يظل بكل ما به من مظاهر فنية وشعبية جزءا من التراث الشعبي والفني الذي كاد يندثر، رغم غرابة طقوسه واعتراض البعض عليها من الناحية الدينية، ومن ناحية جدواه العلمية بالطبع، لكنه بلا جدال إنه «الزار».
نتعرف على الزار بأنه مجموعة من الطقوس الشعبية لطرد الجن الذي يعتقد البعض أنه يتلبس الناس، لذلك فالزار يقوم عند معتقديه بوظيفة علاجية، وهذا الطقس له كلمات ورقصات خاصة تصاحبها دقات معينة صاخبة على الدفوف.
يشار إلى أن الزار أصله كلمة مستعارة على الأرجح من اللغة الأمهرية، ويذهب بعض الباحثين إلى أن أصل كلمة الزار عربي، وهي من زائر النحس، وقيل إن لفظ زار محرف من إله وثني عند الحبشيين.
قالت بسمة حبيب، مساعد مدير مركز «مكان» الثقافي بالقاهرة، الذي اشتهر بإقامة حفلات الزار بصورة دورية، إن الزار يمثل جزءا من الموروث الثقافي المصري الأفريقي قارب على الانقراض، وفي ظل سعينا لحماية كل ما هو تراثي قررنا إقامة حفلات الزار بشكل يغلب عليه الطابع الفني.
وأوضحت أن المركز يستهدف تعريف الناس بثقافة غير معروفة، فكل من يأتي يتوقع أن يكون الزار بشكله التقليدي المقدم من قبل وسائل الإعلام المختلفة، وإنما الحقيقة أنه يتناول الزار بشكل روحاني فني وتقديمه بألوانه الثلاثة المعروفة وهي: اللون المصري، والسوداني، والحبشي.
وعلقت بسمة فيما يخص الأدوات المستخدمة في العرض، قائلة: إن هناك «الطنجور»، وهو مثل الحزام يلبسه أحد أعضاء الفرقة حول وسطه ومكون من حوافر الأبقار والدواب، و«الطنبورة»، وهي آلة عزف تصنع يدويا شبيهة بالقيثارة، وهاتان الأداتان تعدان من المكونات الأساسية التي لا غنى عنها في الزار.
ويحرص على الحضور أسبوعيا بصحبة فوج من الطلبة الدكتور "سيد صادق"، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، معللا ذلك بأن مركز «مكان» يرعى الفنون التي أوشكت على الانقراض فلا يوجد مكان سواه يقوم بتقديم الزار تحديدا، كما أنه من المواقع الثقافية القليلة التي تقدم الزار على الطريقة السودانية، ويحرص على أن يتعرف طلابه على الثقافات والفنون الأصيلة خاصة الأفريقية منها.
وأبدت "سيرينا بيلكاست"، سائحة إيطالية، إعجابها بالزار للغاية، حيث إنها أول مرة ترى شيئا كهذا، فهو يمثل جانبا لم تره من قبل في الثقافة المصرية، حتى وإن لم تفهم معنى الكلمات فالموسيقى وحدها تكفي.
وأكدت "مديحة"، مغنية بفرقة الزار: أنها انضمت للفرقة عند بداية تأسيسها منذ 10 سنوات، وأنها ورثت عملها ك «كودية زار»، غير أنهم كانوا يمارسون طقوس الزار كاملة وبهدف طرد الجن، إلا أن المركز يقدم الزار سماعيا فقط، ومن الأغاني التي يستخدمونها في الزار «حكيم باشا»، و«أسمر يا حليوة»، وكلها موروثات شعبية تغنى للتغزل في الجن محاولة لتهدئته.