«صبرا» هو أحد أحياء محافظة جبل لبنان، ليس كما يُشاع أنه مخيم للاجئين الفلسطينيين، لكن اسمه ارتبط بمخيم شاتيلا المحاذي له بعد مجزرة 1982، التي قام بها الجيش الإسرائيلي، بقيادة أرئيل شارون وزير الدفاع آنذاك، وبمساعدة من حزب الكتائب اللبناني وقواته. بدأت قصة المجزرة بعد ساعات قليلة من دخول قوات الاحتلال إلى بيروت، إبان الاجتياح الإسرائيلي لها، ورغبة إسرائيل في التخلص من المقاومين الفلسطينيين، داخل مخيم شاتيلا؛ فتحالفت مع حزب «الكتائب اللبناني»، الذي أراد هو الآخر طرد الفلسطينيين الموجودين بالمخيم، خارج لبنان.
وبعد إعلان الحليفتين ضرورة إخلاء المخيم من الفدائيين، بدأت عملية الإبادة يوم الخميس في 16 سبتمبر؛ حيث قام الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي، بإنزال 350 مسلحًا من حزب الكتائب اللبنانية، بذريعة البحث عن 1500 مقاتل فلسطيني، وفي تلك الفترة كان المقاتلون الفلسطينيون خارج المخيم، وانتشرت القوات داخل شوارع المخيم، حتى وصلت إلى حي «صبرا» ذي الأغلبية اللبنانية أيضًا.
استمرت المذبحة ثلاثة أيام كاملة، أغلقت خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلي كل مداخل المخيم، وتم فعليًا عزله عن الجوار، ولم تُعلم وسائل الإعلام بالخبر إلا بعد انتهاء المجزرة؛ فرغم ما تسرب من أخبار، لم يستطع أحد استيعاب الأحداث، أو ما يجري داخل المخيم، ليدخل الصحافيون بعد ذلك ويُفاجؤوا بحجم الكارثة التي حلت بالفلسطينيين.
وعلى إثر المجزرة، أمرت الحكومة الإسرائيلية، المحكمة العليا، بتشكيل لجنة تحقيق خاصة؛ حيث قرر إسحاق كاهان، رئيس المحكمة العليا، أن يترأس اللجنة بنفسه، وسُميت ب«لجنة كاهان»، والتي أعلنت نتائج البحث عام 1983، وأقرت أن «شارون» يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المذبحة، كما انتقدت اللجنة رفائيل إيتان، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وقادة المخابرات؛ لأنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون حدوث المذبحة.
شاهد العالم كله الدماء تغطي المخيم، وقبورًا جماعية تجمع الفلسطينيين واللبنانيين، وأشلاء الأطفال والنساء بالشوارع؛ حيث قُدر عدد الذين استشهدوا في المجزرة ما بين 3500 إلى 5000 شهيد، ثلاثون عامًا في انتهاكات إسرائيلية مستمرة دون رادع، لم ينتبه العالم فيها لمأساة الفلسطينيين.
