هناك حراك جديد فى العلاقة الروسية الأمريكية، تغيير إيجابى يعكس ضرورات هذه الأوقات المنطوية على التحديات. إن «روح لندن» التى ميزت الاجتماع الأول بين الرئيسين ديمترى ميدفيديف وباراك أوباما فى لندن قد أعادت إحياء المساواة والاحترام المتبادل والفوائد المتبادلة التى يجب أن تشكل أساس التعاون بين بلدينا. هذه خطوات أولى أساسية. وكما أشار الرئيس ميدفيديف، فإن أزمة ثقة قد نشأت بين بلدينا فى السنوات القليلة الماضية. وباتت علاقتنا السياسية خصومية أكثر من اللازم. وسيتطلب التغلب على هذه التركة بعض الوقت. وعليه فإن على روسياوالولاياتالمتحدة أن تعملا معا على إدارة التوقعات لضمان أن المحاولات الهادفة إلى «إعادة إطلاق» علاقتنا من جديد سيكتب لها النجاح. وإن هذا لا يعنى الابتعاد عن تحديد أهداف طموحة لهذه العلاقة. ولكنه يتطلب تقييما مترويا لما هو ممكن فعلا والوقت الذى سيستغرقه تحقيق هذه الأهداف. إن زيارة الرئيس أوباما لروسيا ستكون مفصلا رئيسيا فى هذه العملية. أجندة القمة بين الرئيسين تتضمن الكثير من القضايا خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، عدم انتشار النووى، تسوية النزاعات الإقليمية، مكافحة الإرهاب، التصدى لتجارة المخدرات والجريمة العابرة للحدود، ووضع هيكلية لآليات الحوار الثنائى. وبروح الالتزام بمعاهدة عدم الانتشار النووى، فإننا سنسعى جادين لتحقيق تقدم حقيقى فى ميدان نزع الأسلحة وضبطها. إن التزام الرئيس ميدفيديف إحداث تخفيضات «حقيقية يمكن التثبت منها» فى ترسانتنا النووية يشير إلى المدى الذى نحن على استعداد لقطعه فى هذا الميدان. وإن النجاح فى هذا المجال سيولد أملا بأننا سنحقق هدفنا المشترك فى نهاية المطاف بإيجاد عالم خال من الأسلحة النووية. إن لدى روسياوالولاياتالمتحدة خبرة فريدة فى ضمان سلامة وأمن المواد النووية. وسيبحث الرئيسان الطرق العملية لتوفير هذه الخبرة لبلدان أخرى، وللترويج للاستعمالات السلمية للطاقة النووية مع تقوية نظام منع الانتشار. فعلى سبيل المثال، نحن نرى احتمالات جيدة لجهود مجموعة «5+1» لإيجاد حل سياسى للمشاكل المتعلقة ببرنامج إيران النووى، حل يأخذ بالحسبان المشاغل الأمنية المشروعة لكل دول المنطقة ودور إيران المهم فيها. وإن روسياوالولاياتالمتحدة تتقاسمان هدف إقناع كوريا الشمالية بالاستجابة لإرادة المجتمع الدولى واستئناف مشاركتها فى المحادثات السداسية للتفاوض على حل للمشكلة النووية فى شبه الجزيرة الكورية. وعلينا أيضا أن نواصل تطبيق بعض المبادرات المشتركة مثل منع الأطراف من غير الدول من الحصول على المواد النووية. والأولوية الأخرى تتمثل فى تنظيم الهيكلية الأوروبية الأطلسية الأمنية التى وافقنا على مبادئها الأساسية رسميا ولكننا كلنا أخفقنا فى وضعها موضع التنفيذ. وفى لندن وافق الرئيسان على بحث المبادرة الروسية الخاصة بمعاهدة جديدة تضمن الأمن الموحد للجميع فى المنطقة الأوروبية الأطلسية. إن المصالح الروسية تتلاقى مع المصالح الأمريكية فى أماكن أخرى أيضا. فالبلدان يتحركان نحو مستوى جديد من التعاون بشأن أفغانستان. فمنذ مارس الماضى عملنا مع الولاياتالمتحدة والناتو للسماح بنقل السلع غير العسكرية عبر روسيا، وسنواصل البحث عن طرق أخرى للعمل معا من أجل خفض الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة فى أفغانستان. وأيضا هناك حاجة إلى جهد جماعى حقيقى من قبل المجتمع الدولى، بما فى ذلك الدمج الكامل لدول المنطقة. وكذلك، وبمعية الأعضاء الآخرين فى اللجنة الرباعية (روسيا، الولاياتالمتحدة، الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى). وبالتشاور الوثيق مع دول المنطقة، فإننا نساعد فى توفير الشروط التى تسمح باستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على أساس قانونى معترف به دوليا، بما فى ذلك مبدأ إقامة الدولتين ومبادرة السلام العربية. وبهذه الروح يعمل بلدانا معا لعقد مؤتمر سلام شرق أوسطى فى موسكو فى وقت لاحق هذا العام. وأخيرا، فإن القمة التى ستعقد فى موسكو ستكون فرصة لمواصلة البحث فى الأزمة الاقتصادية العالمية. فكأعضاء فى مجموعتى ال28، علينا أن نواصل العمل لتحديث البنية المالية العالمية ومعالجة قضايا مثل إيجاد عملات احتياطية إقليمية ومنح الاقتصادات الناشئة دورا أكبر فى المؤسسات المالية المتعددة الأطراف. إن تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين روسياوالولاياتالمتحدة سيساعد أيضا فى ضمان أن جهودنا المشتركة «لإعادة إطلاق علاقتنا» ستكون جهودا قابلة للاستدامة عبر طائفة واسعة من القضايا فى الأمد البعيد. إن روسياوالولاياتالمتحدة تتحملان مسئولية خاصة فى الشئون العالمية. إن لدينا الكثير مما نستطيع عرضه لبقية العالم. فتاريخنا المشترك يشهد على ذلك، والتحديات الحديثة تتطلب منا أن نعمل معا. ومن أجل أن ننجح علينا أن نستهدى بحكمة المفكر العظيم ألبرت آينشتاين الذى قال: «إن المشكلات لا يمكن أن تُحل بذات المستوى من الوعى الذى أدى إلى التسبب فيها». حقيقة الأمر أن علينا أن نتجاوز هذه العلاقة الخصومية التى سادت فى السنوات القليلة الماضية، ونتجه إلى إقامة علاقة تتميز بالثقة والمسئولية المتبادلة. Newsweek