كتب جون بولتون السفير الأمريكى السابق إلى الأممالمتحدة مقالا عن الصراع الدائر فى مصر ناصحا الولاياتالمتحدة بضرورة دعم الجيش المصرى على أساس أنه إذا فاز الإخوان المسلمون ستكون هذه هى النهاية بالنسبة لمعاهدة السلام مع إسرائيل ولاستقرار الأوضاع فى سيناء. نشر المقال فى صحيفة الوول ستريت تحت عنوان «على الولاياتالمتحدة أن تدعم الجيش». ••• يقول بولتون إن مصر لم تنزلق بعد إلى حرب أهلية شاملة، مثل سوريا، لكنها تقترب من ذلك، ومثلها لبنان، والعراق، وليبيا، واليمن والصومال. كما أن التوترات تضطرم فى نيجيريا ومالى والجزائر والسودان، وليس هناك ما يضمن أن تبقى تونس والأردن والبحرين وباكستان مستقرة. وتمهد الأزمات المنفصلة فى بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا التى تنهار، الطريق لفوضى إقليمية أوسع نطاقا، تمثل الآن عاملا جيو استراتيجى فى حد ذاته. فبعد انتهاء الحرب الباردة، وفرت أمريكا لفترة وجيزة قدرا من الحماية والاستقرار لهذه الرقعة الواسعة من الأراضى. لكن هذا الزمن مضى، ففى عهد الرئيس باراك أوباما، انسحبت الولاياتالمتحدة عسكريا من العراق، وهى تفعل ذلك الآن فى أفغانستان، كما تخلت تحت الضغط عن حلفاء قدامى، مثل حسنى مبارك، وتتساءل الممالك العربية متى سيأتى دورها. ••• وحتى عندما تدخلت الولاياتالمتحدة فى مارس 2011 لإطاحة الرئيس الليبى معمر القذافى، تركت الساحة حتى اغتيل بعد عام ونصف العام أربعة دبلوماسيين أمريكيين يحملون الحصانة. وأخطأت سياسة أوباما تجاه سوريا، فهم أهداف روسيا، ولم تواجه المشكلة الحقيقية فى سوريا: إيران. وشهدنا قبل نحو شهر إغلاق نحو 20 سفارة وقنصلية أمريكية. وبدا أن مبدأ «أنا مواطن أمريكى» فكرة أن الأمريكيين فى خارج بلادهم يتوقعون أن تحميهم حكومتهم يفقد قوته. وهذا هو السياق المحبط، الذى يواجهه البيت الأبيض وهو يقرر الخطوات القادمة التى سيتخذها فى مصر. فلا تستطيع الولاياتالمتحدة أن تتظاهر بأن النزاع فى مصر، يمكن حله عبر تسوية سلمية فى إطار حكومة منتخبة. فهذه الشروط غير قائمة. ويضيف الكاتب أن الإخوان المسلمين لا يمكن اعتبارهم حزبا سياسيا طبيعيا، على النحو الذى يفهمه الغرب. وإنما هى أيديولوجية مسلحة ميليشيا تطلق النار على معارضيها، وتحرق الكنائس. وذات مرة، قال القاضى روبرت جاكسون عن الشيوعيين الأمريكيين «إنهم يصرون على كافة الحقوق الدستورية وحصانات الأفراد فى مواجهة حكومتنا، وفى نفس الوقت يمارسون على تابعيهم سلطة كبيرة ينكرونها على الحكومة»، ويمكن أن يقال نفس الشىء على الإخوان. فهم كما قال جاكسون أيضا عن الشيوعيين «دولة داخل الدولة». ••• ولسنا بحاجة إلى الخوض فى الفكر الإسلامى لجماعة الإخوان المسلمين لفهم طبيعته الاستبدادية. فهو يرغب فى مواجهة مع الجيش المصرى، لأنه يرفض شرعية أى حكومة لا تخضع له. ومن ثم، فالإخوان، يتحملون بشكل كامل مسئولية المجزرة المستمرة. وما أن يستعيدوا السلطة فى أى وقت، سواء عبر انتخابات حرة أو غير ذلك، فإنهم لن يتخلوا عنها، مثلما انشغل محمد مرسى بإظهار ذلك خلال العام الذى تولى فيه الرئاسة. وفى مواجهة الإخوان، يقف الجيش المصرى، والمواطنون الذين يرفضون العيش فى ظل استبداد دينى، المسيحيون، والمثقفون أنصار الديمقراطية، والطبقة الوسطى التى تطلع إلى اقتصاد ناجح، والنساء اللاتى لا يرغبن فى ارتداء النقاب. ولا شك أن هؤلاء كانوا سيهزمون، لولا دعم الجيش. وفى نهاية المطاف، صار الصراع اليوم بين الإخوان والجيش. وشئنا أم أبينا، حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة أن تختار الجانبين. ••• وقد صار الانشغال بالنظريات السياسية المجردة، أو دعوة جميع الأطراف لممارسة ضبط النفس، وهذا هو التحرك الخاطئ. فعلى الولاياتالمتحدة أن تدعم المؤسسة العسكرية، لأنها حتى مع عيوبها الواضحة، من الأرجح أن تدعم المصالح الأمريكية التى صارت على المحك. وهناك ثلاث مصالح رئيسية. الأولى، الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. الثانية أنه إذا خرجت سيناء عن سيطرة القاهرة، سوف يستخدم الإرهابيون مثل حماس والقاعدة المنطقة كملاذ آمن. الجيش المصرى هو الأقرب من الإخوان إلى منع هذا السيناريو الكابوسى. والثالثة ضرورة بقاء قناة السويس مفتوحة، لأسباب محض اقتصادية. ولهذه الأسباب وغيرها، على الولاياتالمتحدة أن تواصل تقديم المساعدات العسكرية، والتى من المأمول أن تضمن استمرار النفوذ. فقد خلقت ثلاثة عقود من منح مصر التدريب العسكرى روابط قوية، سوف يعرضها قطع المساعدات لضرر لا يمكن إصلاحه.