مازالت ردود الفعل الغاضبة تتوالى عقب الحوار الذى أجراه البرتغالى مانويل جوزيه المدير الفنى السابق للأهلى مع سوبر الإماراتية، والذى هاجم فيه بطريقة غير لائقة، وتعدى بالقول على بعض اللاعبين بنفس الطريقة أيضا. واعتبر الكثيرون أن ما قاله جوزيه فى هذا الحوار كان مفاجأة صادمة ومدوية للكثير من محبى الأهلى، خاصة فى هجومه على اللاعبين. لكن «سوبر الإماراتية» فجرت المفاجأة الكبرى فى عددها الأخير فى مقال أسامة الشيخ رئيس تحرير المجلة تحت عنوان «ماذا لو نشرنا الحمير» ولن يخطر ببال أى من قراء هذا المقال، أن المقصود ب«الحمير» فى عنوان المقال هو الصحفيون حينما وجه إليه الصحفى سؤالا بأن الصحافة لم تنتقده حينما خسر من النجم الساحلى فى نهائى دورى أبطال أفريقيا، وكما اعتادت «الشروق» على توضيح الحقائق ننشر جزءا من نص مقال رئيس التحرير فى السطور التالية : فى العدد الماضى نشرنا حوارين «مثيرين» للمدربين البرتغاليين مانويل جوزيه ونيلو فينجادا.. جوزيه أنهى مشوارا تجاوز عمره السنوات الخمس فى تدريب الأهلى المصرى.. وفينجادا هرب من تدريبه بعد ثلاثة أيام من توقيع العقد.. لم يتوقف الكثيرون أمام ما قاله فينجادا، لكن الجميع توقف أمام ما ذكره جوزيه فى حواره مع مراسلنا فى لشبونة أنطونينو ريبيرو، لأنه بطبيعة الحال تناول ذكريات ومواقف وتقييما شاملا لتجربة السنوات الخمس. بعض الصحف المصرية أشارت إلى الحوار من خلال نشر نص الحوار أو تناوله فى أعمدة الكتاب، لكن «كل» الفضائيات المصرية تناولته بالعرض والفحص والتحليل. لا شك أن أى صحفى يسعد بأن يحظى عمله بالاهتمام من جانب قرائه.. لكن سعادته تتضاعف عندما يهتم بعمل زملاء المهنة أنفسهم. والحمد لله على أن ردود الفعل لم تمس «سوبر» كمطبوعة بقدر ما طالت مانويل جوزيه الذى يتحمل بلا شك مسئولية ما قاله، وهذا يعكس الثقة فى مصداقية «سوبر» التى أثبتت بالتجربة أن الإثارة لا تعنى بالضرورة الافتراء أو التلفيق، لكن للأسف فإن بعض المدافعين عن جوزيه لجأوا إلى تخفيف حدة الهجوم عليه من خلال التشكيك فى أن ما نشر قد لا يكون ما قاله بالضبط، وأن عملية الترجمة من البرتغالية إلى العربية قد لا تعبر على وجه الدقة عما قصده. وهذه ليست المرة الأولى التى نسمع فيها هذا الكلام، خاصة بالنسبة للحوارات الثلاثة التى أجريناها مع جوزيه. أتذكر أن حوارنا الثانى معه شهد أيضا ضجة كبرى حين نشره، عندما قال عن حسن شحاتة مدرب المنتخب المصرى: «أنا لا أكن احتراما لهذا الرجل».. وقتها لم ينف جوزيه ما قاله، لكن حسام البدرى مدير فريق الأهلى وقتها هو الذى خرج ليعلن أن كلام جوزيه تعرض ل«خطأ ترجمة».. حينها ضحكت من كلام البدرى.. لسبب بسيط جدا.. كيف اكتشف البدرى أن هناك خطأ فى الترجمة وهو لا يملك نسخة من نص الحوار بالبرتغالية ليقارنه مع ما نشر بالعربية؟! المهم أننى لم أشأ أن يتم استدراجى وقتها إلى جدل، خاصة أن أى صاحب عقل بإمكانه الوصول إلى الحقيقة ببساطة، كما أن صاحب الحوار نفسه لم ينف ما قاله. وفى هذه النقطة بالتحديد عاد مراسلنا أنطونينو ريبيرو إلى سؤال جوزيه فى الحوار الأخير الذى نشرناه الأسبوع الماضى:«لقد قلت لى يوما إنك لا تحترمه ولا تقدره، لكن الأهلى عاد وكتب فى الصحف عن عدم صحة ما قيل..»! فرد عليه جوزيه: «لكن أنا شخصيا لم أقم بتكذيب هذا الكلام أبدا، لكننى ببساطة لا أذكر لكى أؤكد». ألا يكفى هذا يا كابتن بدرى؟.. نحن لا نريد أن ننكأ الجراح من جديد، خاصة أننى أتصور أن جوزيه أبدى هذه المرة قدرا من الاحترام لحسن شحاتة عندما أجاب عن سؤال آخر لأنطونينو: «ما تقييمك المهنى لحسن شحاتة؟». فكانت إجابة جوزيه:«ليس دورى تقييم أحد.. لا أستطيع الحكم على شخص فاز بلقب الأمم الأفريقية مرتين». لكن ها هى نغمة «احتمالية» خطأ الترجمة تظهر من جديد فى حوار الأسبوع الماضى.. كان بإمكانى تجاهل الأمر هذه المرة أيضا.. لأن الآراء التى أبداها جوزيه فى حديثه لم تخرج عن مواقفه التى تبناها من قبل. هاجم الصحفيين، والجميع يعرفون كما قال هو نفسه أنه «مقاطع» لهم ولم يدل بحوار صحفى واحد منذ ثلاثة أعوام. هاجم الحضرى وحسين ياسر، وامتدح أبوتريكة وحسن حمدى، والجميع يعرفون موقفه منهم. لكننى أجد الآن أن حديث جوزيه فرصة مناسبة نؤكد فيها أن هناك تصريحات وجملا وكلمات ترد على ألسنة أصحابها، لكننا أحيانا عند النشر، نتوقف أمامها ليس بالتحريف من أجل الإثارة كما يفعل البعض، بل على العكس نتعامل معها بروح المسئولية الاجتماعية والمهنية، فنضطر إلى الحذف حتى لا نصب الزيت على النار، وهذا هو ما فعلناه مع حوار جوزيه، اتباعا لمبدأ عام ننتهجه فى عملنا، خاصة إذا كان المعنى قد وصل إلى المتلقى بالفعل. لكن حتى نضع حدا مستقبليا لما يمكن أن يمس مصداقيتنا أو حتى مجرد التشكيك فيها أو ادعاء «خطأ الترجمة»، فإننا اليوم نقدم الدليل على ما نقول، ومن دون ترتيب مسبق، اليوم ننشر جملة واحدة من عدة جمل قالها جوزيه وحذفنا ها من الحوار المنشور الأسبوع الماضى. كما ننشر نص الإجابة باللغة البرتغالية، لمن يريدون التأكد من الترجمة والتى نعتمد فيها على الزميلين العزيزين المتعاونين المصرى أحمد عبده المترجم الخاص السابق لجوزيه خلال فترة عمله فى الأهلى، والبرازيلى لبنانى الأصل إبراهيم أوسمار الذى تولى ترجمة الحوار الأخير لجوزيه والذى تولاه تحريريا زميلنا العزيز عضو هيئة تحرير «سوبر» بلال المسلمى وتعامل معه بروح المسئولية التى ننتهجها فى عملنا، وبحرص على مشاعر زملاء مهنتنا فى مصر. بالمناسبة تحمس لكتابة هذه السطور ونشر النص البرتغالى زاد بعد قراءة تصريح فى صحيفة «الدستور» المصرية منسوبا للزميل عصام عبدالمنعم رئيس الرابطة العربية للصحافة رئيس رابط النقاد الرياضيين المصريين الذى اعتز به كثيرا، وتربطنى به صداقة واحترام كبيران.. تصريح عاب فيه على «سوبر» قيامها بنشر تطاولات جوزيه على النقاد الرياضيين المصريين الذين يعمل عدد كبير منهم فى المجلة. ولأنه من الصعب علينا أن نواجه لوم الزملاء وعتابهم رغم تأديتنا لدورنا الإعلامى وفق التزام مهنى.. فأصبح الدفاع عن النفس لزاما علينا فى مواجهة تشكيك البعض ولوم البعض الآخر، والذى يطال «سوبر» بين الحين والآخر مع كل حوار مثير ننشره أو قضية ساخنة نتعرض لها.. وحوارنا مع جوزيه ما هو إلا نموذج لمئات الحوارات التى سبق أن أجريناها والتزمنا فيها أصول وأخلاقيات المهنة. سأل مراسلنا فى لشبونة جوزيه فى معرض حوارهما عن الصحافة المصرية فقال: لكنك عندما خسرت المباراة النهائية لدورى أبطال أفريقيا أمام النجم الساحلى التونسى لم تنتقدك الصحافة، بل على العكس دافعت عنك، ألا توافقنى الرأى؟ فجاءت إجابة جوزيه الكاملة التى قالها ونشرناها الأسبوع الماضى بعد حذف إحدى جملها : عندما خسرنا كانت هناك أخطاء واضحة من الحكم، وهو ما تسبب فى حالة استنفار واستنكار فى القاهرة، وقد حول الصحفيون غضبهم ضد الحكم وتركونى فى سلام.. عادة كانوا يهاجموننى حتى عندما نفوز وكنت الأسوأ بالنسبة لهم.. قبل أن نحصل على الدورى المصرى كتبوا أن الأهلى لم يفز بشىء هذا الموسم، رغم كل ما أنجزناه، لقد فزنا بأربع من أصل خمس بطولات لدورى أبطال أفريقيا.. لكن «أهمية الركلة تعتمد على الحمار الذى يقوم بها». لكن ليست لهؤلاء الحمير أى أهمية.. لقد جعلوا مشجعى الفريق فى السنتين الاخيرتين يدركون أن كل ما كتبه الصحفيون عنى كان كذبا. لم تكن هذه الجملة الوحيدة التى تدخلنا فيها بالحذف، بل هناك أجزاء أخرى حذفناها من دون إخلال بالمعنى، لأن جوزيه زاد وعاد فيها لتأكيد المعنى. والأمانة هنا تقتضى أيضا ذكر أن جملة «أهمية الركلة تعتمد على الحمار الذى يقوم بها» هى مثل برتغالى شائع لجأ إليه جوزيه لتوصيل المعنى، وهو أن ما كان يكتبه الصحفيون عنه لم يكن له أهمية أو تأثير على جمهور الأهلى الذى كان يثق به ويدرك أن ما يكتبه الصحفيون عنه ما هو إلا أكاذيب، وبالتالى لم تكن للصحفيين أى أهمية. وعندما اتصلت بزميلنا انطونينو ريبيرو لأقول له إن كلام جوزيه سيثير المشاكل.. قال لى: جوزيه نفسه يعرف ذلك بل وقال فى الحوار أنه يعلم أنهم سيقرأون كلامه وأنه سيثير غضبهم. عندما نشرنا حوار جوزيه لم يكن هدفنا إشعال الساحة بأحاديث القيل والقال، أو أن يشتبك الزملاء.. منهم من يدافع عن الرجل ويبرر وجهة نظره، ومنهم من هاجموه بضراوة..! إنه مجرد حوار مثل أى حديث صحفى نشرناه من قبل، لم تكن فيه آراء جوزيه كلها سوداء.. فكما ذم البعض امتدح البعض الآخر.. ويكفى ما قاله عن مصر وأهلها، «سيبقى الأهلى مرتبطا فى ذاكرتى بأفضل فترة فى حياتى المهنية، فترة كنت فيها محبوبا وصاحب شعبية كبيرة لم أحظ بها فى حياتى.. شىء يفوق الخيال.. الشعب المصرى كبير القلب وعاطفى، وإن أحب فهو يحب بكل ما للكلمة من معنى.. رحيلى عن مصر هزنى لأننى شعرت بأننى جزء من تلك العائلة، أحيانا أشعر بأننى لم أستحق هذا الكم من الصداقة والحنان والمحبة، نلت قدرا من المحبة لم يحصل عليه أى مدرب فى العالم، ليس لدى شك فى ذلك، وهذا شىء لن يمحى أبدا من ذاكرتى».