مشروعى المقبل عن القدر.. وأخشى اتهامى بمغازلة التيار الدينى بعد غياب 3 سنوات عن السينما عاد المخرج والمؤلف محمد أمين بفيلم «فبراير الأسود»، وهو الاسم الذى كان بمثابة صدمة للجمهور لارتباط شهر فبراير بحدث سعيد فى أذهان المصريين لأنه شهد تنحى مبارك عن الحكم استجابة لمطالب الثورة، أمين فاجأ المشاهدين بالمرور على الثورة مرور الكرام فى أحداث الفيلم، مكتفيا بسرد «فبراير أسود» عاشته البلاد سنوات طويلة، فامتلأت القاعة بضحكات أشبه بالبكاء.
• ألم تخش أن يتخذ الجمهور موقفا سلبيا مسبقا من فيلمك بسبب اسمه؟ شعرت بقلق فى البداية وخشيت أن يعتقد الناس أننى أدين الثورة لأن رحيل مبارك كان فى نفس الشهر، لكن كان من الصعب تغييره لارتباطه بالأحداث، وكان هناك اقتراح قبل العرض بتغيير الاسم لتشابهه مع فيلم سامح حسين «30 فبراير»، غير أننى تمسكت أيضا به وقلت إننى مؤمن بأن الجمهور يمر بحالة نضج كبيرة بعد الثورة وبالفعل اختفت الصدمة بعد أول 4 دقائق من أحداث العمل.
• «فبراير الأسود» انضم لقائمة أفلامك التى تنتمى للكوميديا السوداء وأبرزها «فيلم ثقافى» و«ليلة سقوط بغداد».. فهل تسعى كى يكون لك اتجاه يحمل توقيعك؟ أعتقد أننى أصغر من أن يكون لى اتجاه أو مدرسة ولكن الموضوع هو الذى يدفعنى لهذا بدليل أننى حينما قدمت فيلم «بنتين من مصر» لم ألجأ للشكل ذاته، وفى «فبراير الأسود»، كان لابد من شكل الكوميديا السوداء خاصة أن الموضوع يدور حول الظلم الذى يتعرض له العلماء فى مجتمعنا ونجد أن الفيلم ملىء بالسخرية اللاذعة الأقرب للفانتازيا إيمانا منى بأن شر البلية ما يضحك.
• لكنك فى الفيلم تسخر من مهن أخرى كالرياضة والاعلام؟ حينما نجد اللاعب الذى يجيد لعب كرة القدم أقرب انسان الى رئيس الجمهورية فى العهد السابق ويتم تكريمه باستمرار فى حين أن حال العالم المصرى داخل بلاده «لا يسر عدو ولا حبيب» فهذه مأساة، وأنا لا اقصد التقليل من قيمة اللاعب ولكن هذه هى السخرية التى اتحدث عنها فالمجاز مقصود لتأكيد معاناة العلماء، أما فيما يخص الاعلام فلا يخفى على أحد أننا نعيش أسوأ عصر للاعلام المصرى وجميعنا أصبحنا نشك فيما يحدث على شاشات التليفزيون وكثير من العاملين بالمهنة يتحدثون عن هذه المهزله.
• لماذا اخترت الكلاب وسيلة انقاذ الأسرة من الغرق فى رمال الصحراء؟ لأن الكلاب ارحم كثيرا من أى سلطة ظالمة وأؤكد أنه لا كرامة لعالم فى مصر ولست بحاجة الى ترديد الكلام المعتاد عن ميزانية البحث العلمى بالدولة ومنذ فيلم «ليلة سقوط بغداد»، وأنا أشير الى أزمة العلماء ورغم أننى ضد العنصرية بكل اشكالها ولكنى كفنان ومواطن مستعد أن أكون درجة ثانية بعد العلماء فهم القادرون على دفع البلاد الى الامام.
• العالم فى فيلمك لم يجد أى مانع أن يستغل ابنته بتزويجها من صاحب سلطة ونفوذ حتى يحصل على الأمان.. فهل هذا يتناسب مع قيمة القضية التى تتناولها؟ بطل الفيلم كان يبحث عن الأمان النفسى له ولعائلته بدليل أنه كان يستدعى كل أفراد العائلة حتى المختلفين معه ليصلوا الى وسيلة توفر لهم الأمان وحينما استقر على الفئات الأكثر استقرارا فى المجتمع ونفوذا سواء رجال القضاء والشرطة وأصحاب الثروات كان بحاجة كى يتواصل معهم حتى يوفروا لعائلته الأمان وهنا استخدامه لابنته ليس نوعا من الأنانية بدليل انه لم يجد حرجا كى يحصل على العلاج كى يستطيع أن ينجب ابنا يحصل على جنسية تحميه من بطش النظام.
• لماذا مررت على الثورة مرور الكرام رغم أنك انهيت الفيلم بمشهد الشعب وهو يهتف بسقوط النظام؟ هذا الأمر ظل يراودنى كثيرا أثناء الكتابة فهل أمهد للثورة وأشير الى الحركات الشبابية مثل كفايه و6 إبريل أم أنهى العمل بمشهد يشير الى الثورة وقررت عمل «استخارة فنية» وتوصلت الى أننى لن أخسر كثيرا، لكن كنت فى حاجة لمبرر كى يوقف البطل زواج ابنته من صاحب النفوذ أو القضاء ويتمسك بالعلم أملا فى أن يكون النظام الجديد أفضل من سابقه.
•بعض المشاهدين شعر أنك قمت بتغيير النهاية بعد وصول الإسلاميين للحكم حينما انتهى العمل بسؤال البطل حول امكانية تحقيق العالم مكانة أفضل فى ظل النظام الجديد؟ لم أغير النهاية لكنى آثرت أن ألقى بالكرة فى ملعب المشاهد خاصة أن النظام الحالى لم يكن يعلم عنه أحد أى شىء مع بداية الثورة، وسعدت كثيرا بردود أفعال الناس وأنا أشاهد الفيلم معهم حينما كنت أسمع تعليقات ساخرة تعبر عن الوضع الحالى.
• اعتبر بعض النقاد أن خالد صالح كان مفاجأة العمل.. فما تعليقك؟ سعيد بحالة التوفيق التى حالفتنى فى اختيار فريق العمل وفى مقدمتهم خالد صالح، فأنا مقتنع أنه فنان شامل يستطيع لعب أى دور ولديه ثقة كبيرة فى امكاناته ولديه من السيولة الفنية ما يتيح لأى مخرج أن يوظفه بأى طريقة.
• لماذا تطول الفترة ما بين كل فيلم وآخر تقدمه، وهل ذلك يرتبط بأنك مؤلف أفلامك؟ الفترة تطول ربما لأننى أحتاج وقتا طويلا فى الكتابة الى جانب أن الصناعة نفسها أصبحت متدهورة للغاية بعد أن توقف التوزيع الخارجى، وتوقفت القنوات عن شراء الأفلام وأصبح المنتج يعتمد على التوزيع الداخلى فقط المرتبط بما يحدث بالشارع.
• وهل سننتظر 3 سنوات أخرى لمشروعك السينمائى الجديد؟ مشغول حاليا بأكثر من فكرة سينمائية وربما تتحسن الأوضاع، أحلم بكتابة فيلم عن العلاقة بالقدر بعد الابتلاء الكبير الذى يتعرض له المصريون كل يوم ما بين أم تفقد كل أطفالها فى حادث قطار أو أم يموت ابنها فى مظاهرة.
• لكن مثل هذا الفيلم قد يسبب لك مشاكل مع الرقابة؟ لا أعتقد خاصة أننى انسان عاقل وطنى وأسعى لتنوير المشاهدين بأن من يبتليه ربه ويصبر يضع اسمه بين قائمة أهل الجنة، ولكن الحقيقه مخاوفى الأكبر أن يتم اتهامى بمغازلة التيار الدينى.