بعد أن أصبحت لغة الجهاد المسلح ضد الدولة شعاره، لم يخف الشيخ السلفى الخمسينى العمر ، المكنى أبوعياض مؤسس حركة «أنصار الدين» التونسية علاقته بتنظيم القاعدة فى كل حواراته وأحاديثه والتى وإن بدت فهى بالنسبة للمراقبين قليلة ومختصرة. يقول أبو عياض واسمه الحقيقى سيف الله بن الحسين عن التنظيم الذى كان يوما أحد ابناء (القاعدة) «نبارك أعمالهم فى الدفاع عن الإسلام ومقارعة الغرب فى محاولته تركيع الأمة، وصلينا صلاة الغائب يوم مقتل الشهيد أسامة بن لادن»، حسبما نقلت إذاعة «موازييك « التونسية فى حوارها معه.
أثار أبو عياض وحركته السلفية المتطرفة انتباه الجميع، بعد رفعه لراية التمرد ضد الحكومة التونسية التى تقودها حركة النهضة (إخوان مسلمين) فى معركة لاستعراض القوة حسبما وصفتها صحيفة «جورنال دى ديمنش» الفرنسية، وذلك بعد ان أصرت حركة أنصار الشريعة على عقد مؤتمرها السنوى الثالث فى العاصمة التونسية رغم حظره من السلطات، ما أدى إلى حدوث اشتباكات وسقوط قتيل وجرحى.
فحلفاء الأمس يتبارون اليوم، تقولوها صحيفة «لوموند» الفرنسية، بعد تحالف الحركات الإسلامية التونسية ضد الحركات العلمانية إبان الإطاحة بنظام زين العابدين بن على لعدة شهور، يستعرض الآن الاثنان قوتيهما، أحدهما بالسلطة «النهضة» والآخر بالسلاح من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية التى خذلت الأولى الثانية فى تحقيقها.
أسس أبو عياض وهو أحد قيادىى مجموعة المجاهدين التونسيين بتنظيم القاعدة فى أفغانستان والذى تصفه «لوموند» بالجهادى العالمى، حركة الشريعة وهى أكبر تنظيم سلفى يدعو إلى الجهاد فى تونس الآن غداة الثورة بشهور.
وبرغم عدم الاعتراف بالحركة قانونيا، إلا أن ناشطيها يرون عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك) أنه «لا يجب اللجوء لغير الله فهو وحده مصدر الشرعية»، ما جعلها تنشط فى الشهور الأخيرة وتتوغل فى الأحياء العشوائية والمناطق الفقيرة بسبب أعمال أنصارها الدعوية والخيرية.
أما عن عددها الحقيقى فيبقى «لغزا» بحسب لوموند، رغم إعلان الحركة عبر صفحتها على فيس بوك أن لديها أكثر من أربعين ألف منتسب قادر على خوض الجهاد المسلح ضد السلطات.
هذا السبيل «الجهاد» الذى اتخذته الحركة شعارا لها، أكسب أبو عياض (47 سنة) قدرة دائمة على إشهار «الحرب» على السلطات التونسية متهما إياها بانتهاج سياسة مخالفة للاسلام رغم هويتها الإسلامية، معتمداُ على تاريخه، إذ كان مطلوبا لسنوات من قبل عدة حكومات (تونس، بريطانيا، تركيا) إلى أن ألقى القبض عليه فى تركيا، ثم سلم لسلطات بن على فى 2003 التى حكمت عليه ب43 سنة، وأطلق سراحه فى مارس من 2011.
وتشتبه الشرطة فى أن أبو عياض المتتلمذ على يد الإسلامى الشهير أبو قتادة، والفار من العدالة منذ سبتمر 2012، هو من نظم مظاهرة احتجاج على فيلم معاد للإسلام سرعان ما تحولت الى هجوم على السفارة الأمريكية، أسفر عن سقوط أربعة قتلى بين المهاجمين.