمصر وهو القرار الذي تم الإعلان عنه في أعقاب مقتل قرابة 55 شخصًا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في مواجهات مع الشرطة في ذكرى السادس من أكتوبر. من ناحية أخرى قال مصدر دبلوماسي مصري رفيع: إن القاهرة مدركة لما وصفه ب«التباينات في التقييم والرأي في واشنطن» جراء تطورات الأوضاع السياسية في مصر ولكنها تلمس «في المجمل تفهمًا أفضل بدرجة ما لتطورات الأوضاع»، مشيرًا إلى مشاورات «يواظب عليها» وزيرا دفاع البلدين في «حديث صريح ورصين ومباشر». المصدر ذاته قال: إن التزامن الواقع بين زيارة وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة جون كيري لعدة ساعات صباح الأحد والزيارة المرتقبة لوزيري الخارجية والدفاع الروسي لا يجب قراءتها على أنها سعي مصر لاستبدال التحالف الوثيق مع الولاياتالمتحدة بآخر مع روسيا. «هناك تحليلات صحفية عديدة في هذا الأمر ولكنها تتحدث عن استبدال تحالف وفي الحقيقة نحن بصدد إعادة صياغة السياسة الخارجية المصرية بالكامل لتخرج من الإطار الضيق للتحالف الاستراتيجي مع أمريكا مع حرصنا عليه بالفعل». وينصح المصدر بعدم المبالغة في تقدير الرغبة الروسية في التواصل مع مصر، وقال «من الناحية المبدئية موسكو أبدت اهتمامًا كبيرًا بتطوير العلاقات مع مصر ولتقديم دعم سياسي وعسكري وغيره ولكننا ما زلنا في مرحلة صياغة الحقبة الجديدة من العلاقات المصرية الروسية والأمور تتحرك بصورة إيجابية ولكنها ستستغرق بالتأكيد بعض الوقت». وتقول المصادر الرسمية المصرية، سواء الدبلوماسية أو العسكرية: إن روسيا بالتأكيد حريصة على توسيع مساحات النفوذ السياسي النسبي بالنظر لأن مساحة سيطرتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط قد تقلصت عبر العقد الماضي بشدة ومرشحة للتراجع أيضًا مع تغيير سياسي يمكن أن يحدث في سوريا الحليف الاستراتيجي الأقرب. وكان بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، قد نفى ما تردد عن احتمال اتفاق مصري روسي حول إقامة قاعدة عسكرية روسية في مصر.