استبعد اقتصاديون ومحللون ماليون من توصل مصر لاتفاق قريب مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 4.8 مليار دولار، في ظل الأوضاع السياسية والأمنية السيئة في البلاد، فيما رجحوا لجوء الحكومة إلى الإسراع في طرح الصكوك كبديل سريع، فور انتهاء مجلس الشورى من مشروع القانون الخاص بها. وقال الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي: علينا أن ننسى أنه يمكننا الحصول حاليًا على قرض من صندوق النقد الدولي، لصعوبة الأوضاع السياسية الحالية لمصر، مشيرًا إلى أن الحكومة تخشى من أن يتسبب تنفيذ مطالب الصندوق في إشعال الاحتجاجات.
وأضاف الفقي، أن هناك صعوبة بالغة داخل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي للتصويت لصالح منح مصر القرض، قبل تشكيل البرلمان، وحدوث نوع من الاستقرار، مضيفًا، أنه لن يكون أمام مصر سوى القبول بمقترح الصندوق؛ بتقديم قرض عاجل بقيمة 750 مليون دولار، لمساندة احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.
وكان صندوق النقد أكد أن على مصر اتخاذ إجراءات "جريئة" لمواجهة التحديات الاقتصادية، دون مزيد من التأخير، للحصول على القرض، فيما أشار فخري الفقي، إلى أن مطالب الصندوق تتضمن زيادة الضرائب وتقليص الدعم للطاقة لمختلف الشرائح بما فيها الكهرباء.
من جانبه، قال المرسي حجازي، وزير المالية المصري، في تصريح له أمس الثلاثاء: "إن مصر ترفض عرض صندوق النقد بمنح القاهرة قرضًا سريعًا بقيمة 750 مليون دولار".
وقال علاء الحديدي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية: "إن مصر لن توقع على أي قرض مع الصندوق، إلا في اطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر، وأنه لم يتم بعد الاتفاق على موعد زيارة وفد الصندوق للقاهرة".
وتراجعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 13.5 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي، وهو ما يكفي لتغطية الواردات لنحو 75 يومًا.
وقال وائل عنبة، خبير الاقتصاد ومحلل أسواق المال: "لا أعتقد أن الحكومة ستلبي مطالب صندوق النقد، لأنه إما أن تلبي مطالبه أو مطالب صندوق الانتخابات"، مؤكدًا أن حصول مصر على القرض أصبح مستحيلا، وينبغي البحث عن بدائل أخرى، وأرى أن الحكومة قد تسرع من طرح الصكوك فور انتهاء مجلس الشورى، الغرفة الثانية للبرلمان، من إقرار مشروع القانون الخاص بها لسد جزء من الفجوة التمويلية".
وأكد هشام توفيق، خبير الاستثمار، أن بدون توافق سياسي لن يحدث استقرار ولن تحصل مصر على أي تمويل خارجي بما فيه قرض صندوق النقد الدولي، مضيفًا أنه ليس متفائل بسبب سوء الأوضاع السياسية الحالية.
واستبعد الدكتور صلاح جودة، المستشار الاقتصادي للمفوضية الأوربية، الحصول على قرض صندوق النقد في المستقبل القريب، في ظل تدني المؤشرات الاقتصادية، وانخفاض تصنيف مصر الائتماني الذي بلغ مستوى الخطورة؛ بسبب تردي الأوضاع السياسية والأمنية، مطالبًا باتخاذ قرارات جريئة بتغيير المجموعة الوزارية الاقتصادية الحالية.
وأضاف المستشار الاقتصادي، أنه يمكن الاستغناء عن قرض صندوق النقد، إذا ما تم اتباع خطوات عملية لتقليص عجز الموازنة العامة للدولة، المتوقع تخطيه حاجز 200 مليار جنيه، بنهاية العام المالي الحالي، في يونيو المقبل.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه ليس مع زيادة الضرائب، وإنما فرض أوعية ضريبية جديدة، منها فرض ضريبة على البورصة والثروة الناضبة، ويمكن أن يجلبوا 4.5 مليار جنيه سنويًا، بينما ترشيد الإنفاق في بنود عديدة لا تمس شرائح محدودي الدخل والفقراء يمكن أن توفر نحو 165 مليار جنيه لموازنة الدولة.