كشفت مصادر قانونية وسياسية متطابقة عن أن جماعة الإخوان تدرس حاليا إصدار قانون من مجلس الشورى بخفض سن تقاعد القضاة إلى 65 عاما بدلا من 70 عاما، على أن يصدق عليه الرئيس ويصدره رسميا قبل نهاية العام القضائى الحالى فى 30 يونيو المقبل «حتى ينتهى العام ويكون معروفا وقتها الرؤساء الجدد للهيئات القضائية، وعدد القضاة الجدد المطلوب تعيينهم بالمحكمة الدستورية العليا».
وأوضحت المصادر أن فكرة خفض سن تقاعد القضاة كانت مطروحة بقوة فى دوائر مؤسسة الرئاسة وحزب الحرية والعدالة منذ اليوم الأول لحكم الرئيس محمد مرسى، وأنه تم التغاضى عنها مرتين، الأولى بعد اعتراض المستشار محمود مكى، نائب الرئيس السابق، وتلويحه بالاستقالة إذا تم ذلك، والمرة الثانية عشية إصدار الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر، عندما اعترض المستشار أحمد مكى، وزير العدل، وتمت الاستعاضة عن هذا النص بالنص على إقالة النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود فقط.
وأكدت المصادر أن فكرة خفض سن التقاعد طرحت مرة أخرى قبل صدور قرار الرئيس بدعوة الناخبين للاقتراع فى فبراير الماضى، وأن الخلاف بين المسئولين فى الحزب والرئاسة كان فقط حول السن الذى يتم التخفيض إليه، ما إذا كان 65 أو 64 أو 60 عاما.
وفجرت المصادر مفاجأة بقولها إنه تم بالفعل إجراء حصر دقيق لأعداد القضاة الذين سيتم الإطاحة بهم من خلال هذا القانون، حيث تبين أن 2400 قاض من جميع الهيئات سيحالون للتقاعد إذا تم خفض السن إلى 65 عاما، وأن 2600 قاض من جميع الهيئات سيحالون للتقاعد إذا تم خفض السن إلى 64 عاما.
كما أن الحزب حصل على قائمة بأسماء جميع القضاة الذين سيحالون للتقاعد بناء على هذا القانون المزمع إصداره، وعلى أساسها والحديث للمصادر تم الاتفاق على أن يتم خفض السن إلى 65 عاما فقط.
وأضافت المصادر أن السيناريو الذى كان موضوعا بالفعل بناء على الموعد السابق للانتخابات ونهايتها بنهاية يونيو المقبل، كان يقضى بألاّ يصدر مجلس الشورى هذا القانون، وأن يمتنع الرئيس عن إصدار قرارات جمهورية بتعيين رؤساء جدد للهيئات القضائية، بما فيها المحكمة الدستورية العليا، بعد تقاعد رؤسائها الحاليين، بحيث يترك لأقدم نواب الرؤساء الحاليين سلطة إدارة الهيئات شكليا فقط، لحين إصدار القانون من مجلس النواب المقبل فى مطلع أجندته التشريعية.
إلاّ أن تأجيل الانتخابات لموعد أقربه أكتوبر المقبل، بسبب إعادة قانونى الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية، وحلول شهر رمضان وعيدى الفطر والأضحى خلال فصل الصيف، أدى إلى تغيير السيناريو، وظهور اقتراحات فى الدوائر المسئولة على مدى الأسبوع الماضى (قبل وبعد صدور حكم الاستئناف ببطلان تعيين النائب العام الحالى) بأن يصدر القانون فى أسرع وقت من مجلس الشورى، وأن يدخل حيز التنفيذ تلقائيا بنهاية العام القضائى فى 30 يونيو.
ورجحت المصادر أيضا أن يتواكب مع صدور هذا القانون، إجراء تعديل تشريعى «واسع» فى قانون المحكمة الدستورية العليا، ينظم ترشيح أعضائها الجدد من الهيئات القضائية والجامعات ونقابة المحامين، وذلك لأن خفض السن إلى 65 عاما سيجعل فى المحكمة الدستورية ستة مقاعد شاغرة بحلول أغسطس المقبل، حيث سيتقاعد المستشارون ماهر البحيرى وعدلى منصور وأنور العاصى ومحمد الشناوى وماهر سامى، وأخيرا المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، وسيتبقى خمسة أعضاء فقط هم المستشارون حنفى جبالى (64) السيد حشيش (64) خيرى طه (61) سعيد مرعى (59) وعادل عمر شريف (56 عاما).
مع ملاحظة أن القانون الحالى للمحكمة، الذى صدر فى عهد المجلس العسكرى، يعقد اختصاص اختيار الأعضاء الجدد للجمعية العمومية للمحكمة فقط ومن بين أعضاء الهيئات القضائية مع منح الأولوية لأعضاء هيئة مفوضى المحكمة، كما يمنح الجمعية العمومية سلطة انتخاب رئيسها من بين أقدم 3 أعضاء بها، ولا يملك رئيس الجمهورية مخالفة قرار الجمعية العمومية.
وشددت المصادر على أن وزير العدل المستشار أحمد مكى، أكد من قبل للرئيس محمد مرسى، فى معرض نقاش جمع بينهما حول هذه القضية «أنه لا يرغب فى أن يشهد عهده مذبحة جديدة للقضاة» وأنه أبدى تحفظه على خفض السن بصورة عامة.
لكن هذا الموقف للوزير مكى كان سابقا لإعلانه الاستقالة الأسبوع قبل الماضى، وهو الموقف الذى دفع الرئاسة خلال الأيام القليلة الماضية للبحث عن وزير جديد للعدل، حيث علمت «الشروق» أن مسئولين بالرئاسة أجروا اتصالات مكثفة وسرية بأعضاء نوادى القضاة والهيئات القضائية ل«جس نبضهم والتعرف على ترشيحاتهم لاسم الوزير الجديد» وأن عملية تغيير وزير العدل سيواكبها تعديل وزارى محدود، وشيك، لكن لم يتحدد موعده بعد