سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أجور الحكومة العتيقة .. «مربوطة على الدرجة الزيرو» جودة: وضع الحد الأدنى يتطلب مراجعة التضخم وارتفاع الأسعار كل 3 سنوات عبده: الأجر المتغير إعانة للموظف لاعتراف الحكومة بضعف راتبه ..زيادة الرواتب غير مجدية مع استمرار اقتصاد السوق
وصف خبراء هيكل أجور موظفى الدولة ب«العتيق» كونه لم يعدل منذ الثمانينيات، وشابه تعقيدات بالغة عجز المسئولون الحكوميون عن فك طلاسمها، على حد تعبير البعض. ولم يراع هيكل الأجور طوال عقود ارتفاع الأسعار المتلاحق والتغير فى مستوى معيشة الحياة، ما حمل الموظف الحكومى أعباء فوق طاقته.
استطلعت «الشروق» أسباب خلل منظومة الأجور، وسبل حلها فى وقت يعانى فيه الاقتصاد المصرى كثيرا من العثرات
أرجع الرئيس السابق للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، صفوت النحاس، أسباب الخلل فى منظومة الأجور فى إلى أن الأجر المتغير أصبح يمثل 80% من إجمالى الدخل للموظف الحكومى، فى حين أن الثابت لا يتجاوز 20% فقط، لافتا إلى أن جدول الأجور فى مصر «لم يطرأ عليه أى تغيير منذ عام 1984، ما يؤكد أن هناك حاجة ماسة إلى مراجعته مجددا مع الأخذ فى الاعتبار تطوير علاوات موظفى الجهاز الإدارى للدولة».
ووصف النحاس سياسة الأجور فى مصر ب«غير المكتملة»، معتبرا أن «وضع معايير شفافة لتقييم أداء الوحدات الإدارية بالدولة أصبح ضرورة لا مفر منها، فضلا عن ضرورة الرقابة على أداء المؤسسات، موضحا أن السبب فى معاناة الجهاز الإدارى يعود الى آليات الإدارة المتبعة، مضيفا «وضع خطة تنفيذية لتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور بالقطاع الحكومى أصبح الآن ضرورة لا مفر منها».
من جانبه، أكد مدير مركز الدراسات الاقتصادية، د. صلاح جودة، أن هيكلة الأجور فى القطاع الحكومى أصبح ضرورة، مشيرا الى أنه قدم دراسة كاملة أجراها المركز الى رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف لإعادة هيكلة الأجور داخل الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال والمحليات وغيرها من الجهات المرتبطة، وخلصت تلك الدراسة إلى أن الحد الادنى للأجور لا يجب أن يقل عن 1200 جنيه شهريا، فيما الحد الأقصى للأجور هو 25 ألف جنيه شهريا، أى بنسبة 1 الى 22، وهى نسبة عادلة وتمت دراسة أوجه الانفاق على تعديل هيكل الأجور.
وأضاف جودة أن أى تغيير فى نظام الأجور الراهن للاتجاه نحو نظام أكثر عدالة وعقلانية لابد أن يتزامن مع إحداث ثورة فى أداء الجهاز الحكومى مع تطبيق آليات الثواب والعقاب بصورة صارمة، ومراقبة أدائه لخدمات المواطنين لضمان الجودة والسرعة فى أداء تلك الخدمات، ولضمان التزام العاملين فيه بأوقات العمل وبعدم استغلالها لأغراض أخرى، مضيفا أن الناتج المحلى الإجمالى المصرى بلغ وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى نحو1038.6 مليار جنيه فى العام المالى 2008/2009، وبلغ عدد السكان نحو 80 مليون نسمة، ما يعنى أن متوسط نصيب الفرد فى مصر من هذا الناتج قد بلغ نحو 12 ألف و982 جنيها سنويا أى نحو ألف و82 جنيها شهريا للفرد.
وتابع جودة أن الدراسة أوضحت أنه من الصعب الحديث عن تغيير فى الحد الأدنى للأجر دون أن يكون ذلك فى إطار تغيير شامل لنظام الأجور، بحيث يكون الحد الادنى كافيا لتحقيق حياة كريمة للعامل من خلال قدرته على مواجهة احتياجاته الأساسية، وأن يتغير هذا الحد الادنى تلقائيا كل عام بنفس نسبة معدل التضخم المعلن رسميا، حتى لا تتراجع قيمته الحقيقية أو قدرته على شراء السلع والخدمات، مشددا على ضرورة مراجعة الحد الادنى للأجر كل 3 سنوات لمعالجة الآثار المحتملة لارتفاع الأسعار بأكثر من معدلات التضخم المعلنة.
وأضاف جودة أن ذلك يجب أن يتم دون وضع أى حدود قصوى لقيمة الزيادة فى الأجور الأساسية بناء على هذه النسب ووضع سقف للدخول الشاملة وتوحيد الأجور الأساسية فى الجهاز الحكومى والهيئات الاقتصادية والقطاع العام وفقا للتوصيف الوظيفى، بدلا من التفاوت الرهيب وغير العادل فى دخول العاملين فى مهنة واحدة حسب الجهة الحكومية التى تقوم بالتشغيل.
وفى السياق ذاته، وصف خبير الاقتصاد الدولى، رشاد عبده، البدلات والأجر المتغير الذى يحصل عليه الموظف ب«إعانة غير مباشرة من الحكومة للموظف لاعترافها بقلة راتب الموظف»، مشيرا الى ضرورة إلغاء كل عناصر الأجر المتغير وإدراجها تحت منظومة ثابتة تمثل الدخل الثابت للموظف الحكومى، مستنكرا «سياسة الأيادى المرتعشة التى تعمل بها الحكومة حاليا، فلا يوجد مسئول مستعد لتحمل نتائج أى قرار، فالملاحظ منذ سنوات أن منظومة الأجور الحكومية تعانى خللا واضحا لا خلاف عليه، وبالرغم ذلك، وحتى الآن، لم يتطرق أى مسئول إلى إجراء فعلى لإصلاح تلك المنظومة».
وأكد الخبير الدولى أن كثرة البدلات والحوافز غير الثابتة تضر بالموظف الحكومى ولا تنفعه، موضحا أن «البعد الاقتصادى مفقود لدى الحكومة، ما يجعل الأمل فى الإصلاح ضعيفا»، وأشار إلى أن زيادة الرواتب ليست هى الحل الأمثل فى ظل سير الحكومة الحالية وفق مبدأ اقتصاد السوق الذى لا تخضع فيه الأسعار إلى أى رقابة حكومية، ما يؤثر بالسلب على المواطن، ليصبح تعديل جدول الأجور ومراجعته سنويا بشكل يتناسب مع ارتفاعات الأسعار المستمرة، أمرا ملحا ولا مفر منه.
من جانبها، كانت القائم بأعمال رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، جيهان عبدالرحمن، أعلنت أن الجهاز يعمل حاليا بالتعاون مع وزارة المالية، على تعديل جدول الأجور، الملحق بالقانون رقم 47 لسنة 1978، كون بدايات ونهايات الربط المحددة فيه، لم تعد متوافقة مع ما يحصل عليه الموظف بالفعل، نتيجة لصرف الدولة علاوات اجتماعية خاصة بجميع العاملين فى الدولة، وأصبح «هناك تفاوت ملحوظ بين المتغيرات، ممثلة فى الحوافز والأجور الإضافية والجهود غير العادية والبدلات والمكافآت من جهة إلى أخرى، فبالنسبة للحوافز، مثلا، يتراوح الحد الأدنى ما بين 200% إلى 1800 %، بالإضافة إلى الاختلاف فى المكافآت والمتغيرات، وتتغير الرواتب بين العاملين الذين يعملون فى التخصص نفسه، بنسب تتراوح بين 1% إلى 10%».
وقالت عبدالرحمن إن الجهاز بدأ بالفعل فى إعداد دراسة تهدف إلى أن يمثل الراتب الأساسى لجميع العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة 80% من دخل الموظف، على أن تمثل ال20 % المتبقية المتغيرات، فضلا عن وضع جدول موحد، وتغيير بدايات ونهايات الربط الوظيفى، لافتة إلى أن ذلك يتطلب توفير اعتمادات مالية، وينسق الجهاز حاليا مع وزارة المالية، لوضع خطة لهيكلة الأجور، وهو ما يستغرق فترة من 3 إلى 5 سنوات.
وحصلت «الشروق» على جدول بإجمالى ما يتقاضاه العاملون المدنيون بالدولة مضافا إليه العلاوة الاجتماعية الاضافية، التى أقرها الرئيس محمد مرسى ب15% للعاملين الذين يصل عددهم إلى 6 ملايين موظف تقريبا.
ويبين الجدول منح جميع العلاوات الخاصة بدون حد أدنى ما عدا العلاوة الخاصة لعام 2005 بنسبة 20% بحد أدنى 30 جنيها، والعلاوة الخاصة لعام 2006 بنسبة 10% بحد أدنى 36 جنيها، والعلاوة الخاصة لعام 2012 بنسبة 15% بحد أدنى 50 جنيها.
ويتم حساب الحوافز على أساس بداية ونهاية مربوط الدرجة والعلاوات الخاصة المضمومة (265% من بداية ونهاية الربط) مضروبا فى 200%، مع مراعاة أن علاوات 2005، 2006، 2012 المضمومة بحد أدنى 30، 36، 50 جنيها. ويمثل إجمالى ما يتقاضاه العاملون بداية مربوط الدرجة لكل مستوى وظيفى لمن يتم تعيينه فى بداية كل درجة، ويحسب متوسط إجمالى ما يتقاضاه على أساس اجمالى ما يتقاضاه القائمون بالعمل فعلا، هذا بخلاف ما يتقاضاه العاملون من جهود غير عادية وبدلات وأية مزايا أخرى بخلاف حافز الإثابة.
ويبلغ بداية مربوط الدرجة الممتازة، حسب جدول الأجور الحالى وفق قانون رقم 47 لسنة 1978، 216.9 جنيه دون نهاية مربوط لهذه الدرجة، والدرجة العالية 140 جنيها ونهايتها 202.75 جنيه، ودرجة المدير عام بدايتها 125 جنيها، ونهايتها 192 جنيها، والدرجة الأولى 95 جنيها ونهايتها 174 جنيها، والدرجة الثانية 70 جنيها ونهايتها 159 جنيها، والدرجة الثالثة 48 جنيها ونهايتها 134 جنيها، والدرجة الرابعة 38 جنيها ونهايتها 101 جنيه، والدرجة الخامسة 36 جنيها ونهايتها 77 جنيها، والدرجة السادسة 35 جنيها ونهايتها 62 جنيها. ويصل إجمالى ما يتقاضاه العاملون المدنيون بالدولة، بعد اضافة إجمالى المتغيرات من علاوات ومنح وحوافز إثابة، الى 734 جنيها كبداية لمربوط الدرجة و1013 جنيها كنهاية لمربوط الدرجة، ويكون بداية مربوط الدرجة العالية 1830 جنيها ونهايته 2508 جنيهات، وبداية مربوط الدرجة للمدير العام 1674 جنيها، ونهايته 2389.5 جنيه، وبداية مربوط الدرجة الأولى 1361 جنيها، ونهايته 2192 جنيها، والدرجة الثانية 1201 جنيه ونهايته 2027 جنيه، ومربوط الدرجة الثالثة 871 جنيها، ونهايته 1661.5 جنيه، وبداية الدرجة الرابعة 765 جنيها، ونهايته 1418 جنيها، والدرجة الخامسة 744 جنيها، ونهايته 1168 جنيها، وبداية مربوط الدرجة السادسة 734 جنيها، ونهايته 1013 جنيها.
ويتضح من الجدول أن متوسط ما يتقاضاه العاملون المدنيون يصل الى 2169 جنيها بالدرجة العالية، و2031.5 جنيه بدرجة المدير العام، والدرجة الأولى وصل متوسط ما يتقاضاه الموظف بها إلى 1776.5 جنيه، والثانية 1614 جنيها، والثالثة 1266 جنيها، والرابعة 1091.5 جنيه، والخامسة 956 جنيها، والسادسة 873.5 جنيه.