فى إطار تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وروسيا، أعد مكتب التمثيل التجاري المصري بالعاصمة الروسية موسكو، تقريرا بمناسبة زيارة الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية لروسيا نهاية الأسبوع الحالي. ويشكل الملف الاقتصادى- من هذه الزيارة- جزءا مهما يتعلق بتنشيط التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الروسية إلى مصر في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة، فضلا عن مجالات النقل والصناعات الهندسية.
وركز التقرير على إبراز أهم المعوقات التى تواجه العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر وروسيا الاتحادية، ومن بين المعوقات التجارية قيام بعض الجهات الرقابية الروسية بتشديد الرقابة على الصادرات المصرية، حيث تم فرض حظر على البطاطس المصرية خلال الفترة من مايو 2011 وحتى أبريل 2012 بدعوى إصابتها بمرض العفن البنى دون استنادات معملية واضحة، الأمر الذي سبق، وأن حدث مع البرتقال المصري فى 2008، إلا أن الموسم التصديري الحالي للبطاطس والبرتقال لم يشهد أى مشاكل بشان تشدد الجهات الرقابية الروسية.
كما تتضمن المعوقات عدم وجود آليه تضمن التوريدات الروسية من القمح إلى مصر، خاصة فى حالة تعرض الإنتاج الروسى من الحبوب إلى الانخفاض؛ حيث تدور الشكوك حول إمكانية قيام الحكومة الروسية بفرض حظر على صادراتها من الحبوب أو فرض رسوم تصديريه عليها، علما بأنه سبق قيام الحكومة الروسية بفرض حظر تام على صادراتها من الحبوب خلال عام 2010/2011.
ويعد عدم تفعيل مجلس الأعمال المصري الروسي المشترك من أهم معوقات التجارة بين البلدين، وهناك ضرورة لإعادة تشكيل المجلس على أن يتم اختيار رجال الأعمال من الجانبين بطريقة تراعي مجالات التعاون المتاحة بينهما، ويجرى التنسيق بين الجانبين فى هذا الشأن حاليا.
وبالنسبة للمشاركة في المعارض، لاحظ التقرير انخفاض المشاركة المصرية فى المعارض التى تقام فى روسيا خلال عام 2012، فى حين أن بعض الشركات المشاركة فى تلك المعارض تأتى للتواجد فقط وليس بهدف فتح سوق لمنتج جديد أو زيادة حصتها السوقية، وقد أوصى المكتب بضرورة التواجد فى أهم المعارض التى تقام بروسيا.
وتشمل المعوقات شكاوى عدد من الشركات الزراعية المصرية بشأن قيام الجانب الروسى بوضع أسعار جزافية للصادرات المصرية من السلع الزراعية، خاصة الموالح ومن ثم فرض رسوم جمركية مبالغ فيها، وقد طلب الجانب الروسى موافاته بشكل رسمى بالحالات الخاصة بتلك الشكوى حتى يتم الاستعلام والتحقق منها؛ حيث قام المكتب بطلب المستندات المشار إليها من الجهات المصرية المعنية فى هذا الخصوص.
وعلى صعيد الاستثمارات بين البلدين، هناك بعض المعوقات التي تقف حائلا دون تدفقها، تتمثل فى حالة عدم الاستقرار السياسى فى مصر، والتى قد تشكل عائقا أمام الاستثمار الأجنبى بصفة عامة خلال الوقت الحاضر، فضلا عن تركيز الاستثمارات الروسية على الدول المتقدمة؛ وذلك من خلال شراء أسهم فى شركات كبرى فى تلك الأسواق للاستفادة من خبرات تلك الدول فى إدارة الأصول الاستثمارية أهمها هولندا والولايات المتحدةالأمريكية.
كما تتمثل فى عدم تفعيل إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى مصر، حيث سبق تخصيص منطقة صناعية للجانب الروسي بمنطقة برج العرب فى عام 2007، إلا أن الجانب الروسي لم يتقدم بمشروعات لإدخالها في المنطقة الصناعية المشار إليها، وقد أكد الجانب المصري استعداده لتخصيص قطعة أرض أخرى بنظام "المطور الصناعي" ببرج العرب أو العاشر من رمضان إلا أنه لم يتم تفعيل هذا الموضوع حتى الآن.
ويؤكد تقرير التمثيل التجارى أهمية التركيز على القطاع السياحى فى مصر- بصفة أساسية- للاستفادة من حجم السياحة الروسية التى تزور مصر كل عام؛ وذلك دون القطاعات الأخرى.
وترتبط مصر مع روسيا بعدد من الاتفاقيات التجارية أهمها اتفاق التجارة والتعاون الاقتصادي والعلمي والفني الموقع في موسكو عام 1992، واتفاق تسوية الديون المتبادلة الموقع بالقاهرة عام 1994، واتفاق تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب علي الدخل في موسكو 1997، واتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات في نفس العام.
وبلغت الصادرات المصرية إلى روسيا فى عام 2012 نحو 341.7 مليون دولار منخفضة عن عام 2011، والذى بلغت فيه 482.1 مليون دولار وقد بلغت خلال يناير من العام الجارى فقط 37 مليون دولار.
أما الواردات المصرية من روسيا.. فقد وصلت فى عام 2012 الى نحو 3212.2 مليون دولار مرتفعة عن عام 2011 والذى بلغت فيه 2337 وقد بلغت الواردات المصرية خلال يناير من العام الجارى فقط 122.1 مليون دولار.
وسجل حجم التجارة بين البلدين نحو 3553.9 مليون دولار فى عام 2012 مقابل 2819.1 مليون دولار عام 2011، وفى يناير 2013 سجل 159.1 مليون دولار، فيما سجل الميزان التجارى عجزا بقيمة 2870.5 مليون دولار لصالح روسيا فى عام 2012.
وترجع أسباب انخفاض حجم الصادرات المصرية خلال عام 2012 مقارنة بعام 2011 إلى الحظر المفروض على البطاطس المصرية خلال الفترة من 25 مايو 2011 وحتى إبريل 2012، كما ترجع أسباب زيادة الواردات الروسية خلال تلك فترة إلى رفع الحظر على تصدير الحبوب الروسية إلى الخارج فى يوليو 2011.
وكانت أهم بنود الصادرات المصرية للسوق الروسية هى الفواكه الحمضية مثل البرتقال والليمون والجريب فروت، وأيضا البطاطس والبصل والثوم والفراولة والعنب، بالإضافة إلى منتجات مسطحة من حديد أو صلب ومنتجات السجاد وأغطية الأرضيات اللوحات والصحف من اللدائن وبعض المنتجات القطنية.
فى حين تتمثل أهم بنود الواردات المصرية من روسيا فى القمح ومختلف أنواع الأخشاب وبعض أنواع الزيوت وبعض منتجات الحديد وورق الصحف.
ويبلغ إجمالى الاستثمارات الروسية فى مصر 65.62 مليون دولار حتى 31 يناير 2013 بإجمالى عدد شركات 383 تعمل فى مجالات السياحة والإنشاءات والقطاعات الخدمية وتأتى روسيا فى المرتبة 46 من حيث الدول المستثمرة فى مصر.
أما حجم الاستثمارات المصرية فى روسيا فيصل الى 13.7 مليون دولار حتى نهاية 2012 وتتركز معظمها فى مخازن للأخشاب التى يتم تصديرها إلى مصر وبعض المعاملات العقارية.
وتربط مصر بروسيا علاقات اقتصادية قديمة كانت خطوتها الأولى حين وقعت أول اتفاقية اقتصادية حول مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي (السابق) في أغسطس 1948.
وبدأت تلك العلاقات في التطور في أعقاب ثورة يوليو 1952 حيث تم إنجاز نحو 97 مشروعا حتى 1991 وهو العام الذي شهد تفكك الاتحاد السوفيتي ، ومن اهم هذه المشروعات التى نفذها الجانب الروسى فى مصر تشييد السد العالي في أسوان، ومد خطوط الكهرباء أسوان- الإسكندرية ومجمع الألمونيوم في نجع حمادي ومجمع الحديد والصلب في حلوان ومشروعات كهربة الريف المصري والترسانة البحرية للسفن في الإسكندرية.
كما تم إنجاز مصنع السويس للإسمنت ومصنع شركة النصر للمطروقات في التبين ومصنع شركة النصر لصناعة فحم الكوك والكيماويات في حلوان وشبكة خطوط الضغط العالي للكهرباء (3055 كيلومتر) وأيضا مفاعل أنشاص للأبحاث النووية.
وفي الوقت الحالي يساهم الجانب الروسي في 383 مشروعا في مصر من أهمها مشروعات لتنقيب عن البترول ومجموعة ءجشةحد (ضىٍقمٌكٍُ) التي تمتلك 52% من شركة أوراسكوم تيليكوم وعدة شركات للخدمات السياحية وتتركز أغلبها في مدينتي شرم الشيخ والغردقة، بالإضافة إلى شركتين للتنقيب عن الذهب.
وتعد روسيا من أكبر الاقتصاديات على مستوى العالم وقد استطاعت زيادة الناتج المحلى من 3ر1 تريليون دولار فى عام 2009 ليصل الى 2.024 تريليون دولار عام 2012.
واستطاعت روسيا خفض معدل البطالة إلى 6.2% فى عام 2012 بعد أن كانت 8% فى عام 2009 كما خفضت معدل التضخم الى 5.3% بعد أن كان 11.7% فى عام 2009 واستطاعت روسيا زيادة صادرتها من 304 مليارات دولار فى عام 2009 حتى وصلت فى عام 2012 الى 524.7 مليار دولار.
وتتصدر ألمانيا قائمة الدول المستوردة من روسيا بنسبة 8.2% تليها هولندا ب6% ثم أمريكا والصين تركيا، فى حين بلغت الواردات الروسية 312.5 مليار دولار فى عام 2012.
وتمتلك روسيا احتياطيا نقديا يصل إلى 561.1 مليار دولار حتى نهاية عام 2012 وبلغت الاستثمارات الأجنبية فى روسيا العام الماضي 465 مليار دولار وأهم الدول المستثمرة قبرص وإنجلترا وهولنداوألمانيا وأمريكا وفرنسا.
أما الاستثمارات الروسية فى الخارج فبلغت خلال عام 2011 نحو 361.7 مليار دولار وأهم الدول التى تتلقى الاستثمارات الروسية قبرص والباهاما وهولندا ونيجيريا.
وتمثل أهم الصادرات فى النفط والغاز -المعادن الحديدية وغير الحديدية- الطاقة الكهربائية- الأمونيا، الآلات والمعدات، الأسماك الطازجة والمجمدة، الحديد- الفحم- الحبوب.
أما أهم الواردات الروسية فتتمثل فى اللحوم الطازجة والمجمدة- الزبدة- السكر- المشروبات- المنسوجات- الأحذية- الأدوية- أنابيب الصلب.