يحرص أكثر من مليون زائر سعودي، ومن مختلف الجنسيات في ذكرى اليوم الوطني السعودي، الذي يوافق 23 سبتمبر من كل عام، على الاطلاع عن كثب على قصة كفاح الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود، أثناء توحيد المملكة العربية السعودية التي احتضنها حصن المصمك بالرياض، على مدى عقود من الزمن، حيث يروي الحصن لزواره بعد أن تحول إلى متحف تاريخي عام 1416ه، مراحل بناء الدولة السعودية؛ ومنها مرحلة استرداد الرياض في شهر شوال عام 1319ه الموافق 1902م.
وتعود قصة بناء المصمك، إلى عهد الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود الذي شرع في تشييده عام 1282ه/ 1865م ضمن قصر كبير في الرياض، بينما أطلق عليه المصمك نسبة لمواصفات بنائه السميكة والمرتفعة؛ ليظل على مدى 147 عاما متربعًا وسط الرياض القديمة، محاطة بسور طيني يبلغ ارتفاعه 20 قدمًا، تعزلها عن العالم الخارجي خمس بوابات هي " الثميري، والسويلم، ودخنة، والمذبح، والشميسي".
ولم تغب مكانة المصمك في الرياض الحديثة، فقد برز بشموخه التاريخي العريق وسط المباني الحديثة، والطرق المعبّدة التي تجاوره، محيطة بأركانه وجدرانه إضاءات بألوان الذهب تعكس للناظر "حينما يدنو النهار" هيبة حضور الحصن الذي وصفه المعماري البريطاني «كريستوفر ألكسندر» بأنه "الغموض الممتع" الذي يدفعك إلى المشاهدة ومحاولة الاكتشاف، حيث جمع المصمك في تصميمه ما بين الصرح العمراني العريق، وتكوين العمارة التقليدية.
وقد تم بناء المصمك من اللبن والطين الممزوج بالتبن، أما الأساس فقد بني من الحجارة، وكسيت جدرانه الخارجية والداخلية بلياسة من الطين، فيما كسيت أعمدته ومداخل أبوابه بطبقة من الجص، واستخدم في تغطية أسقفه خشب جذوع شجر الأثل، والجريد، وسعف النخل المغطى بطبقة من الطين؛ ليبرز هذا الموروث المعماري البسيط أهمية المصمك كحصن دفاعي من جهة، وكوسيلة لترسيخ عُمق الهوية السعودية من جهة ثانية.
وفي عام 1399ه، قامت أمانة مدينة الرياض بوضع خطة ترميم شاملة للحصن، وأجريت له إصلاحات عامة من الداخل والخارج اكتملت عام 1403ه، وتم تحويل المصمك إلى متحف متخصّص عن مراحل توحيد وتأسيس المملكة؛ ليتم افتتاحه في 1416ه.
ويميز الحصن بوابته الخشبية الرئيسية الواقعة في الجهة الغربية للمبنى على ارتفاع 3.60 مترات، وعرض 2.65 مترًا، وبسمك 10 سنتيمترات، ويوجد على البوابة ثلاث عوارض يصل سمك الواحدة منها نحو 25 سنتيمترًا، وفي وسطها فتحة ضيقة تُسمى "الخوخة"، وعند عبور الزائر هذه البوابة لدخول الحصن، يلفت نظره في الجهة اليسرى "المسجد" الذي يحتوي على عدة أعمدة طينية سميكة، وفي جدرانه أرفف متعددة للمصاحف، إضافة إلى محراب مجصّص وفتحات للتهوية في السقف والجدران.
كما يتميز ب"الديوانية" التي تقع في مدخله الغربي، محتوية على غرفة مستطيلة الشكل يقف في زاويتها ما يسمى بالوجار (مكان إعداد القهوة)، ويخترق الهواء جهتها الغربية والجنوبية عبر فتحات للتهوية والإنارة، في حين يتوسط فناء الحصن من الجهة الشمالية الشرقية "البئر"، الذي تُسحب منه المياه عن طريق المحالة المركبة على فوهته بواسطة الدلو؛ ليمدّ أرجاء المصمك بالمياه اللازمة للشرب.
وللمصمك أربعة أبراج مخروطية الشكل، يبلغ ارتفاع الواحدة منها (14 مترًا) وفي الوسط يوجد برج "المربعة" بطول ( 18 مترًا) ، كما يوجد فناء رئيسي تحيط به غرفة ذات أعمدة متصلة ببعضها البعض داخليًّا، ويوجد بالفناء درج في جهة الشرقية يؤدي إلى الدور الأول من الحصن والسطح، علاوة على ثلاث وحدات سكنية الأولى، استخدمت لإقامة الحاكم، والثانية كبيت للمال، والثالثة لإقامة الضيوف.