يهدف اعلان الولاياتالمتحدة بأنها تنوي نشر نظام رادار متقدم ثان في اليابان الى تطمين الجانب الياباني المتخوف من امكانية قيام كوريا الشمالية بتطوير ترسانة من الصواريخ البالستية بعيدة المدى مزودة برؤوس نووية. ولكن القرار سيثير ايضا قلق الصين، التي تعتبر تمدد المنظومة الصاروخية الامريكية في منطقة شرق آسيا تهديدا لمصالحها الاستراتيجية الحيوية.
يذكر ان اليابان تمتلك بالفعل نظاما دفاعيا مضادا للصواريخ البالستية، حيث كانت بحريتها قد حصلت على اربعة منظومات مضادة للصواريخ من طراز (ايجيس) مركبة على اربع مدمرات، وهي نفس المنظومات التي تستخدمها البحرية الامريكية لدرء خطر الصواريخ.
كما تنشر القوات المسلحة اليابانية بطريات صواريخ باتريوت من طراز PAC-3 على اليابسة، ومن المقرر ان ترفد اليابان بحريتها بسفينتين حربيتين تحملان منظومة ايجيس اضافة الى المزيد من صواريخ باتريوت.
الهدف الرئيسي لهذا التسلح الياباني هو كوريا الشمالية، فقد ساد في اليابان غضب شديد عندما قامت بيونغيانغ في عام 1998 باطلاق صاروخ بالستي متوسط المدى حلق في الاجواء اليابانية.
كانت تلك الحادثة هي التي دفعت اليابان الى تزويد قواتها بمنظومات دفاعية ضد الصواريخ، وقد تسارع الاهتمام الياباني بهذه الاسلحة بتنامي القدرات الصاروخية الكورية.
ولكن الصين كانت تراقب هذه التطورات بتوجس.
اسلوب مختلف
هناك في الموقف الصيني ازاء تنامي القدرات المضادة للصواريخ في اليابان شبه بغضب روسيا على الخطط التي وضعها حلف الاطلسي والولاياتالمتحدة لنشر منظومة صواريخ مضادة للصواريخ في اوروبا.
فبينما يقول الغرب إن الغرض من هذه المنظومة هو الدفاع عن الدول الاوروبية ضد هجمات صاروخية ايرانية محتملة، تخشى موسكو من يؤدي نشر هذه المنظومة الى إفقاد ترسانتها الصاروخية النووية فاعليتها وتأثيرها وبالتالي إفقاد مبدأ الردع النووي معناه.
وتساور الصين مخاوف مماثلة، رغم الطبيعة المحدودة للدرع الصاروخية الحالية في آسيا.
ويتساءل الخبراء الصينيون عما قد يحصل لو اثبتت هذه المنظومات الدفاعية فاعليتها، الن يؤدي ذلك الى توسيعها مما قد يثير تساؤلات حول فاعلية قوة الردع الصينية؟
ثمة مصدر آخر للقلق الصيني.
يحتل مبدأ يطلق عليه "حرمان المساحة" حيزا مهما في العقيدة البحرية الصينية كاسلوب لتحييد التفوق الذي تتمتع به البحرية الامريكية التي تعتمد بشكل اساس على المجموعات المحاربة التي تقودها حاملات الطائرات.
فبدل ان يزود الصينيون بحريتهم بعدد مماثل لما لدى الامريكيين من السفن وحاملات الطائرات، قرروا سلوك منحى مختلف.
فقد طوروا ونشروا تشكيلة من الاسلحة الساحلية التي تتمتع بقدرة اصابة الاهداف البحرية على مسافات بعيدة بضمنها صاروخ بالستي يبلغ مداه 2700 كم اكتسب لقب "قاتل الحاملات." ولكن سيكون من شأن نظام دفاعي صاروخي فعال ان يبطل مفعول الصاروخ الصيني هذا.
اذا كان للتوترات السائدة حاليا ان تخفت، يتوجب على الصين والولاياتالمتحدة ان تتوصلا الى فهم افضل للتفكير الاستراتيجي لكل منهما، وقد يكون تعميق العلاقات بين جيشي البلدين سبيلا لذلك.
ستتوفر فرصة لوزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا لشرح ما ترمي اليه واشنطن من نشر المنظومة الرادارية الجديدة في اليابان للجانب الصيني في زيارته الحالية لبكين.
ولكن كما الامر بالنسبة للروس، ينظر الصينيون الى النظام الدفاعي الامريكي من منظورهم الاستراتيجي الخاص الذي يختلف تماما عن المنظور الامريكي - الياباني.