فى يونيو 1989، وحرارة الجو تزيد من التهاب الموقف فى إيران بعدما توفى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله روح الله الخمينى، ولا يوجد بديل يتفق عليه الجميع، توجه أكبر هاشمى رفسنجانى، الرئيس الجديد آنذاك، إلى مجلس الخبراء وخاطب الحضور، قائلا: «سألت الخمينى فى أواخر أيامه ماذا نفعل بعد رحيلك؟ فأجابنى: لا تخافوا فخامنئى بينكم»، ليصبح آية الله على خامنئى مرشدا أعلى للثورة. إذن ما الذى حدث بين صناعة رفسنجانى (78 عاما) للقرار الأهم فى إيران خلال ربع القرن الماضى، وبين اعتقال أبنائه فائزة ومهدى خلال الأيام الماضية؟. درس رفسنجانى علم الأديان بمدينة «قم» مع الخمينى، ثم أصبح أحد أنصاره المقربين، قبل أن يتولى رئاسة البرلمان بين عامى 1980 و1989. وفى آخر أعوام الحرب العراقية الإيرانية، التى وضعت أوزارها عام 1988، عينه الخمينى قائما بأعمال قائد القوات المسلحة.
وبعدها، تولى رافسنجانى الرئاسة خلفا لخامنئى من عام 1989 إلى 1997 ليبدأ الشقاق بين الرجلين، ففى الانتخابات الرئاسية عام 1997 شارك «أكبر ناطق نورى» فى الانتخابات، وأفادت كل المؤشرات بأن خامنئى اختاره للمنصب، لكن رفسنجانى رفض ذلك، داعيا إلى انتخابات نزيهة، فى تحد للمرشد الأعلى أوصل محمد خاتمى إلى كرسى الرئاسة.
فما كان من خامنئى بعدها إلا أن أوصى رفسنجانى بعدم الترشح عام 2005 فى مواجهة أحمدى نجاد، إلا أن رفسنجانى رفض النصيحة، لتزداد العلاقات سوءا بين الرجلين بعد انتخاب أحمدى نجاد، حيث ما زال رفسنجانى يعتقد أنه وصل للحكم بالتزوير، واستمر الرجلان فى توجيه الضربات لبعضهما البعض، ففى 2007 طالب رفسنجانى مجلس الخبراء بتحديد خليفة لخامنئي، بدلا من أن تفاجأ الجمهورية الإسلامية كما حدث عند وفاة الخمينى.
كما دعم رفسنجانى، الرئيس الحالى لمجلس تشخيص مصلحة النظام، عام 2009، ما عرف بالثورة الخضراء، التى اندلعت عقب فوز أحمدى نجاد بولاية رئاسية ثانية فى انتخابات شابتها شكوك حول تزوير ممنهج استخدمه الرئيس للتغلب على منافسيه الإصلاحيين.
لكن هذه المرة، جاء رد خامنئى قاسيا، حيث أزاح رفسنجانى من رئاسة مجلس الخبراء عام 2001، لتتوالى الضربات حاليا عبر باعتقال ابنته فائزة وابنه مهدى؛ على خلفية اتهامات لهما بمعاداة النظام.