بعد مرور أكثر من عامين على توحد التونسيين للإطاحة بالرئيس المستبد زين العابدين بن على، تواجه البلاد الآن أسوأ أزمة سياسية منذ الانتفاضة التى أطلقت موجة من الاحتجاجات فى المنطقة كلها. فبالإضافة إلى الاضطرابات فى الشوارع، فإن عملية الانتقال الديمقراطى الهشة فى تونس التى تديرها الجمعية التأسيسية المؤقتة مهددة قبل أسابيع قليلة من انتهاء الجمعية من أول مسودة للدستور، بحسب ما نقلت وكالة أنباء «رويترز». وتتجلى الأزمة فى أوضح صورها بين معارضة أغضبها ثانى اغتيال لأحد زعمائها وتقول إنها لن تقبل بأقل من سقوط القيادة الانتقالية برمتها، مستفيدين من دعم معنوى من الإطاحة بالرئيس الإسلامى فى مصر. وعلى الطرف الآخر، يتهم أنصار حركة النهضة الحاكمة، وهى حزب إسلامى معتدل، المعارضة بالسعى لتدمير الدولة بسبب العداء للإسلاميين الذين وصلوا للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية. ويشعر التونسيون فى طرفى المواجهة التى تزداد استقطابا أنهم يقاتلون من أجل البقاء وبقلق جعل ردود الأفعال قوية على نحو خاص. ومع تزايد عدد الناس فى الشارع من الطرفين بشكل مطرد، يزداد موقف المعارضة العلمانية وأنصار الحكومة التى يقودها الإسلاميون تشددا. وتتردد عبارات اتهام مثل «إنهم خونة.. إنهم مرتزقة» فى ساحة باردو حيث احتشد الآلاف من المعارضين عند الغروب فى الأيام القليلة الماضية. وخلافا للوضع فى مصر حيث يوجد أنصار الرئيس المعزول فى منطقة بينما يوجد معارضوه فى مكان آخر فإن الفصيلين المتعارضين فى تونس يمكن أن يكونا على مسافة أقرب. وتنقل «رويترز» عن أحد المحتجات فى باردو قولها إنه «يجب حل هذه الجمعية ودستورها لأنهم ليسوا حكومة.. إنهم إرهابيون»، مضيفة: «نحن مستعدون لأى سيناريو سواء كان احتجاجات أو حربا». وعلى مقربة من احتجاجات المعارضة يتواجد مؤيدو النهضة الغاضبون أيضا، وتنقل الوكالة عن أحد مؤيدات النهضة قولها إنها كانت سجينة سياسية فى عهد بن على وتعرضت للتعذيب «وأرفض أن أعود للعيش تحت القمع والإذلال»، مضيفة: «لا نريد إراقة الدماء لكننا مستعدون للموت فى سبيل العدالة».