ضياء الدين داود: نحن أمام حكومة إتعاس المصريين.. ومعدل الفقر زاد    بتكلفة 35 مليون جنيه.. إدارة المخلفات يكشف تفاصيل تسليم المدفن الصحي الآمن بشبرامنت    وزير الدفاع السنغافوري: نجاح حوار شانجريلا ينبع من عدم الالتفاف حول القضايا    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    عاجل..وسائل إعلام فرنسية تحدّد موعد إعلان انضمام مبابي لريال مدريد    محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 86.2%    بسبب الحداد.. عمر كمال يؤجل طرح أغنيتة الجديدة    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    فضل صيام يوم عرفة.. تعرف عليه    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار ضمن حياة كريمة    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    «مياه سوهاج»: بدء برنامج التدريب الصيفي لطلاب المعاهد والجامعات خلال شهر يوليو المقبل    اللجنة العامة بالنواب توافق علي موازنة المجلس    ارتفاع مؤشرات البورصات الخليجية بدعم من قراءة التضخم الأمريكي    رئيس جامعة القاهرة: استحداث جائزة «الرواد» لإبراز نخبة العلماء المؤثرين    26 عرضا بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    «رجلي اتكسرت».. سوسن بدر تكشف كواليس إصابتها أثناء تصوير «أم الدنيا» (فيديو)    لمواليد برج الحمل.. التوقعات الفلكية لشهر يونيو 2024 (التفاصيل)    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    رمضان عبد المعز: جوهر الشيء الخضوع التام لله    «كوني قدوة».. ندوة تثقيفية عن دور المرأة في المجتمع بالشرقية    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    الإفراج عن المحبوسين على طاولة الحوار الوطني    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    عميد الكلية التكنولوحية بالفيوم يتفقد لجان امتحانات الفصل الدراسي الثاني    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    همت سلامة: موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية وتصريحات الرئيس السيسى خير دليل    600 بالون قمامة.. كوريا الشمالية تعاقب جارتها الجنوبية بالنفايات (فيديو)    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    سنن الأضاحي وشروط الأضحية السليمة.. تعرف عليها    هتجيب الدرجة النهائية فى الفيزياء للثانوية العامة لو راجعت معانا.. فيديو    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    اليوم العالمى لمواجهة الحر.. كيف تحمى نفسك من النوبات القلبية؟    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    4 أعمال مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. احرص عليها    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    الظهير الأيسر وملف المحترفين ودعم الهجوم.. يلا كورة يرصد خريطة ميركاتو الأهلي في الصيف    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة الى مكة المكرمة    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حاضر القانون المصري وماضيه» على طاولة النخبة المصرية في «الشروق»
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 01 - 2013

ساق الشلقاني العديد من الآراء عبر روايات تاريخية محبوكة، كان المفزع بشأنها، بحسب وصفه، أن هناك ردة على المكتسبات القانونية التي حُسمت تقريباً منذ القرن ال19 والقرن العشرين، وللأسف أعادنا الدستور الحالي للوقوف عندها، مثل إقحام الأزهر في التشريع وجعله مرجعيةً قانونيةً وغيرها، «طوال الوقت لا يمكن قراءة التاريخ دون احتشاد عشرات المواقف والوقائع الصالحة للإسقاط على الواقع الآني»، وهذا ما جرى أمس، خلال توقيع ومناقشة الكتاب الأحدث للباحث التاريخى د.عمرو الشلقاني: «ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية»، فالكتاب الذي يستعرض العلاقة المركبة بين منظومة الحكم المدني والنخبة القانونية القائمة على جهاز العدالة طوال مائتي عام، وقوفاً عند العام 2005، كان مثار العديد من النقاشات والأحاديث والشهادات، على مدى ما يقرب من ثلاث ساعاتٍ استضافتها مكتبة الشروق في الزمالك، بحضور نخبة من المثقفين والقانونيين المصريين، كان خلالها الماضي مرآة للحاضر المعيش، خصوصاً هذا الماضي القريب الواصل ما بين ثورتي 1952 و2011.


فوازير القضاء

هذا اللقاء أداره الكاتب والمؤرخ د.خالد فهمي، واستهله المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة جريدة الشروق، بالحديث عن ظروف خروج هذا الكتاب كاشفاً أنه استغرق من الكاتب سبع سنوات كاملة، لكنه وشى بكاتبٍ وباحثٍ جاد معني بالتجويد والدقة، ومتواصل ومتفاعل مع ملاحظات الناشر الذي هو، بحسب المعلم، القارئ الأول والناقد الأول، وصاحب أكثر الآراء إخلاصاً لحرصه على نجاح الكتاب.

وقال المعلم، إن كتاب الشلقاني يكتسب أهميةً خاصة من الظروف التي نعيشها الآن، وطرح المعلم عدة ملاحظات على القضاء المصرى في الوقت الراهن متوقفاً عند عدد من المقولات التي ترددت خلال الفترة الماضية مثل «مقولة الحكم عنوان الحقيقة» وتناقضها مع ما يكشف عنه المستقبل من خطأ بعض الأحكام، والمقولة الأخرى بعدم جواز مناقشة الأحكام، أو الحديث عن القضاة، رغم أن ساركوزى علق مؤخراً على حكم صادر ضده بأن الثلاث قاضيات اللواتي أصدرنه لا يصلحن للعمل في القضاء، لأنهن شيوعيات ومعقدات ومتعصبات للنساء، دون أن يتهمه أحد، كما أشار المعلم إلى أن موضوعاً كبيراً نشر بصحيفة الهيرالد تريبيون الأمريكية كشف عن كون 65% من الأمريكيين لهم رأي سلبي في المحكمة العليا الأمريكية، إذ يرون أفرادها يميلون في أحكامهم تبعاً لأهوائهم السياسية، وكان نتيجة ذلك محاولة علاج ذلك وليس اتهام المستطلع آراءهم بالإساءة للقضاء.

وواصل المعلم استعراضه لما وصفه بال«فوازير» الخاصة بالقضاء، متوقفاً عند نفي بعض القوى لقيام أي برلمان في العالم بكتابة الدستور رغم وجود 54 برلمانًا حول العالم خلال ال30 عاماً الأخيرة كتب دساتيرَ، ومن ذلك أيضاً، والكلام لا يزال للمعلم، القول بأن عشرات المحاكم الدستورية أضربت عن العمل تضامناً مع المحكمة الدستورية المصرية، وهو ما لم يحدث، أو أن العالم كله به محاكم دستورية، وأن المحكمة الدستورية المصرية هي الثالثة على العالم وهو الكلام «غير المنطقي» الذي شبههه المعلم باعتبار معرض القاهرة الدولى للكتاب ثاني معرض على مستوى العالم بينما هو بحسبه ليس معرضاً ولا دولياً.

وتطرق المعلم للحديث عن أزمة الأولتراس، متسائلاً عن دور القضاء في تحقيق صالح المجتمع في القصاص لدماء الشهداء ال74 الذين ماتوا في جريمة فريدة من نوعها، واعتبار المشير طنطاوى لذلك حادثاُ عادياً، واستشهد المعلم بما حدث معه بعد إدانته لقتل شهداء الأولتراس وتسليط الأمن لتوفيق عكاشة لمهاجمته، لافتاً إلى علاقة الأمن بالقضاء والإعلام.


تاريخ القانون

متحدثاً عن الكتاب، قال د.خالد فهمى إنه كتاب مهم وشيق جداً، ومكتوب بأسلوب جيد، ويضم معلومات جديدة ومهمة، وأضاف أن كتاب الشلقاني تصدى لمشكلة غاية فى الأهمية كانت موضوع مؤتمر قام عليه الباحثان بالجامعة الأمريكية، وهى كون القانون المصري لا يٌدرس تاريخه، رغم أنه تاريخ مهم وثري، إذ إن كليات الحقوق لا تدرس سوى شريعة وتاريخ روماني، موضحاً أن كتاب الشلقاني دون أن يقصد قدم رؤية أخرى لتاريخ النظام القانوني والقضائي المصري من خلال كتابات وأفعال أساطين القانون منذ القرن ال19، وحتى يومنا هذا.

وأشار فهمى، إلى أن الكتاب تنبع أهميته من ثلاثة محاور أولها أنه تاريخياً كتاب مهم، وقانونياً كذلك، فضلاً عن أهميته ككتاب سياسي، لافتاً إلى أننا فى مصر ليس لدينا كتاب جيد عن مصر الحديثة، لأن المؤرخين لا يطرحون سوى أبحاث تاريخية مقعرة تستعصى على القارئ العادي، وهو ما يجعل كتاب «ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية» رغم أنه لم يقصد أن يكون كتاباً عن تاريخ مصر الحديثة يلبى هذه الحاجة.

فهمى قدم عرضاً موجزاً لكتاب الشلقاني، مشيراً إلى أنه يبدأ من الإصلاحات القانونية التى قام بها محمد علي وخلفاؤه والتي تمخضت عن المحاكم المختلطة في 1876، مروراً باستعراض تطور مهنة المحاماة من العرضحالجي إلى سعد زغلول، وتمصير كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول، والدور الطليعي لطلبة كلية الحقوق فى ثورة 1919، ثم الفصل الأجمل بحسبه، وهو الفصل المعني بدستور 1923 واستعراض الفكر الليبرالى وكيف استطاعت نخبة هذه المرحلة التوصل إلى دستور محترم، رغم تعدد أطياف هذه النخبة التى كتبت الدستور، وقوفاً عند «انقلاب يوليو» وواقعة الاعتداء على السنهورى باشا ومذبحة القضاء، ووصولاً لانتفاضة القضاة عام 2005.

واختتم فهمى تعقيبه على الكتاب بامتداح أسلوب الكاتب في توضيح وإضاءة الأحداث وافتراض أن القارئ دائماً لا يعرف، مؤكداً على أن التاريخ مهمته مساعدتنا على فهم الحاضر وليس الماضي.


قصة الهوية

الكاتب عمرو الشلقاني، استهل حديثه بتمني أن تسهم قراءة الكتاب في فك طلاسم الفوازير القضائية التي طرح بعضها المهندس إبراهيم المعلم وطرحتها الأحداث الفائتة، وقال: أتمنى أن يكون بعد عامين من تحويل خطاب الثورة إلى خطاب قانوني ألا نعانى من سيادة القانون، وطرح الشلقاني سؤالاً حول هوية نظامنا القانونى وسعة الفجوة فى رؤية النخبة لهذه الهوية، مستشهداً بتصريحين لكلٍ من وزير العدل المستشار أحمد مكي، والداعية السلفى الشيخ ياسر برهامي مؤخراً بجريدة الشروق، إذ يرى مكي أنه لا داع للنص على تطبيق الشريعة فى الدستور، لأنه مطبق بالفعل بينما يرى برهامي أن هناك 12 ألف مادة فى القوانين تحتاج إلى تغيير لتناسب الشريعة.

الشلقاني، قال إن دراسة تاريخ القانون لو وجدت كانت ستساعد فى فهم تباعد قصتى مكي وبرهامي وستضيف قصة ثالثة إلى هذه الرواية الرسمية وغير الرسمية، مشيراً إلى أن الغرض من الكتاب هو محاولة إيجاد هذه القصة الثالثة، وأن يكون الدارسون أوفر حظاً منه في تحصيل بعض المعارف.

وخلال مداخلته التي آثر عبرها ألا يستعرض أو يشي بمحتويات كتابه، ساق الشلقانى العديد من الآراء عبر روايات تاريخية محبوكة، كان المفزع بشأنها، بحسب وصفه، أن هناك ردة على المكتسبات القانونية التى حسمت تقريباً منذ القرن ال19 والقرن العشرين، وللأسف أعادنا الدستور الحالى للوقوف عندها، مثل إقحام الأزهر فى التشريع وجعله مرجعيةً قانونيةً وغيرها.

ثم جاء تعقيب الكاتب على أسئلة ومداخلات الحضور تكملةً لبعض الإضاءات التي ربطت أحداث الكتاب بالواقع الراهن، وجعلت لزاماً على الكاتب إضافة فصول جديدة لكتابه.



المستشار زكريا عبد العزيز وأزمة قانون السلطة القضائية عبر أكثر من 10 سنوات

في سياق تعليقه على أزمة النائب العام الأخيرة، قال المستشار زكريا عبد العزيز، إنه لا صحة لما تردد حول ضرورة ترشيح النائب العام من قبل مجلس القضاء الأعلى، مؤكداً أن هذا لم يحدث في أي يوم من الأيام وأن تلك الأزمة صنيعة من وصفهم بالإعلام المضلل وبعض جهلاء القضاء المصري، وروى عبد العزيز أنه عندما قرروا تعديل قانون السلطة القضائية عقب أزمة تزوير الانتخابات في دائرة دمنهور، وأراد النظام وقتها وبيد رئيس مجلس القضاء الأعلى اغتيال اثنين من كبار الزملاء فى محكمة النقض وإدارة نادي القضاة، جاءت وقفاتهم واعتصاماتهم من أجل استقلال القضاء مالياً وإدارياً، مشيراً إلى أنه شكل فى عام 2002- بداية دخوله النادي - لجنة من أجل مشروع قانون استقلال القضاء، الذى كنا قد بدأناه منذ الثمانينيات لكنه كان حبيس الأدراج.

يقول: «قدمنا القانون لوزارة العدل2003، وبقي في الأدراج لحين الاعتصامات والاحتجاج، حيث بدأت اللجنة المجمدة تنشط، وذهبنا لوزارة العدل وشكلنا لجنة تشريعية كنت أحد أعضائها، وجاءت سيرة منصب النائب العام، حيث كنت مصراً على نقله من منصب سياسى إلى منصب قضائي، لكن أغلب النواب العموم كانوا يعترضون على ذلك بدعوى أن هذا منصب سياسي وكان آخرهم عبدالمجيد محمود، ورفض اقتراحنا بمعرفة بعض الزملاء فى محكمة النقض داخل اللجنة، ويوضح رئيس نادى القضاة السابق، أن ما حدث أنهم تركوا الفقرة الأولى فى القانون كما هي وهي جعل رئيس الجمهورية له الحق في اختيار النائب العام دون أى شروط أو ضوابط قانونية وفي الفقرة الثانية جعلوا لمجلس القضاء الأعلى حق الموافقة على تعيين المحامى العام والنائب العام المساعد وهو ما كان يجعلنا «نشد شعورنا» فما الإنجاز فى ذلك؟

إذن، والكلام لايزال لعبدالعزيز، النائب العام الحالى معين طبقاً لقانون السلطة القضائية المعمول به فى هذا الوقت، قبل تغيير القانون فى الدستور الجديد.

وتابع المستشار، أنه عندما تم تقديم قانون السلطة القضائية للمجلس العسكري بعد الثورة، خرج بعض الزملاء معلنين رفضهم لأن يخرج قانون السلطة القضائية أو تعديلاته عبر المجلس العسكري، وطالبوا بانتظار انتخابات مجلس الشعب، وإذا بهم بعد انتخابه يفتعلون أزمة معه ويقولون إنهم لو كانوا يعلمون أن الانتخابات ستأتي بهذا المجلس لما أشرفوا عليها، وبعد حل مجلس الشعب رفضوا أيضاً عرضه على مجلس الشورى، الخلاصة إذن في رأي عبدالعزيز أن النائب العام الحالي معين طبقاً لقانون معمول به، أما خلع النائب العام السابق كاستجابة لنداء ثورى فهذه مسألة ثانية ومحل نظر، مؤكداً أنه شخصياً اختلف مع ذلك.

ويشير المستشار إلى أن ما جرى مع عبدالمجيد محمود كان استمراراً لما كان يحدث قبل الثورة، فمثلاً ماهر عبدالواحد النائب العام الأسبق من عبدالمجيد محمود، لم يكن يرغب فى رئاسة المحكمة الدستورية العليا لكنه أعطى بحسبه «شلوت» لأعلى، أيضاً إبراهيم القليوبى الذى كان «من أفضل النواب العموم وفتح فى قضية خطيرة جداً» عزله السادات من منصب نائب عام إلى مدير لهيئة النيابة الإدارية لأنه لم يعرض عليه القضية، كما عزل حافظ صادق من منصبه كنائب عام إلى محكمة النقض، وجاءوا بأنور أبو سحلة وزيراً للعدل على خلفية انتخابات نادى القضاة فوز تيار بعينه فى الانتخابات، كما جاء المستشار رجاء العربى نائباً عاماً، والأمثلة جميعها على لسان المستشار زكريا عبدالعزيز، رغم أنه لم يكن أقدم نائب مساعد كما هى القاعدة بل يسبقه خمسة نواب مساعدين، ثم جاء عبدالمجيد محمود من محكمة أمن الدولة العليا، فضلاً عن أن النظام السابق كان يأتي بمستشارين على وشك التقاعد كالمستشار جمال شومان والمستشار بدر المنياوي، ولم يأتوا بمستشارين صغار السن إلا عندما بدأوا التمهيد لمشروع التوريث الذى لم يكن مرتباً له منذ وقت مبكر.

لذا: "نعيب على تصرفات بعض وكلاء النيابة تجاه النائب العام، لأنه لا يليق أن يخالف رجل القضاء القانون، ولذلك طالبت بمساءلتهم تأديبياً، ومحاكمة من احتجز النائب العام أكثر من خمس ساعات واستكراهه على كتابة استقالته منهم جنائياً، خاصةً عندما نجد أن الأسماء التي تزعمت هذه الأحداث هم من أقارب وبطانة النائب العام السابق".

وتساءل عبدالعزيز مستنكراً: منذ متى ونحن كرجال قضاء ولاؤنا للأشخاص وليس لعملنا ومنصتنا؟ وهل كلما اجتمع عشرون أو ثلاثون أو مائة ألف وكيل نيابة سنعزل النائب العام؟، إذن سيجتمع الموظفون ويعزلونا نحن عن منصاتنا، خاصةً أن هذه صارت ظاهرة منتشرة، أيضاً منذ متى والقضاء يعلق عمله، فرغم اعتصامنا بالنادى لمدة 24 يوما عام 2005، لم نعلق العمل، فقط هددنا بعدم الإشراف على الانتخابات حتى لا يلصق التزوير بالقضاء. واختتم حديثه قائلاً إنه لا يجوز سحب الثقة من النائب العام لأنه غير منتخب أصلاً، ولو قال له ذلك أحد وكلاء النيابة كان سيعزله لأنه لا يفهم فى القانون.


محمود فهمى .. شاهد عيان على التنكيل بالسنهوري

إلى جانب المناقشات العديدة التي تضمنتها ندوة الشلقاني، كانت هناك شهادتان لاثنين من أساطين القضاء المصرى هما المستشار محمود فهمي الذي كان شاهداً على حادث الاعتداء على السنهوري باشا عام1954، كما قادته المصادفة لمنع الانقلاب على النظام اليمني فى الستينيات، والمستشار زكريا عبد العزيز الذي كان ضمن قادة استقلال القضاء عام 2005 إلى ما بعد الثورة وقوفاً عند الأزمة الأخيرة للنائب العام.

أولاً: حادث الاعتداء على السنهوري

يروى المستشار محمود فهمي، أنه تصادف في يوم 29 مارس 1954 أنه كان في المبنى الرئيسي لمجلس الدولة لعرض بعض الأوراق على السنهوري، وبعد عرضها فوجئ بشغب أتبعه اقتحام عربتي جيش لبوابة مجلس الدولة وإسقاط البوابة على الأرض.

وقتها كان السنهوري باشا يترأس اجتماعاً لتوزيع الحركة القضائية، لكن تمت الوشاية به عند الرئيس عبدالناصر وإبلاغ الرئيس أن الغرض من الاجتماع، كان إصدار قرار بعودة الجيش لثكناته وعمل دستور جديد، والدعوة للانتخابات البرلمانية، وبعد نهاية الاجتماع خرج المستشار على بغدادي فظنه المتظاهرون السنهوري وقاموا بضربه على سلالم مجلس الدولة ثم تبين أنه ليس هو، فهاجموا مكتب السنهوري باشا وتم ضربه بمروحة مكتبية ومحبرة خزف تسببت له فى كسر في ذراعه وكسر في الترقوة، وفتح رأسه وتمزيق ملابسه ونقل إلى المستشفى العسكرى بكوبرى القبة.

يقول فهمى: «ذهبت ضمن عشرين شخصًا، أغلبنا شباب حديثو التخرج، ومعنا بعض المستشارين بينهم منير دلة، وحسن عشماوى، وحامد حندوسة لزيارة السنهوري باشا بالمستشفى وقابلتنا زوجته وابنته وشكرتانا، واعتذرت لنا زوجته لأنه لا يستطيع مقابلة أحد، وفي طريقنا للخروج حجزنا البوليس الحربي لوصول الرئيس عبدالناصر، بصحبة حارسه الشخصى محمود الجيار وجمال سالم والمشير عبدالحكيم عامر، وأخبرت زوجة السنهوري الرئيس ومن معه بأن الباشا لا يستطيع مقابلتهم، لكن بعد خروج وفد الرئيس، في أثناء خروج وفد القضاة الشباب ومن معهم طلب أحد الضباط منهم كتابة أسمائهم وعناوينهم بدعوى توجيه الشكر لهم، ليفاجأ فهمي في اليوم التالي برئيس إدارته «سيد الدمراوي» يطلب منه أن يلزم بيته لحين إخباره بالعودة للعمل، وبالفعل مكث فى البيت لمدة 13 يوماً، لكنه لم يتم اعتقاله هو وزملاؤه، باستثناء ثلاثة مستشارين ينتمون للإخوان.

ثانيا: انقلاب اليمن

أما في اليمن فقد كان المستشار فهمى هناك، وقت قرر على السلال الانقلاب على أبيه الرئيس اليمنى عبدالله السلال بمعاونة شيوخ القبائل مثل عبدالله الأحمر، وسنان أبوالحوت وغيرهما، إذ كان وقتها القائم بأعمال المستشار أحمد فؤاد أبو العيون كبير الخبراء القانونيين هناك والذي كان المستشار القانوني للمشير عامر وذهب معه فى إجازة، يقول: "فتم استدعائي للقصر الجمهورى لعمل قرار بتشكيل مجلس رئاسي، وكتبوا بيانا من عشر نقاط، وطلبوا منى صياغة قرار بعزل المشير عبدالله السلال وتشكيل مجلس رئاسة، وقتها استعنت بكل ما أحفظه من قرآن داعياً الله أن يكشف عنى هذه الغمة، ثم كتبت، ولا أعرف كيف كتبت هذا، آخر سطر فى هذا القرار بأنه لا ينفذ هذا القرار إلا بعد تصديق الرئيس عبدالله السلال، وكذلك وضعت على اليمين اسم المجلس الرئاسى ووضعت على اليسار رئيس الجمهورية الرئيس عبدالله السلال".

ويضيف: "كان من حسن حظى أن قرأوا البيان باستثناء السطرين الأخيرين، وبعد السماح لي بمغادرة القصر الجمهوري أبلغت ما جرى للواء أنور القاضي قائد القوات باليمن، الذي أبلغه بدوره لأنور السادات الذى كان مشرفاً على المعونة المدنية باليمن، ثم جاء أنور السادات واجتمع بهم وأقنعهم بالسفر إلى مصر لعرض الأمر كله على الرئيس عبدالناصر فصعدوا إلى الطائرة وبعد وصولهم القاهرة هبطوا فى مطار ألماظة وتم القبض عليهم وإيداعهم بالسجن الحربى بالقلعة، ثم عاد أنور السادات إلى اليمين بصحبة رئيسها عبدالله السلال بعد إجهاض الانقلاب عليه، وأنعم على الرئيس السلال بوسام المواطن الصالح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.