حول جبل جرزيم... التصقت الطائفة السامرية بمدينة نابلس حول قبلتهم المقدسة، ومنذ ما يزيد عن 3 آلاف سنة احتفظوا بأقدم نسخة للتوراة بالعالم، وشكلوا نواة أصيلة للمجتمع الفلسطيني التي لا تزال الطائفة الأصغر بالعالم والتي لا تتعدى 700 سامري.
على مدخل جبل جرزيم، تعهد لجنود الاحتلال الإسرائيلي أن أحدا منا لن يخالف قواعد الأمن، حيث استقبلنا مدير بيت ضيافة الطائفة السامرية، رجائي الطيف، ومهد زيارتنا للمنطقة (ج) التي تفرض إسرائيل سيطرتها عليها بموجب اتفاق أوسلو 1993.
"إحنا بنؤمن بوحدانية الله"... هكذا بدأ الطيف حديثه عن السامريين، مستطردا: "ونؤمن بنبي واحد وكتاب مقدس واحد... موسى بن عمران وخمس أسفار للتوراة – في حين يؤمن اليهود بسبعة أسفار - ونؤمن بمكان مقدس واحد جبل جرزيم، وأن هناك يوما للحساب والعقاب".
وينسب السامريون إلى شامر الذي باع جبلا للملك عمري وبنى عليه مدينة شامر، والتي حرفت إلى سامر ومن ثم السامرة نسبة لمالكها الأول.
وفي إنصات شديد.. يمضي الطيف قائلا: "اليوم المقدس في الأسبوع هو يوم السبت... لا نفعل فيه شيئا وتقدر تقول إننا بننقطع عن الاتصال بالعالم الخارجي".
وفي نبرة تفصيلية يوضح الطيف: "إحنا مش يهود الديانة اليهودية غير موجودة الديانة الأصلية هي ديانة بني إسرائيل، يعني يعقوب الذي أعطاه الله اسم إسرائيل وأبناؤه صاروا بني إسرائيل وهم 12 سبطا، وفي 3 أسباط منهم يشكلون هذه الديانة هم أسباط يوسف ولاوي ويهودا".
ويتابع: "الديانة السامرية تشكلت من سبطين سبط يوسف ولاوي، في حين إن الديانة اليهودية أخذت سبط يهودا وعملوا منه الديانة اليهودية، لكن فعليا اسم الديانة هي بني إسرائيل، إحنا أعطينا لحالنا اسم السامرية، لأننا محافظون لكن احنا اسمنا بني إسرائيل".
ويعدد الطيف أعياد السامرين- الذي بين أن رقم 7 يحتل مكانة رفيعة لديهم، وأن شعار الديانة العبرية "المينوراه" الشمعدان الذي يتكون من سبعة أذرع تمثل أيام الأسبوع، وتحتفل الطائفة بسبعة أعياد بالعام هي: الفسح وعيد أكل الخبز العويس وعيد رأس السنة وعيد الحصاد وعيد الغفران وعيد العرش وعيد "فرحة التوارة".
الطهارة أكثر ما يميز الطائفة السامرية، حسب الطيف، حيث إن الرجل لا يخرج إلا وهو طاهر، وإذا حاضت المرأة تجلس منعزلة عن البيت لمدة 7 أيام، أما الذكور من المواليد فيختانون في اليوم الثامن من الولادة أسوة بختان سيدنا إبراهيم عليه السلام لولده إسماعيل.
منذ أكثر من 900 عام، عاش أكثر من 2 مليون سامري في فلسطين، وبعد دخول الإسلام والمسيحية أخذت أعدادهم في التناقص حيث اتجه كثيرا منهم إلى الديانتين الجديدتين، لصعوبة السامرية وصعوبة المحافظة على يوم السبت والعادات والتقاليد، بحسب الطيف.
ويضيف: "كثير من السامريين اعتقدوا بأنه ما دام الله واحد في المسيحية والإسلامية فلا يوجد مشكلة في اعتناق ديانات أخرى تؤمن بالوحدانية، ومن جانب آخر كان هناك استخدام لقوة السلاح كي يتحول السامريين إلى ديانات أخرى".
ويشكل السامريون جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وتأثروا بكل الصراعات التي مرت بفلسطين على مدار التاريخ، ومن بينهم سجناء سياسيون في سجون الاحتلال، وخصص لهم القائد الراحل ياسر عرفات مقعدا في المجلس التشريعي السابق.
وهم محظوظون لتمتعهم بثلاث هويات أردنية وفلسطينية وإسرائيلية، وعلى الرغم من ذلك يراهم اليهود المتشددين خارجين عن اليهودية، لكن آخرون يقولون إنهم جزء منها مختلف نوعا ما.