1 المدن الصغيرة، لا تستوعب الأحداث الكبيرة، حتى أن الحدث يبدو أكبر من حجمه الطبيعي، بينما المدن الكبيرة، تبتلع الأحداث مهما كان حجمها، فننشغل بها، ولكن نستطيع فعل أشياء أخرى بجانب هذا الانشغال.
والقاهرة مدينة كبيرة جدا. يذهب فيها الناس إلى معرض الكتاب، وعلى بعد قريب، تشتعل الاتحادية، ويذهبون للاحتفال بافتتاح مقر دار نشر جديدة، على خطوات من التحرير الذي امتلأ بالغاز، وبعض الدماء.
2 "عندما تكون جنازة يخِب رجال في جلاليب بيضاء، كأنهم جموعٌ في إعلانٍ مجانيّ عن مسحوقِ غسيل، وتذبح لابساتُ السواد أكبر طيورِهن، الأبوابُ مفتوحةٌ والولائمُ تنتظر، قُرباناً لإله الموت كي لا يزورهم قبل أن تكبر الطيور الصغيرة".. غدا، السبت، أول النشاطات الثقافية، لمقر دار التنوير بالقاهرة. تبدأها بتوقيع الديوان الخامس لإيمان مرسال "حتى أتخلى عن فكرة البيوت"، في السابعة والنصف.
3 المقر افتتح الأسبوع الماضي، تحقيقا لفكرة دار النشر صاحبة الثلاثة أضلاع: مصر، لبنان، وتونس.
وهي فكرة، إن تحققت كما ينبغي، سوف تكون رائقة تماما، بحيث أن الكتاب يطبع بثلاث دول في آن. وجاءت العناوين الأولى ل"تنوير" القاهرة متنوعة ومهمة، على سبيل المثال: "شهقة اليائسين" لياسر ثابت، "بلاغة الحرية" عماد عبد اللطيف، "كراهية الديموقارطية" جاك رانسير، ترجمة أحمد حسان، "العقد الاجتماعي" جان جاك روسو، ترجمة عادل زعيتر، "كنديد" فولتير، و"في مستوى النظر" لمنتصر القفاش.
المفارقة أن افتتاح الدار، التي تقع في وسط البلد، جاء وسط معمعة أحداث العنف عند كوبري قصر النيل وميدان التحرير الأسبوع الماضي، غير أن ذلك لم يمنع زحام الحضور من كتاب وفنانين وناشرين: محمد بدوي، إبراهيم عبد المجيد، إيمان مرسال، زين العابدين فؤاد، ليلى علوي، فاطمة البودي، منتصر القفاش، وغيرهم كثيرين، احتفلوا مع حسن ياغي مدير التنوير في لبنان، وشريف جوزيف رزق مدير الفرع المصري وشريكه فادي عوض، ونوري عبيد الشريك التونسي.
4 حصل كتاب "بلاغة الحرية" لعماد عبد اللطيف، عن دار التنوير، على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب، فرع العلوم الاجتماعية. وعماد عبد اللطيف، هو مدرس البلاغة وتحليل الخطاب، بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكتابه من الإصدارات التي تم طبعها قبل افتتاح الدار بفترة، وكان ألقى محاضرة، مصحوبة بعرض تقديمي، تحمل الفكرة ذاتها، بعنوان "بلاغة الميادين"، في معرض تونس للكتاب أوائل نوفمبر الماضي.